اغتيال المعارض التونسي اليساري شكري بلعيد اندلاع احتجاجات ومتظاهرون يهاجمون مقرات النهضة اغتيل أمس الأربعاء بتونس المنسق العام لحزب الديمقراطيين الموحد شكري بلعيد الذي يعتبر من أبرز المعارضين اليساريين للإسلاميين و للحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية. وتعتبر هذه أول عملية اغتيال لشخصية سياسية تشهدها تونس منذ الإطاحة بنظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في 14 جانفي 2011. و أمام هذا المنعطف الخطير الذي آلت إليه الأوضاع السياسية و الأمنية المتأزمة بتونس، قطع الرئيس منصف المرزوقي زيارته لفرنسا وألغى زيارته لمصر للمشاركة في قمة التعاون الإسلامي ودعا إلى الحذر من الفتنة والعنف. و في تطورات متسارعة ، هاجم متظاهرون تونسيون أمس مقرات حزب النهضة و خرج الآلاف منهم في عدة مدن تونسية للتنديد باغتياله. من جهته حذر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية، من أن يجر قتلة بلعيد البلاد نحو حمام دم، نافيا ضلوع حزبه في اغتياله. و قال الناطق الرسمى باسم وزارة الداخلية التونسية خالد طروش أن أجهزة الأمن تحصلت على معلومات تخص المجرم الذي أقدم على اغتيال الراحل شكري بلعيد دون أن يفصح عن المزيد من المعطيات والتفاصيل. وأبرز أن معلومات أولية تفيد بأن شخصا قام باغتيال شكري بلعيد في حين تولى شخص ثان تأمين هروبه على متن دراجة نارية. وبعد أن ندد بهذا الاغتيال، أشار خالد طروش إلى أن الوحدات الأمنية تعمل جاهدة من أجل الكشف عن ملابسات هذه الحادثة وإحالة المتورطين فيها على القضاء. السلطات التونسية دخلت أمس في حالة طوارئ، حيث سارع الرئيس محمد منصف المرزوقى بالعودة الى بلاده قادما من ستراسبورغ بفرنسا فيما قرر إلغاء مشاركته في القمة الإسلامية التي افتتحت أمس بالقاهرة .و حذرت الرئاسة التونسية في بيان لها أمس من "مخاطر الفتنة والتفرقة التي تسعى بعض الأطراف إلى بثها بغية جر الشعب التونسي إلى دوامة العنف"، داعية كل الأطراف إلى "تحكيم العقل وضبط النفس في تحليل هذه الجريمة النكراء". وبدوره اعتبر رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي، امين عام حركة النهضة الاسلامية، أن اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد يعتبر "عملا ارهابيا وإجراميا يستهدف تونس كلها". وذكر في تصريحات إذاعية أن الراحل هو "ضحية حادث ارهابي وحادث اجرامي" وان تونس كلها مستهدفة من خلال هذه العملية داعيا التونسيين إلى تجنب "السقوط في فخ العنف والعنف المضاد".من جهتها، أدانت حركة النهضة الاسلامية التي تقود الحكومة المؤقتة "بشدة الجريمة النكراء" التى استهدفت أحد رموز المعارضة السياسية، مؤكدة أن هذه العملية تستهدف أمن واستقرار البلاد برمتها . وحملت الجهات التى تقف وراء هذا الاغتيال المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة داعية السلطات الأمنية الى "بذل كل الجهود للكشف" عن الجناة وتقديمهم للعدالة وإنارة الرأي العام حولهم وحول أهدافهم . وفي غضون ذلك تجمع مئات المواطنين التونسيين أمام مقر وزارة الداخلية للتنديد باغتيال شكرى بلعيد في الوقت الذي انتشرت فيه وحدات أمنية من مختلف التشكيلات على امتداد الشوارع الرئيسية للعاصمة التونسية . وطالب المحتجون بإسقاط الحكومة الحالية كما رفعوا شعارات تدعو إلى وقف أعمال العنف التي من شانها التأثير على مسار الانتقال الديمقراطي .و ذكر متظاهرون وفق ما نقلته أمس وكالات أنباء، أن مثل هذه العملية كانت متوقعة ومنتظرة و هي نتاج التجاذبات السياسية وغياب الأمن. كما حذروا من أن هذه الجريمة قد تدخل البلاد فى منعرج خطير. كما أدانت حركة نداء تونس المعارضة على لسان القيادي العكرمي عملية الاغتيال. وأعتبر ذات المسؤول أن العملية جاءت لغلق الباب أمام الانتقال الديمقراطى الذي ما انفك يعرف حسبه الانزلاق منذ ظهور ميليشيات رابطات حماية الثورة المقربة من حركة النهضة الاسلامية. ويرى هذا الحزب الذي يقوده قائد السبسي، أن عملية الاغتيال تعد تهديدا موجها ضد الشخصيات السياسية و الأحزاب المعارضة وهو ما يثير احتمال وجود قوائم أخرى معرضة للتصفيات الجسدية على حد قوله. من جانبه، حمل الناطق الرسمى باسم حزب المسار المعارض سمير الطيب هذه الجريمة لحركة النهضة الاسلامية التي قال أنها ساندت دوما المتطرفين. وكان بلعيد الذي لفظ أنفاسه الأخيرة في المستشفى، بعد ان اطلق عليه الرصاص امام بيته عضوا بارزا في حزب الجبهة الشعبية المعارض. وقال زياد لخضر القيادي البارز في حزب الجبهة الشعبية أن بلعيد قتل بإطلاق أربع رصاصات على الرأس والصدر وأن الاطباء أبلغوا رفاقه بأنه مات. وكانت زوجة شكري بلعيد قد صرحت لإذاعة "موزاييك آف آم" المحلية، إن زوجها تعرض لطلقتين ناريتين، واحدة على مستوى الرقبة وأخرى من جهة الرأس أثناء خروجه من بيته وهو ما استدعى حمله مباشرة إلى احدى مصحات العاصمة تونس حيث تم الإعلان عن وفاته. وتأتي هذه العملية فيما تعيش تونس على وقع توتر حاد وسط حالة من الاحتقان الشديد، دفع العديد من المراقبين إلى توقع الأسوأ بالنظر إلى تزايد الاستقطاب بين الإسلاميين الذين يحكمون، واليساريين. يذكر، أن بلعيد هو من أبرز السياسيين الذين انتقدوا مرارا حكم حركة النهضة الإسلامية واتهمها بالتغلغل داخل مؤسسات الدولة، وعملها على اقصاء معارضيها السياسيين. وشكري بلعيد هو من مواليد 26 نوفمبر 1964 كان يشتغل محاميا وكان في السابق عضوا بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي. وهو الأمين العام للتيار الوطني الديمقراطي وقد دخل مؤخرا في تحالف سياسي مع القوى اليسارية والقومية وبعض المستقلين في جبهة سياسية موحدة استعدادا للانتخابات العامة منتصف العام الجاري غير أن رصاصات أعدائه وضعت حدا لهذا الطموح السياسي المتميز.