ينفرد مبني مجلس الشيوخ الأمريكي "الكابيتول" عن باقي برلمانات الدول الصناعية المتقدمة في كونه الوحيد الذي يسمح لموظفيه بإقامة الشعائر الدينية والصلوات بداخله؛ سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين أو يهود، ولا يجد أي منهم حرجا في أداء مناسكه بكل حرية دون إزعاج من أحد. وعن هذا يقول مايكل ليندساي، عالم الاجتماع بجامعة "رايس" في ولاية تكساس الأمريكية: "إن استغلال المكاتب الفيدرالية في أداء الشعائر الدينية يميز الكابيتول عن برلمانات دول أخرى تنعم بقدر من الديمقراطية.. هذا مغاير تماما لما يحدث في الدول الصناعية الأخرى". وفي هذا الإطار ينظم القس باري بلاك صلوات الصباح المسيحية وحلقات لدراسة الإنجيل للنواب والعاملين المسيحيين بالكونجرس، فيما يحرص الموظفون المسلمون على الالتزام بأداء الصلوات وخاصة صلاة الجمعة في الكابيتول. واستنتج ليندساي بعد 5 سنوات من البحث أن "الظهور والنمو التاريخي للدين داخل السياسة الأمريكية وسطوع نجم الحركة الإنجيلية خلال العقود الأخيرة قد أفاد الديانات الأخرى". ويقول صالح ويليامز (23 عامًا) وهو أحد مساعدي عضو ديمقراطي بالكونجرس: "حقا.. الصلاة في الكابيتول علامة على أن المسلمين لديهم مكان في الحكومة، وأنهم موضع احترام مثل كافة الجماعات الدينية أو الفلسفية الأخرى". وعن كيفية الاجتماع لصلاة الجمعة، فإن أحد الموظفين المسلمين يقوم بجمع زملائه أسبوعيا لأداء الصلاة داخل حجرة الاجتماعات بالكونجرس. ويوضح سهيل خان، وهو جمهوري يعمل بوزارة النقل: "أول إذن يسمح بصلاة المسلمين داخل المبنى كان عام 1997"، وقد حضر أول صلاة جمعة في رمضان هذا العام داخل مبنى الكابيتول حوالي 40 رجلا و5 نساء. ولم تتوقف صلاة الجمعة في الكابيتول منذ 10 سنوات على الرغم من هجمات 11 سبتمبر2001 التي تسببت في تضييق الخناق على المسلمين في الولاياتالمتحدة، وبجانب صلوات المسلمين والمسيحيين، يقوم العاملون اليهود بالكابيتول أيضا بعمل حلقات لدراسة التوراة يحضرها مسيحيون أحيانا. وعلق متحدث باسم جماعة (روب بوستن) الأمريكية، المعنية بفصل الدين عن السياسة، عن الحرية في أداء الشعائر الدينية بالكابيتول قائلا: "لقد فهمنا أن المرافق العامة مثل المدارس العامة والمكتبات مفتوحة للجميع، سواء فيما هو ديني وما هو غير ديني.. ما دمنا فهمنا أن الباب مفتوح أمام الجميع.. فذلك جيد". لقد صار الدين صار بمثابة محور الحياة في السياسية الأمريكية، وحياة العديد من الذين يعملون في مقر البرلمان الأمريكي منذ وضع دستور الولاياتالمتحدة عام 1787، حينما طلب الرئيس بنيامين فرانكلين أن يبدأ يوم العمل بالصلاة". وفي تفسيره لذلك، لفت ليندساي إلى أن السياسيين يستخدمون الدين لجذب الناخبين أو للحصول على ميزة سياسية، وتوافق القس بلاك مع ليندساي، وقال: إن واضعي الدستور أرداوا "وجهة روحية للحكومة، لكن لم يريدوا دينا رسميا". والدين المسيحي هو دين الأغلبية بالولاياتالمتحدة، ويوجد تمثيل للعديد من الديانات الأخرى مثل الإسلام واليهودية والبوذية والهندوسية والسيخية في المجتمع الأمريكي، ويعيش في الولاياتالمتحدة ما بين 6 و7 ملايين مسلم يمثلون نحو 3% من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ مجموعهم 300 مليون نسمة. الوكالات