تحصي السفارة الجزائرية، كما أخبرت "الشروق"، بواغادوغو نسبة قليلة جدا من الرعايا الجزائريين المقيمين بدولة بوركينافاسو. وتعتبر الجالية الجزائرية بدولة "فولتا العليا" أقل الجاليات العربية تواجدا هناك، مقارنة بإخواننا من اللبنانيين والمغاربة والتونسيين وحتى المصريين والليبيين، لكن الشعب البوركينابي له علاقة حب وثقة مع الجزائريين يصعب تفسيرها، فطيلة المدة التي قضيناها بالعاصمة البوركينابية واغادوغو ربيع عام 2011، في إطار مهمة تغطية فعاليات مهرجان الفيلم الإفريقي "الفيسباكو" أحسسنا بنوع من الثقة والطمأنينة التي لن تحس بها في أي بلد إفريقي آخر، بسبب الانعدام التام للجريمة بهذا البلد الذي يعتمد في مداخيله على الزراعة وما تذره عليهم السياحة، سيما من أولئك السياح القادمين من الدول الأوربية وعددهم أكثر بكثير من الذين يزرون الجزائر، لذا فإن المجتمع البوركينابي يجعل من السرقة واستهداف الأجانب خصوصا، جريمة لا تغتفر، ومن تسول له نفسه السطو على، أو نشل، رعية أجنبي بالشارع وتم توقيفه من قبل المواطنين والمارة، فإن مصيره الموت على أيديهم. والغريب في أمر البوركينابيين أنهم يعشقون الجزائريين على وجه الخصوص، وتجد غالبيتهم في الشوارع إذا تعرفوا عليك يهتفون بحياة هواري بومدين وعبد العزيز بوتفليقة، وبعضهم يهتف بأسماء لاعبي المنتخب الوطني المشارك في مونديال جنوب إفريقيا على غرار كريم زياني وعنتر يحي والناخب الوطني رابح سعدان، وتهز الشوارع الكبرى لمدينة واغادوغو والتي تحوي العديد من الكباريهات كل ليلة أغاني الشاب خالد على غرار عيشة وعبد القادر يا بوعلام وغيرها، ويفسر البعض علاقة الأخوة والمحبة التي تجمع البوركينابيين مع الجزائريين بالتاريخ المشترك كون بوركينافاسو كانت مستعمرة فرنسية، وذاقت المر والعذاب من الاستعمار الفرنسي، مع العلم أن ستين بالمائة من الشعب البوركينابي مسلمون. وتتواجد بالعاصمة واغادوغو المئات من مساجد المسلمين، ونحو 17 منهم مسيحيون والبقية يدينون بديانات محلية، لكن البساطة هي السمة البارزة على دولة وشعب بوركينافاسو. وعلى الرغم من الفقر الشديد والبطالة الخانقة والظروف الاجتماعية القاهرة وانعدام سبل العيش الكريم وقلة الموارد الطبيعية ومداخيل الخزينة العمومية إلا أن ما يميز العاصمة واغادوغو خصوصا هو انعدام الجريمة بصورة شبه تامة من شوارعها وأحيائها وأزقتها وأسواقها. وحتى أقدم لكم صورة أوضح، فإن التجول بمبلغ مالي من العملة الأوربية ومعه آلة صورة رقمية وهاتف نقال من الطراز الحديث وغيرها في شوارع بوركينافاسو والعاصمة واغادوغو آمن من التجول بشوارع مدينة عنابة ومدن أخرى هنا بالجزائر، علما أن بوركينافاسو هي دولة تقع في غرب قارة إفريقيا وتحيط بها ست دول، وهي مالي من الشمال، والنيجر من الشرق، والبنين من الجنوب الشرقي، والطوغو وغانا من الجنوب، وساحل العاج من الجنوب الغربي. تبلغ مساحتها 274 ألف كلم مربع ولا يتجاوز عدد سكانها ال14 مليون نسمة، وتعني بوركينافاسو "بلد الناس النزيهين".