الاجتماع الوزاري لمنتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات: عطاف يعقد جلسة عمل مع نظيره البرتغالي    عميد جامع الجزائر يستقبل رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية لمجلس الشورى الإسلامي الإيراني    أشغال عمومية: شركات مصرية ترغب في المشاركة في برنامج السكك الحديدية    سوناطراك: نشوب حريق بمركب معالجة الغاز بإليزي بدون تسجيل أي ضحية    سوناطراك تشارك في الصالون الدولي للموارد الاستخراجية والطاقوية في كوت ديفوار    كأس إفريقيا 2024: المنتخب الوطني النسوي يواصل تحضيراته بحضور كل اللاعبات    خبراء أمميون يدعون الدول للامتثال لقرار المحكمة الجنائية الدولية    غوتيريش يرحب بإعلان وقف إطلاق النار في لبنان    المسابقة الوطنية ستطلق غدا الخميس    لقد جعلت بلادنا من الأمن الغذائي رهانا استراتيجيا يتوجب علينا كسبه    ضرورة تصحيح الاختبارات داخل الأقسام    ورشة تكوينية للقضاة وضباط الشرطة من تنظيم وزارة العدل    عطاف يقوم بطرد وزيرة الخارجية السابقة للصهاينة تسيبي ليفني    لبنان يواجه أعنف فترة له من الاعتداء منذ عقود    إقامة صلاة الاستسقاء عبر الوطني السبت القادم    الإصلاح الشامل للعدالة يعد أبرز محاور برنامج رئيس الجمهورية    خنشلة : أمن دائرة بابار توقيف 3 أشخاص وحجز 4100 كبسولة مهلوسات    ترقب تساقط بعض الأمطار وعودة الاستقرار يوم الجمعة    مستغانم : قوافل الذاكرة في مستغانم تتواصل    كرة القدم/رابطة أبطال إفريقيا : شباب بلوزداد ينهزم أمام اولاندو بيراتس (1-2)    الفريق أول شنقريحة يزور معرض أحمد الجابر للنفط واللواء مبارك المدرع 15    بصمة الرئيس تبون بادية للرقي بالفلاحة والفلاحين    دعوات للتصدي للتطبيع التربوي بالمغرب    رمز الريادة والابتكار    الاحتلال الصهيوني يمسح 1410 عائلة فلسطينية من السجل المدني    وزارة الصناعة : السيد غريب يشرف على تنصيب الأمين العام ورئيس الديوان    الدعم مكّن من إنهاء ندرة الحليب المبستر    وزير الاتصال يعزّي عائلة الفقيد والأسرة الإعلامية    رحيل صوت القضيتين الفلسطينية والصحراوية في المحاكم الدولية    تطبيق مبتكر يحقق الأمن السيبراني    محرز يحقق رقما مميزا في دوري أبطال آسيا    حريق يأتي على ورشة نجارة    اكتشاف عيادة سرية للإجهاض    طالب جامعي متورط في سرقة    الإطاحة بشبكة إجرامية من 5 أشخاص بوهران    مازة لن يغادر هيرتا برلين قبل نهاية الموسم    معرض لورشات الشباب الفنية    البحث في علاقة المسرح بالمقاومة    تسليط الضوء على أدب الطفل والتحديات الرقمية الراهنة    جائزة الشيخ عبد الكريم دالي : حفل تكريمي للفنان الراحل نور الدين سعودي    الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير بتبسة: فيلم "القناع" للمخرج فيصل قادة يفتك المرتبة الأولى    الملتقى الدولي للمهرجان الثقافي للفن المعاصر : منصة للتبادل والتحاور في مواضيع الفن المعاصر    مدرب مانشستر يونايتد يصر على ضم آيت نوري    أيام توعوية حول مضادات الميكروبات    كابوس مرعب في موسم الشتاء    الفترة المكية.. دروس وعبر    معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة بوهران: استقطاب أكثر من 15 ألف زائر    وزير الصحة يشرف على اختتام أشغال الملتقى الدولي الثامن للجمعية الجزائرية للصيدلة الاستشفائية وصيدلة الأورام    تسيير الأرشيف في قطاع الصحة محور ملتقى    الفروسية : كأس الاتحادية للمسابقة الوطنية للقفز على الحواجز من 28 إلى 30 نوفمبر بتيبازة    رقمنة القطاع التربوي: التأكيد على "الانجازات الملموسة" التي حققتها الجزائر    إعادة انتخاب دنيا حجّاب    ندوة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس        هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائريون لم يكونوا يؤدون العمرة قبل إقرار قرعة الحج
جزائريون "أدمنوا" العمرة في رمضان وآخرون يحلمون بأن يُدفنوا في البقاع
نشر في الشروق اليومي يوم 06 - 06 - 2013

على بعد شهر من رمضان المعظم، باشر الآلاف من الجزائريين تجهيز حقائبهم وشحن معنوياتهم الروحية، للطيران إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك العمرة، حيث لم تُثنهم الأخبار المتهاطلة من هنا وهناك، عن تقليص أعداد المعتمرين، وعن ارتفاع أسعار التذاكر وابتعاد فنادق الإيواء عن أماكن العبادة، وحجزوا تذاكرهم منذ أشهر عديدة كما تعودوا على ذلك منذ سنوات، حيث أصبحت العمرة بالنسبة للكثير من الجزائريين أشبه بالإدمان الذي لا يمكنهم العيش من دونه، ولا يرون أنفسهم في بيوتهم ويؤدون صلاة التراويح في مساجد أخرى غير المسجد النبوي ومسجد الله الحرام، والجزائريون تاريخيا لم يكونوا يؤدون مناسك العمرة إلا نادرا، وكل عظماء الجزائر باستثناء المفكر مالك بن نبي، لم يؤدوا مناسك العمرة، واكتفوا بحجّة واحدة، من الأمير عبد القادر الذي سافر برّا مشيا على الأقدام إلى الحجاز، إلى الشيخ عبد الحميد بن باديس إبحارا عبر الباخرة رفقة علماء الجمعية.

وبقيت العمرة شعيرة غائبة عن الجزائريين إلا لدى النادر من الشخصيات، إلى أن أصبحت خيارا أخيرا، منذ لم يعد بالإمكان حج بيت الله الحرام، حتى بالنسبة للأثرياء، بل يتطلب الأمر المرور عبر القرعة، حيث لجأ عشاق بيت الله الحرام إلى خيار أداء مناسك العمرة، خاصة أن هناك جزائريين لم تُمكنهم العمرة رغم محاولاتهم لمدة فاقت الربع قرن، وصاروا يخشون أن يموتوا دون أن يزوروا بيت الله الحرام، ولجأت الجزائر إلى تعيين حجاج بيت الله الحرام عبر القرعة منذ عام 1979، عندما ارتفع سعر النفط وقارب الأربعين دولارا، وتحسّن الوضع الاجتماعي للجزائريين، ودخلت الجزائر عالم الصحوة الإسلامية، إذ لم يبق الحج لكبار السن فقط، إضافة إلى أن حكم الشاذلي بن جديد اختلف تماما عن حكم الراحل هواري بومدين، فظهرت جوازات المسؤولين وأدى الشاذلي نفسه علنا رفقة زوجته السيدة حليمة بن جديد مناسك الحج، وهو ما رفع رقم الراغبين في أداء الفريضة الخامسة، فوجدت الجزائر نفسها مضطرة لإجراء القرعة في كل بلدية من الولايات الواحد والثلاثين في ذلك الوقت .
ولجأ الجزائريون إلى مناسك العمرة خلال شهر الصيام في العشر الأواخر، ثم تحوّلت العمرة إلى كامل شهر الصيام، لتنقل إلى ذكرى المولد النبوي الشريف، وتعم الآن كل السنة بشهورها، ومن أكثر مشاهير الجزائر الذين واضبوا على أداء العمرة مرة واحدة على الأقل في السنة، الشيخ عبد الله جاب الله، عندما خرج من السجن في بدايات ثمانينات القرن الماضي، حافظا لكتاب الله، حيث أصبح يؤدي مناسك العمرة بشكل دائم حتى بلغ العشرين مرة، وقال الشيخ عبد الله جاب الله للشروق اليومي، إنه يشعر بالغربة كلما افتقد رؤية بيت الله الحرام مدة طويلة، ولكن الرقم القياسي لأداء مناسك العمرة وزيارة بيت الله الحرام بالنسبة للجزائريين يبقى لصالح الحاج أحمد بن عبد الرحمان، الذي سيبلغ في سبتمبر القادم 2013 سن التسعين، وهو حاليا رئيس جمعية الأمير عبد القادر بقسنطينة.
وللأسف، فإن تقدّمه في السن حرمه في السنوات الأخيرة من التوجه إلى بيت الله الحرام، بعد رحلة روحية طويلة جعلته يحطّم رقما قياسيا جزائريا في أداء فريضة الحج بلغ 32 مرة وتسع عمرات رمضانية أخرى، لتبلغ عدد الحجات والعمرات 41 زيارة لبيت الله الحرام، والشيخ أحمد بن عبد الرحمان وجدناه نهار أمس الخميس برغم المرض والسن، يُحضر لحفلة خاصة بالأطفال المتفوقين في التجويد والتلاوة، وقد باشر سفرياته إلى البقاع المقدسة منذ أفريل 1968، عندما كان يبلغ من العمر 45 سنة، حيث قرر أداء فريضة الحج، ولم يكن الثمن كما أخطرنا يزيد عن 1200 دج في ذلك الوقت، وكانت أول سفرية له عبر طائرة الخطوط السعودية من الجزائر العاصمة إلى جدة.
وفي ذلك الوقت أيضا، كانت المملكة العربية السعودية تشترط على زائري بيت الله الحرام ا الحصول على التأشيرة، الشيخ بن عبد الرحمان، ارتبط من أول نظرة ببيت الله الحرام، وهناك بدأت الرؤيا تشغله وتقرّبه من المكان المقدس، كما أخبرنا، حيث لم تقتصر رؤاه على خاتم الأنبياء والمبعوثين في منامه، بل صار يرى باستمرار كل الأنبياء، من سيدنا إبراهيم إلى موسى إلى عيسى إلى محمد صلوات الله وسلامه عليهم، وهو صاحب مشروع بناء أكبر جامع في الجزائر، وهو الأمير عبد القادر بقسنطينة، والذي سيبقى الأكبر إلى أن يُنجز جامع الجزائر العاصمة.
وكان الحاج بن عبد الرحمان في منتصف الستينات قد استهجن نقص المساجد في عاصمة الشيخ بن باديس، فراسل الرئيس الراحل هواري بومدين لمساعدته لتوسيع جامع البيضاوي في حي الأمير عبد القادر بقسنطينة، وباشر جمع الأموال، ولم يستطع جمع أكثر من 15 ألف دينار جزائري، لا تكفي لشراء الزرابي، فما بالك ببناء مسجد قائم بذاته، فقرّر في سابقة لم يكن يظن أنها ستعطي ثمارها، مراسلة الرئيس الراحل هواري بومدين مرة ثانية، ولكن هذه المرة دعّم رسائله بصور تبين ازدحام المصلين في المساجد، وأيضا صلاة البعض منهم في الشارع، على قناعة بأن بناء المسجد مهمة الدولة والشعب على السواء.
ولم يكن يتصوّر أن الرئيس الراحل يردّ على رسائل المواطنين، ولكنه تفاجأ برد فيه تعهّد بأن تشهد مدينة الشيخ ابن باديس بناء جامع وجامعة إسلامية، وبدأت الرحلة الطويلة جدا التي لم تر النور إلا في منتصف الثمانينيات في عهد الشاذلي بن جديد، وساهم الشيخ أحمد بن عبد الرحمان في إنجاز هذا الصرح التحفة، ورغم ذلك كانت عطلته السنوية ضرورية، وتتزامن إما مع موسم الحج أو مع شهر رمضان المعظم، حتى بلغت الآن 41 زيارة، بمعدل واحدة إلى إثنين في السنة، إلى أن وهن العظم وقارب السن التسعين، فقرّر جهادا آخر، وهو تشجيع الأطفال على حفظ كتاب الله.
وإذا كان الزمن الاستعماري والفقر أيضا، قد حرما الشيخ أحمد بن عبد الرحمان عن زيارة بيت الله الحرام حتى بلغ سن الخامسة والأربعين، فإن السيد بن زياد هشام وهو تاجر أعطاه الله بسطة من المال، سيحتفل في رمضان القادم ببلوغه سن الأربعين، وأيضا بالزيارة رقم ثلاثين في حياته إلى البقاع المقدسة، وقال الحاج هشام الذي أدى الفريضة الخامسة مرة واحدة، والبقية جميعا عُمرات، بأنه يحلم بأن يمدّ الله في عمره ويزور بيت الله الحرام في مئة مناسبة، ويختمها بالموت ليدفن قرب رسول الله في المدينة المنورة، وهو حلم الكثيرين، حتى إن بعض العائلات التي تفقد ذويها في البقاع المقدسة ترفض الحداد، وتفتخر بكون حبيبها توفي ودُفن قرب حبيب المؤمنين، وقد دخلت العمرة ضروريات الجزائريين، وصار كل من يؤدي مناسكها يُطلق عليه لقب الحاج، ولا يمكن أن تجد عائلة دون أن يكون لها فرد من العائلة قد أدى مناسك العمرة وزار بيت الله الحرام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.