نسيم لكحل [email protected] هكذا وبشكل متسارع ومفاجئ طغى الحديث على المؤامرة التي تستهدف الهوية الوطنية على كل الأحداث السياسية والأمنية والرياضية والثقافية التي تعرفها البلاد، ولا يبدو هذه المرة الأمر مقصودا في قضية إثارة ملف النشيد الوطني وحذف مقطع يا فرنسا الذي شغل الناس حتى عن موعد الإنتخابات المحلية التي ستجرى نهاية هذا الشهر. وبغض النظر عن المتسبب وعن الضحية وعن كبش الفداء في هذه الفضيحة فإن ما حدث يكشف أن ملف الهوية الوطنية في الجزائر يخفي الكثير من الأسرار والكثير من الفضائح والمؤامرات التي وقعت ودبرها المدبرون منذ السنوات الأولى للإستقلال. فحذف مقطع يا فرنسا من كتاب مدرسي للسنة الخامسة ابتدائي ما هو في الحقيقة إلا الشجرة التي تغطي الغابة، ولو كانت هناك نية حقيقية لمطاردة كل المتآمرين على هوية هذا الشعب لما تم تهويل هذا الخطأ المقصود أو غير المقصود وتقديمه أمام الرأي العام الوطني والدولي وكأنه الخطأ الوحيد الذي تتضمنه المناهج الدراسية في مختلف أطوار التعليم في الجزائر. البحث في ملف إصلاح المنظومة التربوية فقط سيكتشف الكثير من أسرار ومحاولات طمس الهوية من طرف أولئك الذين سعوا إلى تحويل هذا المسعى من تحديث المناهج مع متغيرات العصر إلى تكييفها مع رغبات أطراف خارجية لم تتوان في اتهام المدرسة الجزائرية بتخريج إرهابيين، والله أعلم عن أي إرهاب يتحدثون، الإرهاب الذي يلقن حب الوطن والتمسك بالهوية أم الإرهاب الذي يعمل على صنع جيل جديد من الجزائريين لا يحفظون النشيد الوطني ولا يؤمنون بوطنهم ولا بجذوره التاريخية والحضارية ؟!. ليست البلاد في حاجة إلى مفرقعات إعلامية أو سياسية سرعان ما ينتهي مفعولها بمجرد حدوثها، وليست بحاجة إلى مزايدات كلامية لا تسمن ولا تغني من جوع، بقدر ما هي بحاجة إلى سياسة رشيدة تقوم على نظرية الرجل المناسب في المكان المناسب وحكم الشعب أولا وأخيرا..