أجمع مختصون على عدم وجود أي مادة قانونية تضبط آجال تمرير تعديل الدستور على غرفتي البرلمان، لكنهم اعتبروا بأنه من غير الأخلاقي والمنطقي أن يتم إقرار التعديل بعد استدعاء الهيئة الناخبة تحسبا للاستحقاق الرئاسي، وتخوف بعضهم من استغلال المعارضة للعملية سياسيا، إذا اقتصرت على استحداث منصب نائب الرئيس، "لأن ذلك سينتج رئيسا يحكم ولا يعمل". وفي الوقت الذي لم يعد يفصل عن استدعاء الهيئة الناخبة سوى 36 يوما، برز جدل حول الآجال القانونية التي تضبط تمرير تعديل الدستور على غرفتي البرلمان، وهل الأمر مرهون باستدعاء الهيئة الناخبة لأجل الانتخابات الرئاسية التي ستجرى شهر أفريل المقبل، ويعتقد الرئيس السابق للجنة الشؤون القانونية بالبرلمان حسين خلدون في تصريح للشروق، بأن استدعاء غرفتي البرلمان للمصادقة على تعديل الدستور في حال اقتصر على بعض التفصيلات الجزئية، ليس له أي علاقة بآجال استدعاء الهيئة الانتخابية للاستحقاقات المقبلة، لكنه رجح بأنه في حال تمرير التعديل على غرفتي البرلمان، أن يتم ذلك قبل استدعاء الهيئة الناخبة الذي سيكون بداية جانفي المقبل، في حين أن تنظيم الاستفتاء بشأن تعديل الدستور ينبغي أن يتم 50 يوما بعد تمريره على غرفتي البرلمان، مؤكدا بأنه يجوز من الناحية القانونية استدعاء الهيئة الناخبة مرتين لأجل تعديل الدستور، ثم من أجل الاستحقاق الرئاسي. ولا يجد المختص في القانون أي علاقة بين استدعاء الهيئة الناخبة وتعديل الدستور، بحكم أن الرئيس يمارس مهامه وصلاحياته إلى غاية إعلان ترشحه، وفي هذه الحالة يكف عن ممارسة الصلاحيات التي يخولها له الدستور وذلك من منطلقات أخلاقية وأدبية بحتة وليست قانونية، مضيفا بأن القانون الأساسي للبلاد لا يحرم الرئيس من مزاولة مهامه بشكل عادي بعد الترشح لعهدة أخرى، ولكنه اعتبر بأن نفس الأسباب الأخلاقية والأدبية تلزم الرئيس بمراجعة الدستور قبل انتهاء آجال إيداع ملف ترشحه للانتخابات المقبلة، معتقدا بأن اقتصار التعديل على استحداث منصب الرئيس فقط سيؤدي إلى تداعيات سياسية، بدعوى أن أحزاب المعارضة ستربط الأمر بصحة الرئيس وبعدم قدرته على ممارسة مهامه، لذلك فهو يرى بأن التعديل إذا حدث لن يقتصر على نقطة واحدة، وسيشمل توسيع صلاحيات البرلمان وكذا العودة إلى ازدواجية السلطة التنفيذية. ويؤكد من جهته المحامي وعضو لجنة الشؤون القانونية بالبرلمان عن كتلة الأفافاس مصطفى بوشاشي، بأنه من الناحية القانونية لا توجد أي آجال تحدد مواعيد تعديل الدستور عبر البرلمان وقبل الانتخابات الرئاسية، "غير أنه من الناحية الأخلاقية من غير المقبول أن يعدل الدستور قبيل الرئاسيات"، لأن ذلك يذكره "بتجربة تعيسة"، وبتعديل الدستور سنة 2008 الذي مكن الرئيس من عهدة ثالثة، قائلا: "نتمنى أن يكون رئيس الجمهورية أكثر التزاما بالأعراف السياسية، وأن لا يعدل الدستور قبل أربعة أشهر فقط من الاستحقاق الرئاسي"، بحجة أن ذلك سيعطي انطباعا في الخارج بأننا لسنا دولة جادة، وهو يرى بأن الغموض الذي مايزال يحيط بقضية تعديل الدستور، يعكس وجود تصحر سياسي حقيقي، "غير أن اقتصار التعديل على استحداث منصب نائب الرئيس سيكون أيضا أمرا غير مقبول"، لأن ذلك يطرح استفسارات عدة، فهل نائب الرئيس سوف ينتخب أم يعين؟ كما أن ذلك يعني حسبه بأن الرئيس ليس في ظروف صحية جيدة، وهي لا تسمح له بتسيير أمور الدولة، وفي هذه الحالة سنتحول إلى وضع لا تنص عليه كافة الدساتير الدولية، ويتمثل في "رئيس يحكم ولا يعمل". ويؤكد من جانبه الرئيس السابق للجنة الشؤون القانونية بالبرلمان عن الأفلان محمد كناي، بأنه من المنطقي إحالة التعديل على غرفتي البرلمان قبل استدعاء الهيئة الناخبة، "ومن الصعب جدا في ظرف ثلاثة أشهر إجراء عمليتين انتخابيتين"، ويقصد الاستفتاء على الدستور، ثم الاستحقاق الرئاسي، مرجحا بأن يتم تأجيل التعديل إلى ما بعد الرئاسيات، وفق ما ذهبت إليه بعض القراءات، أو أن يتم استدعاء غرفتي البرلمان في الوقت الذي يقرره الرئيس، لأن القانون لا يحدد ذلك.