مأساة وتراجيديا حقيقية عاشتها المقاطعة الإدارية الدبداب، وولاية ايليزي عامة مساء الثلاثاء، بعد فقدان أربعة أشخاص بسبب حادث مرور أليم لسيارة إسعاف، كانت في طريقها لإجلاء طفل مريض، من اجل العلاج فعادوا جثثا في التوابيت. سائق سيارة الإسعاف رابح الشاب الخلوق المحبوب ذو 26 سنة، الذي لم يمض على توظيفه أقل من سنة، لم يكن يدري، ولم تكن الممرضة (ب.زهراء) ذات ال35 سنة، تدري هي الأخرى، بأن الموت ينتظرهم في مهمة العمل الأخيرة لهم، والتي لم يكن مبرمجا لهم بأن تناط بهما، حيث طلب السائق "رابح" أن يتولى المهمة، من أجل تسوية بعض الأمور في عاصمة الولاية ايليزي على حد قوله، رغم أن زميله طلب منه الراحة كونه كان في مهمة قبل يوم واحد فقط، وكذلك الممرضة زهراء، التي طلبت أن ترافق المريض في هذه الرحلة من أجل بعض "الصوالح" مثل ما قالت، رغم أنه كان سيبرمج ممرض آخر لهذه المهمة. الطفل الصغير الذي يدعى صابر ذو الأربع سنوات، كان يعاني من مرض يتطلب إجراء عملية جراحية، جاء به والده إلى المؤسسة العمومية للصحة الجوارية بالدبداب، وتقرر تحويله إلى المؤسسة العمومية الاستشفائية ترقي وانتيميضي بايليزي، الذي يبعد 460 كيلومتر، وترافقه أمه في سيارة الإسعاف رباعية الدفع من نوع "نيسان باترول"، غادروا مؤسسة الصحة الجوارية بالدبداب بعد العصر، ويسير خلفهم بسيارة أخرى والد الطفل المريض وخاله، وعلى الطريق الوطني رقم 03، وقبل الوصول إلى مدينة ايليزي، بحوالي 60 كيلومترا، تصطدم سيارة الإسعاف بجمل، ثم يصطدمون بشاحنة ذات مقطورة قادمة في الاتجاه المعاكس، لتحل الكارثة بوفاة كل من في سيارة الإسعاف من السائق والممرضة والطفل المريض وأمه الحامل في شهرها الثامن، وإصابة سائق الشاحنة وابنه الصغير بجروح بسيطة، قبل أن يتدخل رجال الحماية المدنية التابعون للوحدة الرئيسية بايليزي، أين تم إخراج الجثث ونقلهم إلى مصلحة حفظ الجثث بمستشفى ترقي وانتيميضي، فيما فتحت مصالح الدرك الوطني تحقيقا للكشف عن ملابسات الحادث. تجمع احتجاجي للمواطنين إثر انتشار خبر هذه المأساة في الدبداب، تجمع العشرات من الشباب والمواطنين الغاضبين ليلا أمام المؤسسة العمومية للصحة الجوارية بالدبداب، وطالبوا بوضع حد لهذه التنقلات الماراطونية للمرضى على مسافة مئات الكيلومترات، من أجل أبسط الأشياء، حيث طالبوا بتحسين الخدمات الصحية، وإنهاء هذه المعاناة عبر توفير الأطباء الأخصائيين والتجهيزات اللازمة، خاصة وأن الدبداب أصبحت ولاية منتدبة، وتتوفر على مديرية منتدبة للصحة. فيما تجمع أيضا العشرات من الشباب الغاضب في الصباح الموالي أمام مؤسسة الصحة الجوارية، كما طالبوا بالإسراع في بدء أشغال انجاز مستشفى 60 سريرا المقرر بالدبداب، أين حل الوالي المنتدب الذي حاول تهدئة الغاضبين، حيث وعد بفتح تحقيق بخصوص بعض الأمور التي طرحها عليه المواطنون، والعمل على إكمال التجهيزات التي تنقص المركز الجراحي المكيف، فيما أكد على عقد اجتماع مع المواطنين بهذا الخصوص بعد الجنازة. أخصائيون وهيليكوبتر.. أهم المطالب فيما تعالت الأصوات مرة أخرى من أجل توفير الإجلاء الصحي عبر طائرة الهيليكوبتر، في ولاية ايليزي والجنوب عامة، على حد تعبير الشباب الغاضب، فيما مازال الإشكال الأكبر هو نقص الأطباء الاخصائيين. هو جانب من المعاناة والصعوبات التي يعاني منها سكان ولايات الجنوب، من نقل المرضى بسيارات الإسعاف عبر مئات الكيلومترات، والتي تتم يوميا تقريبا، في ظل النقص الكبير للأطباء الأخصائيين عبر المؤسسات الصحية عبر الولاية، حيث أنها ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها سيارة إسعاف إلى حادث مرور، آخرها كان قبل أشهر، عندما انقلبت سيارة إسعاف تنقل مريضا إلى الجزائر العاصمة. والي ولاية ايليزي، وعلى اثر هذه الفاجعة أمر بإلغاء مظاهر الاحتفال والتظاهر بمناسبة عيد النصر الموافق ل19 مارس، فيما يكتفى برفع العلم الوطني فقط، كما أوفد الأمين العام وأعضاء اللجنة الأمنية، وعدد من المديرين من أجل حضور جنازة الضحايا.