المتابع لتطورات المشهد المصري لا يكاد يصدق المستوى الذي وصل إليه بعض الإعلاميين والسياسيين وشيوخ الدين في حربهم ضد الإخوان ومناصريهم المعتصمين بميدان رابعة العدوية وباقي الميادين في المحافظات المصرية. شيخ يطلق فتوى بتصفية 300 من قيادات الإخوان، وإعلامي مجنون يطلق تصريحات غريبة بقتل كل الفلسطينيين ويوجه تحية إكبار للجيش الإسرائيلي ويقول إنه على حق، ومحلل سياسي يحاول أن يوجه الناس بخبث كبير إلى اعتراض حافلات المؤيدين للشرعية ومنع كل من يطلق لحيته من المرور لأنه إسلامي مؤيد للرئيس المعزول مرسي. جنون في التصريحات والمواقف لم نكن نلاحظه حتى في أيام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، مما يشير أن الانقلاب الذي نفذه العسكر بمباركة الأزهر والكنيسة هوى بمصر إلى واد سحيق إلى درجة دفعت بصحيفة غربية إلى القول بأن مصر تمثل حاليا أسوأ ديمقراطية في العالم!! ولا يمكن لأحد أن يدعي أن ما حدث إنما هو استجابة تلقائية لمطالب الشعب الذي نزل في 30 جوان للمطالبة بانتخابات رئاسية مسبقة، لأن كل المعطيات تشير أن الانقلاب تم التخطيط له منذ أشهر وأن الدولة العميقة التي تركها حسني مبارك قامت بواجبها وصنعت جيشا من "الشبيحة" أطلق عليهم اسم "تمرد". واستخدم المال الفاسد لشراء الذمم وتم استدعاء كل مستفيد من نظام حسني مبارك ليعطوا الانطباع للعالم بأن الانقلاب على الإخوان هو مطلب شعبي. وبعد ذلك جاء دور الإعلام ليبرر كل التجاوزات التي ارتكبت من قبل العسكر ويزيد عليها كل أنواع الشتائم والإهانات في حق كل من يقول كلمة حق في الإخوان، حتى وصل الأمر إلى التحريض على القتل في حق المتظاهرين دون أدنى تحرك من قبل قادة الجيش الذين تسببوا في هذا الوضع الكارثي في أكبر بلد عربي. وكم كان ذلك المشهد بئيسا عندما دخل إعلاميو الفلول في سباق مع الزمن وهم "يشحتون" على الهواء ويطلقون النداءات لدعم مصر بالأموال، لتسارع مشيخات الخليج بملاييرها القذرة وتزيد المشهد قبحا، ولا عجب لأن قادة خير أجناد الأرض وضعوا حرية شعبهم للبيع وكان الثمن أكبر مساعدة مالية في التاريخ.. قرابة 15 مليار دولار!! صورة قاتمة ومستقبل غامض لبلد يقال إنه القلب النابض للأمة العربية، لا لشيء إلا لأن مجانين السياسة والإعلام في مصر لم يستفيدوا من التجربة الجزائرية التي جعلت الشعب كله يستقيل من السياسة إلى درجة يمرض فيها الرئيس ويغيب لأشهر ثم يعود.. ولا حدث!!!