شُيّع، بعد ظهر أمس، بمقبرة العاليةبالجزائر العاصمة، جثمان الفقيد عبد الرزاق بوحارة، إلى مثواه الأخير، في جو جنائزي مهيب، حضره فرقاء الآفلان، يتقدمهم عبد العزيز بلخادم ووزراء المكتب السياسي من جهة أخرى، والتقويميون من جهة ثالثة، وبذلك حظي الفقيد بإجماع الإخوة الأعداء في مماته كما في حياته.
ولفت الامين العام الأسبق عبد العزيز بلخادم، انتباه المشيعين، بعد أن كان أول المغادرين، بعد تشييع جثمان الشخصية التي كانت مرشحة بقوة لخلافته على رأس الآفلان، في حين وقف خصوم بلخادم من وزراء الحزب غير بعيد عنه . وفي تصريح مقتضب للصحافة قال بلخادم: "إن الجزائر والآفلان والأسرة الثورية أصيبت في المجاهد عبد الرزاق المعروف بنزاهته وأرائه.. إن الموت حق لكننا فقدنا قامة من قامات الحزب والجزائر"، فيما وصف منسق الحركة التصحيحية للآفلان عبد الكريم عبادة فقدان الصديق بوحارة بمثابة خسارة كبيرة للحزب خاصة في هذا الظرف الذي علق عليه الجميع آمالهم". وحضر مراسم تشيع جثمان الراحل أقارب وأصدقاء ورفقاء الفقيد من الأسرة الثورية، إلى جانب وزراء وكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين في الدولة، وكذا قادة الأحزاب السياسية والمنظمات الجماهيرية، يتقدمهم رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح ورئيس المجلس الشعبي الوطني العربي ولد خليفة ورئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز والوزير الأول عبد المالك سلال، إلى جانب قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، قايد صالح، وشقيق رئيس الجمهورية السعيد بوتفليقة، واللواء المتقاعد خالد نزار، ورئيس الداخلية الأسبق نور الدين يزيد زرهوني، ورئيس الحكومة الأسبق ومرشح رئاسيات 99 مقداد سيفي، فيما كان غياب الوزير الأول الأسبق، أحمد أويحيي لافتا وكان ذلك على لسان الجميع. وتميزت جنازة القيادي في الآفلان، بحضور عدد كبير من الشخصيات الوطنية السابقة والحالية وجمع من المواطنين قدموا من مختلف ولايات الوطن، حيث لم تثنهم الأمطار المتهاطلة دون انقطاع على الحضور، يتقدمهم رئيس الحكومة الأسبق، وابن منطقته، مولود حمروش، والأمين العام الأسبق للحزب العتيد علي بن فليس، الذي اعتذر بلباقة للصحفيين رافضا الإدلاء بأي تصريح، في الوقت الذي أقبل فيه مناضلو الآفلان عل إلقاء التحية على بن فليس، ولف حوله الكثير من المشيعين. وألقى رفيق الفقيد المجاهد والوزير السابق عبد الغني العقبي كلمة تأبينية ذكر فيها بالمناقب والخصال الحميدة التي كان يتحلى بها المرحوم عبد الرزاق بوحارة. . عبد الحفيظ بن نيقوص كاتم أسراره وصديق طفولته ل"الشروق": "الفرح لم يدخل قلب بوحارة منذ وفاة ابنتيه كريمة وسهام في الفيضانات" مازال سكان مدينة القل مسقط رأس عبد الرزاق بوحارة، يذكرون محاسن فقيدهم ومنهم رفيق دربه وكاتم أسراره عبد الحفيظ بن نيقوص، 88 سنة الذي زارته "الشروق" في منزله الكائن بحي "لانكار" وسط مدينة القل، الرجل كان متأثرا لدرجة أنه توقف عن الحديث عدة مرات، وهو يروي حميميات رجل رافقه لأكثر من أربعين سنة. عبد الرزاق بوحارة، حسب عبد الحفيظ ترعرع في أزقة وشوارع القل، من أسرة بسيطة تتكون من 7 أفراد في سن 12 عشرة سنة إنتقل إلى قسنطينة، بالمدرسة الحديثة لإكمال دراسته الثانوية، وتحصل على شهادة البكالوريا شعبة رياضيات، لكنه فضّل الالتحاق بصفوف الثورة في سن 18 سنة بمنطقة الأوراس، أين جمعته صداقة برفيق النظال الثوري والسياسي قوجيل العضو السابق للأمانة الوطنية للأفلان، تم تحول نشاطه إلى الولاية الثانية إلى غاية الاستقلال، حيث دخل مدينته القل على رأس فيلق وكان برتبة ملازم. ويقول بن نيقوص، أن بوحارة كان إنسانا متواضعا ورب أسرة رقيق القلب رغم تكوينه العسكري، حيث رزقه الله ب3 بنات وطفل واحد، لكن ما أدخله في دوامة الوعكات الصحية والإصابة بمرض القلب هو وفاة ابنتيه الصغرى والوسطى كريمة وسهام، في فيضانات باب الواد، حرقة فقدانه لفلذتي كبده في يوم واحد تركت في قلبه حزنا عميقا، كان عبد الرزاق كثير التردد على القل مسقط رأسه، ويحب دوما قضاء عطلته في الشالي الموجودة بكورنيش ثلزة، على بعد 3 كلم من المدينة، وهو عاشق للصيد ولا أحد من أقرانه كان يغلبه في رياضة الجري خاصة في 200 متر، لم تنسه الجزائر العاصمة ولا المناصب أصله.