إحتشدت أوّل أمس جموع صاخبة من سكّان حيّ "الحمري" بوهران خلال زيارة وزير التضامن جمال ولد عبّاس اثر مقتل ثلاثة أفراد من عائلة واحدة في انهيار خطير لبنايتهم، إذ شهد الحيّ تطوّرات مثيرة وتصعيدات كادت أن تحوّل الاحتجاجات إلى مشادّات مع مصالح الأمن. أمر وزير التضامن بفتح تحقيق ابتداء من اليوم في حادثة مقتل أمّ وابنتيها من عائلة "ميهوب" بعد الانهيار الكلّي لمسكنها كردّ فعل على الاحتجاجات الصاخبة التي استقبل بها جمال ولد عبّاس حين وطأت قدماه الحيّ، حيث عبّرت العائلات المقيمة بحي "الحمري" أثناء زيارته لبيت الضحايا زوالا عن سخطها وغضبها تجاه الإهمال واللامبالاة من قبل السلطات بوضعيتهم السكنية والتي راح جرّائها ثلاثة أفراد من عائلة واحدة عثر عليهم موتى تحت أنقاض البيت المنهار الساعات الأولى من صباح الأربعاء تبعا لتواصل تهاطل الأمطار طيلة اليومين الماضيين. ووجّهت اتّهامات صريحة للسلطات المعنية بتحمّل دم الضحايا خصوصا بعد التصريحات الخطيرة التي أدلى بها زوج الضحيّة وابنتيها والتي تمسّ بالدرجة الأولى مصالح الحماية المدنية، إذ كشف أنّ "زوجته وابنتيه لم يعثر بجسدهما على قطرة دم واحدة، توفّين اختناقا تحت الأنقاض.."، مضيفا أنّهم قاموا بالاستنجاد بذات المصالح بعد الانهيار في حدود الساعة الرابعة صباحا "وكانت كلّ الأبواب مغلقة، إذ لم يحضروا حتّى الساعة الخامسة والنصف"، كما وجّه الزوج "ميهوب" معاتبات مباشرة للوزير والسلطات المحليّة، كونه وجّه مراسلات عدّة للوالي ووزارة السكن قبل الإنهيار ولديه ملف سجّلت به 19 نقطة، إلاّ أنّه لم يتلّق أيّ استجابة. وأشار إلى الصكّ الذي تلّقاه من الوزير وأوامره بالإسكان الفوري لهذه العائلة صارخا "بعد ماذا؟!، بعد أن ماتت زوجتي وابنتاي، كان عليكم أن تتدخّلوا قبل وقوع الكارثة.."، وهي التصريحات التي ألهبت غضب السكّان وجعلتهم ينتقدون الوزير الذي وجد نفسه في موقف حرج وسط هذا الغضب الشعبي العارم، حيث صرخ عاليا محاولا تجاوز عناصر الأمن الذين كانوا يحيطونه بغرض حمايته "ابتعدوا، هذه جنازة ورانا جايين نعزّوا.."، إلاّ أنّ كلّ الإجراءات الأمنية لم تنجح في عدم اقتراب "الحمراوة" من الوزير والذين طلبوا منه بلهجة عنيفة "أعطونا حقّنا ولاّ خلّونا نحرقوا في البوطيات" بينما تطوّرت الأمور إلى مشادّات مع مصالح الأمن شبيهة بتلك التي تعوّد "الحمراوة" صنعها بالملاعب مصحوبة بعبارات غاضبة وأخرى بذيئة "لا خدمة، لا زدمة وزادتنا السكنى، نوضوا يا حمراوة..". الإحتجاجات التي تواصلت لليوم الثاني على التّوالي لم يطفء نارها وعود الوزير الذي كشف عن برنامج خاصّ لحيّ "الحمري" يتضمّن عملية إحصاء للمتضرّرين والمهدّدين فعلا بالخطر وترحيلهم نحو سكنات جديدة، مؤكّدا أنّه سيشرع في استقبال الملفات ابتداء من هذا الأسبوع على أن يعود بعد أسبوع للوقوف على مدى عمل لجنة التحقيق والإحصاء، فاتحا النّار على المصطادين بالمياه العكرة، إذ قال: "لا داعي للمتاجرة بأرواح الموتى" في إشارة إلى عائلات تحتال على السلطة من خلال نصب خيم في الشارع، في حين أنّها لا علاقة لها بخطورة الانهيار، ليؤكّد الوالي الطاهر سكران من جهته أنّ "ليس كلّ من نصب خيمة سيستفيد من سكن" كما أن وهران حسب الوالي لا يوجد فيها "الحمري" فقط بل هناك أحياء أخرى مهدّدة بنفس الخطر مثل "سيدي الهواري"، "الدرب"، "سان بيار" وغيرها. صالح فلاق شبرة