تواصلت أمس حالة الهدوء بمدن سهل وادي ميزاب بغرداية، على الرغم من تخوف البعض مما تخفيه الأجواء الهادئة جدا منذ الخميس الماضي بمعظم المناطق التي شهدت المواجهات الأخيرة، خاصة في إقليم بلدية غرداية، حيث كان البعض يتوقع عودة التوتر أمس الجمعة، لاسيما بعد دعوات إلى النزول للشارع، أطلقتها بعض الجهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي. كان يوم أمس استثنائيا بغرداية، باعتبار أن أيام الجمعة كانت تشهد تصعيدا كبيرا في التوتر، وهذا منذ بداية الأحداث الأخيرة بغرداية، وسجلت استجابة واسعة في الشارع، لدعوات "جمعة نبذ العنف" التي دعا إليها الأئمة، خلال الأيام الفارطة. كما تمكنت قوات الأمن المرابطة في المناطق الأكثر اكتظاظا، من بسط الأمن والهدوء بعد تأمين جميع الشوارع المؤدية إلى وسط المدينة انطلاقا من الأحياء الشعبية من الناحيتين، بعد ما أعادت وحدات أخرى من قوات مكافحة الشغب ورجال الدرك الانتشار بأكثر من موقع عبر تراب المدينة، بعد دعوة أطلقها نشطاء مجهولون على مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما الفيسبوك، بالخروج إلى الشارع مجددا، وقد تمكنت مصالح الأمن من الوصول إلى بعض المشاركين في تأجيج الفتنة بين الشباب، وتم ضمن هذا السياق توقيف شخص، ضبطت سيارته محملة بأدوات حديدية وعصى وهراوات، حيث كان ثلاثة شباب على متنها، كانوا متوجهين بالسيارة نحو وسط مدينة غرداية، وجار التحقيق معه حول ظروف تقديمه سيارته لأولئك الشباب، فيما باشرت لجنة تحقيق مختصة أوفدتها المديرية العامة للأمن الوطني إلى غرداية، في عملية فحص معمق لنشاط مشبوه لعدد من رواد مواقع الفايسبوك، مستعملين عناوين تحريضية تدعو للتفرقة. من جهة ثانية، أنهى أمس، وفد شبابي يضم متطوعين من مدينة غرداية، زيارة ميدانية إلى مناطق التوتر، بأقاليم بلديات غرداية وبنورة الضاية، لرصد وتوثيق الوضع الإنساني في هذه المناطق، التي تشهد، منذ عدة أسابيع، مواجهات دامية بين السكان، أسفرت عن سقوط قتلى وخسائر مادية معتبرة. وكان نحو 20 متطوعا وناشطا يمثلون عددا من الجمعيات، وشباب من مدينة غرداية، برفقة عدد من مراسلي وسائل الإعلام الوطنية، قد تنقلوا في عدد من المواقع المتضررة من أحداث العنف الأخيرة، بكل من أحياء سيدي أعباز، الحاج مسعود، بن سمارة، مرماد، شعبة النيشان، التوزوز، بابا السعد، ثنية المخزن، بن يزڤن، مليكة، للوقوف على الوضع العام للعائلات المهجرة من بيوتها وحجم التخريب والحرق الذي طال الممتلكات جراء المواجهات التي شهدتها غرداية. وأوضح البعض من الشباب المتطوع، بأن عملية الاستطلاع هدفت إلى الوقوف على الوضع الاستثنائي الذي تعيشه أسر فرت من لهيب المواجهات ولجأت إلى المدارس والمنشآت الحكومية، وكذا رصد وتوثيق الاعتداءات التي وقعت بهذه المناطق، والالتقاء بعدد من العائلات التي خسرت كل ما تملك أثناء الأحداث. وأظهرت أولى محطات الوفد الشباني بحي شعبة النيشان، مغادرة 97 عائلة لبيوتها بعد تعرض 12 منزلا للحرق و22 آخر للتخريب، حيث تمركز أصحابها بابتدائية مالك بن انس، فيما تم إسكان 30 عائلة نزحت من منطقة الشعبة والتوزوز بابتدائيات، أبي يحيى الفرسطائي والشيخ احمد فرصوص وأبي عبيد الكورتي في حي قصر مليكة، إضافة إلى 25 عائلة لازالت متواجدة بابتدائية الشهيد مولاي إبراهيم بحي المجاهدين، منذ الأيام الأولى للمواجهات. وطالبت جمعيات محلية السلطات بالنزول إلى عمق المناطق المتضررة، والتحقق من الوضع الإنساني للعائلات، مشيرين إلى أن الأطفال بهذه المناطق بقوا داخل مواقع مغلقة مكتظة، وحرموا من الخروج إلى الساحات المفتوحة منذ ما يقارب الشهر، وأوضاعهم النفسية سيئة للغاية، وأوضحوا بأن ما تم رصده سيتم تقديمه للجهات المختصة لاحقا.