حرّك مقتل ثلاث نساء، أمس، في انهيار بناية قديمة بحي الحمري بوهران غضب عشرات المواطنين في انتفاضة شعبية عارمة ميزتها أعمال شغب على مستوى الشارع الرئيسي المحاذي لمحطة الحافلات بالحمري، حيث قام المتظاهرون بقطع الطريق هناك لأكثر من ساعة وخربوا لوحات إشهارية مثلما مزقوا ملصقات صور المترشحين، هاتفين باتفاقهم على عدم التصويت اليوم الخميس، كما ذهب بعضهم إلى رشق أعوان الأمن بالحجارة وبادلهم هؤلاء برمي الزجاجات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين وصدهم عن محاولة توسيع نطاق الاحتجاج إلى خارج الحي ومحاصرتهم بالحواجز. اهتز حي الحمري بوهران قبيل آذان فجر أمس على وقع انهيار حوش قديم خلّف ثلاثة قتلى كلهم نساء من عائلة واحدة، كما تسببت سيول الأمطار الطوفانية في إغراق وهران بعد أن عجزت البالوعات عن صرف المياه التي جرفت معها ثقة عديد من الناخبين الذين أكدوا لل "الشروق اليومي" عزمهم وعن قناعة تامة على مقاطعة الموعد الانتخابي اليوم، وكلهم يعاني "الميزيرية السوداء" التي لحقت بعشرات المنكوبين والمهددة سكناتهم بالذوبان واشتمام روائح الموت التي أودت بحياة 5 أشخاص لحد كتابة هذه السطور، ومأساة جميع هؤلاء كما يقولون مصدرها استخفاف المسؤولين والمنتخبين بشؤون الرعية البائسة بوهران. الحادث حسب تصريحات الجيران وقع تحديدا على الساعة الخامسة من صباح أمس، عندما تهاوى مسكن عائلة "ميهوب" الواقع ب 26 شارع "إيزيدي ميلود" بحي الحمري بوهران، وأدى في لمح بصر إلى مصرع جميع من كان نائما فيه تحت الأنقاض، حيث كان الانهيار كليا وأطاح بأسقف وجدران السطح والطابقين العلوي والأرضي وسحق معه كل من الوالدة "ميهوب زبيدة" (64 سنة)، وابنتها ميهوب زهرة (44 سنة)، وأيضا ابنة أخيها "ميهوب صابرينة" ذات 27 ربيعا والتي كانت تعيش في بيت عمتها التي ربتها منذ صباها وكانت تعتبرها بمثابة البنت الصغرى، فيما نقل الوالد "ميهوب عبد القادر" الذي كان نائما في غرفة أخرى ونجا من الموت إلى المستشفى الجامعي لوهران إثر تعرضه للصدمة جرّاء الفاجعة التي فرقت في لحظة وإلى الأبد بينه وبين أسرته كاملة. وطبقا لشهادة والد الضحية "صابرينة" وكثير من سكان الحوش، فإن مصالح البلدية كانت قد عاينت قبل حدوث الكارثة بيوم واحد فقط البناية المذكورة وطمأنتهم بعد أن استشعروا بالخطر المحدق بهم، وأكدت لهم بعدم جدوى القلق والمكوث في العراء على أساس أن حالة المسكن غير سيئة ولا تزال تحتفظ بمقاومة المزيد من الاضطرابات المناخية، فإذا به وبجيرانه يستيقظون على جو جنائزي مهيب تحسرت الناعيات والناحبات فيه من عدم وجود من يواسينه أو يعزينه من نساء العائلة اللائي توفين جميعا مرة واحدة ولم يجدن في استقبالهن غير الجيران. الحادثة هذه حركت نساء ورجال الحي الذين تجمعوا بدءا من الساعة الحادية عشر والنصف من نهار أمس في احتجاجات كانت "سلمية" في البداية على مستوى الطريق الرئيسي المحاذي لمحطة الحافلات قبل أن تتطور إلى استعمال العنف الذي تسبب في توقف اضطراري لنشاط عديد من الحافلات. ووسط محاصرة شديدة من طرف أعوان الأمن، وقد كان جميعهم يهتفون باتفاقهم على عدم المشاركة في الانتخاب قناعتهم الوحيدة أن ما لم تحققه المواعيد السابقة من "عزة وكرامة" للمواطنين قد قوّى شحن التمرد وهم محشورون منذ سنوات دون بصيص أمل داخل "نعوش حجرية" ما فتئت ترمي بأمواج منهم نحو المقابر في مشاهد تراجيدية كلما تساقط المطر أو عصفت الريح. وطالبوا بضرورة تدخل السلطات المحلية لانتشال البقايا من مخاطر الانهيارات أو كما يسميها الأهالي ب"مشاريع الموت الوحيدة الملتزم بإنجازها في مواعيدها المحددة بالضبط" بهذا الحي الذي تحول بفعل إقدام عديد من سكانه على نصب خيم في عرض الطرقات قارب عددها ال 16 خيمة في المدة الأخيرة خشية من الموت تحت ردم البنايات "البسكويتية" إلى متاهة فئران حقيقية زادت من تعقيد حركة المرور عبر مختلف الدروب. كما تسببت الأمطار الغزيرة في إغراق عديد من الطرقات وعرقلة حركة المرور، وكشفت أن عددا كبيرا من البالوعات العمومية كانت مسدودة بحي قمبيطا، وسط المدينة، حي العثمانية، السلام، مدخل بئر الجير، الطريق الوطني رقم 11 وغيره من الطرقات التي تجاوز ارتفاع المياه فيها المتر، مثلما تعرضت المئات من السكنات بحي الضاية الصغيرة، كوشة الجير، مديوني، الحمري، الدرب، سيدي الهواري وأيضا بضواحي وهران إلى اجتياح المياه، كما قضت كثير من العائلات بحي البحيرة الصغيرة والأحياء القديمة ليلة أمس وقبلها في العراء خوفا من "ذوبان" بناياتهم العتيقة. خيرة غانو