يواجه مرضى السرطان في الجزائر معاناة مريرة مع المرض في مختلف الجوانب العلاجية والنفسية والاجتماعية، وأثر وباء كورونا بشكل مباشر على نوعية العلاج الذي يتلقاه هؤلاء، بسبب تأخر بعض الحالات في الكشف والتشخيص، وزيادة على تهديدات الوباء يواجه كثير من المرضى صعوبة في الحصول على مواعيد العلاج الإشعاعي رغم عدد المسرعات ورغم الأرضية الرقمية التي وضعتها الوزارة مؤخرا، حيث لا تزال قوائم الانتظار الطويلة هاجسا لدى عديد المصالح العلاجية خاصة في الجزائر العاصمة وولاية البليدة، ناهيك عن تعطل أجهزة التصوير والرنين المعناطيسي "سكانير" و"إي آر آم"، في اغلب المؤسسات الصحية والمستشفيات الجامعية. وكشف البروفيسور عدّة بونجار، رئيس مصلحة الأورام بمستشفى البليدة ورئيس الجمعية الجزائرية للبحث والتكوين في الأورام "سافرو"، أنّ ما يناهز 10 بالمائة من مرضى السرطان في الجزائر تعرضوا لمضاعفات وتقدّمت حالتهم الصحية بشكل خطير جراء تأخرهم وتخوفهم من الكشف والمتابعة العلاجية أثناء فترة الحجر الصحي في بدايات الوباء، حيث امتنع هؤلاء عن التوجه إلى المصالح الاستشفائية خشية الإصابة بالعدوى. وأوضح البروفيسور بونجار أنّ هذه الإصابات المتقدمة بالسرطان كان بالإمكان تفاديها وإنقاذ أصحابها من التعقيدات التي طالتهم، حيث أن جميع مصالح الأورام استمرت في العمل خلال فترة الحجر الصحي منذ بداية الوباء شهر مارس الفارط وإلى غاية الآن. 61 ألف إصابة جديدة بالسرطان مع حلول عام 2025 ويجمع المختصون في مجال الأورام على المنحى التصاعدي لداء السرطان في الجزائر الذي بات يهدّد الجميع بسبب عدة عوامل أهمّها النظام المعيشي والغذائي، وبلغ عدد الحالات الجديدة للسرطان، حسب الإحصائيات الرسمية لوزارة الصحة المستندة إلى أرقام السجل الوطني للسرطان 50 ألف حالة جديدة. وتشير توقعات وزارة الصحة إلى بلوغ الإصابات الجديدة 61 ألف حالة مع حلول عام 2025، أي خلال الأربع سنوات المقبلة، وارتكزت التوقعات على نسبة الزيادة السنوية المقدرة ب 103 إصابة لكل 100 ألف نسمة. وبخصوص العدد الحقيقي للوفيات أفاد البروفيسور بونجار أن الجزائر لا تمتلك عددا حقيقيا في غياب سجل وطني للوفيات حيث تقيد اغلب الوفيات لمرضى السرطان على أنها سكتة قلبية أو توقف نشاط القلب في حين إن السبب الحقيقي هو تقدم الخلايا السرطانية في الجسم. واقترح المختص في هذا السياق السلطات الصحية إلى إقرار سجل وطني للوفيات وحث جميع المصالح الاستشفائية على تقييد الإصابة بالمرض السرطان في حال وجوده. العلاج الإشعاعي.. مشكل يؤرق المرضى رغم العدد الكبير للمسرعات رغم عدد المسرعات الكبير الذي تتوفر عليه الجزائر والمقدر بحوالي 50 مسرعا عبر عديد المراكز الوطنية لمكافحة السرطان، إلا أن الجزائر لم تستطع القضاء على مشكل مواعيد العلاج الإشعاعي، حيث ينتظر المرضى آجال طويلة تتراوح بين 5 إلى 7 أشهر في بعض الولايات للحصول على مواعيدهم ما قد يرهن العلاج المقدم. وأفاد البروفيسور بونجار أنّ الأرضية الرقمية للحصول على مواعيد العلاج الإشعاعي ستحل المشكل على المدى القريب فقط بينما سيبقى الوضع قائما لوقت أطول إذا لم تفكر السلطات في مراجعة استراتيجيتها. ويرى البروفيسور أنّ العاصمة تتطلب إنشاء وحدتين للعلاج الإشعاعي على وجه السرعة لامتصاص الضغط الحاصل عليها والحال كذلك بالنسبة لولاية البليدة التي تعرف تشبعا رهيبا في هذا النوع من العلاج. واعتبر المختص أنّ تقريب العلاج من مريض السرطان أولوية بالنظر إلى النسق النفسي والاجتماعي وإمكانيات المرضى المحدودة في ظل مصاريف العلاج الكثيرة التي ينفقها المرضى. وبحسب البروفيسور بونجار، فإن الاستراتيجية العامة للتكفل بالسرطان لا يجب أن تستند إلى إنشاء المزيد من مراكز مكافحة السرطان ببعض المناطق أو الولايات بالنظر إلى تكلفتها الكبيرة ومحدودية نتائجها فأغلب المرضى يحظون بمتابعة جيدة على مستوى المستشفيات وما ينقصهم هو العلاجات المرافقة خاصة الاشعاعي. التصوير الطبي.. حضر العتاد وغابت الخدمة لعل من أكثر المعضلات التي تواجه اغلب المرضى في مسارهم العلاجي والتشخيصي هو الحصول على خدمات التصوير الاشعاعي او التصوير الطبي لا سيما ما تعلق ب "السكانير" والرنين المغناطيسي" الاي آر آم"، حيث يتنقل المريض عبر عدة مؤسسات استشفائية ونادرا ما يظفر بموعد لا تقل آجاله عن الشهرين في المدن ذات الكثافة السكانية، وتبرر أغلب المصالح الأمر بتعطّل الأجهزة وعدم صيانتها، فيما تتعطل بين الحين والآخر أجهزة أخرى لاستعمالها لأكثر من طاقتها. وأمام هذه الوضعية الصعبة، يلجأ المرضى إلى القطاع الخاص لإجراء تلك الأشعة، وهو ما ينهك جيوبهم بالنظر إلى غلائها وعدم تعويضها من قبل مصالح الضمان الاجتماعي. ورفعت العديد من جمعيات المرضى والمختصين مطالبهم المتكررة من أجل مرافقة المرضى وتعويض تلك النفقات الإضافية التي يصرفونها في القطاع الخاص. هذه هي أكثر السرطانات المهددة للجزائريين وتنتشر في الجزائر أنواع عديدة للسرطان تختلف حسب ترتيبها من النساء إلى الرجال، وحسب ما أفاد به البروفيسور بونجار فإن أكثر أنواع السرطان تهديدا للرجال هي سرطان القولون والمستقيم وسرطان الرئة وسرطان البروستات وسرطان المثانة وكذا سرطان المعدة، أمّا بالنسبة للنساء فتحتل سرطان الثدي المرتبة الأولى يليه سرطان القولون والمستقيم وفي المرتبة الثالثة يحل سرطان المبيض وعنق الرحم وبعدها سرطان الغدة الدرقية.