الدخول المدرسي على الأبواب... و يبدو أنه سينهك الأولياء و يفرغ جيوبهم، فالمتطلبات كثيرة و الأسعار ليست بالمغرية، لتبقى الأسواق الشعبية المنتشرة في الأحياء الملاذ الوحيد للعائلات، و حتى الملابس المستعملة أو " الشيفون" سيحتل مكانة لدى الجزائريين، فزبائنه كثر و من مختلف الفئات. ففي جولة استطلاعية قادتنا لبعض أسواق العاصمة وجدنا الأسعار بعضها يلبي متطلبات الجزائريين أما أغلبيتها فهي بعيدة كل البعد عن تحقيق رغباتهم لأنهم إن اقتربوا منها فستستنزف جيوبهم حتما. سوق باش جراح ملاذ للعائلات الفقيرة رغم بساطة معروضاته ففي سوق باش جراح الشعبي المعروف بكثرة مرتاديه، بدأ التجار بعرض مختلف سلعهم التي تناسب الدخول المدرسي من مآزر ومحافظ وملابس أطفال.. أما أسعارها فغالبيتها في متناول الجميع، فهناك تاجر يعرض مآزر لكل الفئات المتمدرسة و للجنسين لا تتجاوز 200 دج وهو ما جعل المواطنين يقبلون عليها فالكل يريد أكثر من واحدة، وإن كانت تصاميمها بسيطة جدا. و غير بعيد عنه شاب يبيع مآزر للأطفال الصغار ب250 دج ربما نوعية قماشه أحسن نوعا ما، أما المحافظ فهي منتشرة بكثرة وبمختلف الألوان والأشكال وإن كانت أسعارها مرتفعة قليلا، فالتجار الذين يعرضونها في الأرض يبيعونها بمبالغ تتراوح بين 400 و 450 دج، لتصل إلى غاية 700 دج للمعروضة داخل محلات في سوق باش جراح. وحسب بعض المواطنين الذين اقتربنا منهم لأخذ أرائهم فقد أبدوا امتعاضا شديدا خاصة من أثمان المحافظ لأنها ليست في متناول الجميع، لاسيما ذات النوعية الجيدة. لتبق ملابس الأطفال تشهد انخفاضا في هذا السوق فسراويل الجينز لا تتجاوز 400 دج والقمصان 250 دج، ولكن العائلات تتذمر دوما لأن كل واحدة منها ملزمة بتوفير احتياجات ثلاثة إلى خمسة متمدرسين على الأقل في العائلة الواحدة. وجهتنا الثانية كانت سوق بن عمر بالقبة الذي شيد حديثا لكن أسعاره مرتفعة نوعا ما لأن التجار ينشطون فيه بطريقة شرعية عكس تجار باش جراح الذين يعيشون في كر وفر دائم مع رجال الأمن، ففي سوق بن عمر وصلت أسعار المحافظ إلى غاية 800 دج، ومآزر الأطفال 350 دج، كما لاحظنا عرض بعض التجار للأدوات المدرسية الصينية الجميلة الأشكال لكن الإقبال عليها كان فاترا. العائلات تتزاحم على "الشيفون" ويبق "الشيفون"، هذا الاسم القبيح، اختيارا لا مفر منه، فحرارة الأسعار قد قضت على آخر شعور بالكرامة لدى الفرد الجزائري الذي يعيش واقعا مؤلما، حيث لم يعد مهما شراء ملابس بالية. فالمحافظ المعروضة جميلة جدا ومتقنة الصنع و أسعارها لا تتعدى 100 دج. أما ملابس الأطفال فأثمانها مغرية حيث لا تتجاوز 50 دج للقطعة ، وهو ما جعل محلات الشيفون سواء بالقبة أو باش جراح أو عبر طول شارع حسيبة بن بوعلي تعج بحركة غير عادية لدرجة يصعب عليك أن تمر في وسط الجموع من النساء خاصة، حيث تراهنّ يصطحبن أكثر من طفل و ينشرونهن في المحل في رحلة بحث عن محفظة أو سروال جميل وصالح للاستعمال. وبهذا الخصوص تقول السيدة فتيحة "كنت في الماضي القريب أخجل أن أدخل إلى محلات الشيفون، كنت أحس أن الجميع ينظر إلي ويضحك، لكن اليوم و مع التردد الكبير للعائلات عليها من كل الطبقات وفي ظل حرارة الأسعار فقد وضعنا كرامتنا جانبا لأنها لن تؤكلنا خبزا في هذا الزمن...". نادية سليماني