لم تهدأ الأوضاع بعد بوهران، لليوم الثالث على التوالي بفعل الاضطرابات التي لم تركن إلى السكون بعدما خلّفت خسائر معتبرة طيلة اليومين الماضيين جرّاء أعمال الحرق والتخريب، حيث ظلّت الأجواء مشحونة طيلة نهار أمس، بعدما تكرّرت الأحداث الليلة الماضية، وراح ضحيّتها محلاّت تجارية تعرّضت للسطو والنهب، فيما بلغ عدد المصابين من رجال الأمن 140 شرطيا وتمّ توقيف 157 شخصا، كحصيلة مرشّحة للارتفاع. تجتاح، وهران هذه الأيّام زوابع لم تهدأ على الرغم من مرور ثلاثة أيّام على إثارتها من طرف مناصري المولودية، الذين ألهبوا مختلف الشوارع والأحياء حرقا، فيما تعرّضت مؤسّسات هامّة للتخريب، حيث استمرّت التوتّرات على ما كانت عليه إلى غاية ليلة أمس، لتقوم مجموعات مجهولة بالاعتداء على محلاّت تجارية بشارع "العربي بن مهيدي". وقد تمّ السطو على كلّ محتويات محلّ لبيع الهواتف النقّالة وآلات التصوير الرقمية، بينما عقب ذلك فرحة وتهليلات بلغ صداها كلّ أرجاء المدينة، بعدما أعلن عن إمكانية إنقاذ المولودية من السقوط عن طريق ورقة "السنة البيضاء"، لكنّ اليوم الموالي لم يختلف كثيرا عمّا سبقه باستثناء الهدوء النسبي والأجواء الملّغمة التي سيطرت على الوضع العام، حيث أنّ تجمّعات المناصرين بقيت على حالها بمناطق أعلن أنّها محظورة، مثل الحمري، مديوني، المدينةالجديدة، العربي بن مهيدي وغيرها. وعكفت مصالح الأمن على تعزيز قوّات مكافحة الشغب بالأماكن الحسّاسة استعدادا لأيّ إنزلاقات مشابهة لتلك التي حدثت سابقا، فيما تمّ إضرام النار بالعجلات المطّاطية بحيّ الحمري، واقتحام محلّ لبيع موادّ البناء بمديوني، في حين عمّ الخراب على المشهد العام، كون العديد من المؤسّسات العمومية والخاصّة كانت هدفا للمتظاهرين لأغراض السرقة، مثل بنك القرض الشعبي الجزائري بالكميل، وبنك الخليج الجزائري بشارع سيدي الشحمي، وبنك "سوسيتي جنرال" بمرافال وشارع خميستي، وصندوق التوفير والاحتياط بالصديقية ومؤسّسة توزيع السيّارات "سي تروان" بالكميل و"رونو" بشارع خميستي"، إضافة إلى مركز الأمن الحضري 13 و2 وكذا سينما المغرب ومحلاّت تجارية نهبت كمحلاّت بيع الخمور مثل ذلك المتواجد بشارع عدّة بن عودة، كما تعرّضت المخادع الهاتفية "حرّية" والأعمدة الكهربائية إلى التخريب كذلك وبلغت الحصيلة النهائية للجرحى في صفوف مصالح الأمن 140 شرطيا، بينما تمّ توقيف 157 شخصا. من جانب آخر بقيت الشائعات سيّدة الموقف، نهار أمس، على الرغم من أنّه لم تحدث مواجهات حقيقية، باستثناء استعمال الهراوات من قبل عناصر مكافحة الشغب لتفرقة المتظاهرين بشارع العربي بن مهيدي، حيث تناقل النّاس، وجود إشتباكات في عدّة مناطق لا وجود لها من الصحّة، وفعلت بذلك الهستيريا فعلتها بالمواطنين. بينما خلقت هذه الأحداث إلى جانب الخسائر المادّية، معاناة حقيقية لدى الوهرانيين من حيث تعثّر حركة النقل وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، جرّاء المضاربة الناجمة عن إقفال المحلاّت لأبوابها، حيث ظلّ المواطنون يتنّقلون مشيا على الأقدام طيلة الأيّام الثلاثة الماضية، كون الطرقات والشوارع الرئيسية، تمّ إغلاقها من طرف مصالح الأمن، خوفا من تعرّض السيّارات وحافلات النقل الجماعي للتخريب مثلما حدث بالنسبة لأكثر من 100 سيّارة تعرّضت لأعمال الحرق والتحطيم. وتبعا لذلك استغلّ أصحاب سيّارات "الكلوندستان"، الوضع لفرض تسعيراتهم ونقل زبائنهم إلى مناطق محدّدة، كما عرفت أسعار الخبز والحليب والخضر ارتفاعا قياسيا، بعدما أقفلت المحلاّت التجارية والأسواق اليومية، حيث وصل سعر الخبز إلى 15 دج والبطاطا إلى 60 دج، فيما كانت هذه الموادّ محلّ بحث من طرف المواطنين. إضافة إلى ذلك تمّ تأجيل الامتحانات على مستوى عدد من المعاهد والجامعات بسبب تخلّف الطلبة والأساتذة عن الالتحاق، لأسباب تعود إلى النقل والتخوّفات، مثلما تواصلت الغيابات كذلك على مستوى مراكز إجراء الامتحانات الخاصّة بتلاميذ السنة الخامسة والسادسة ابتدائي.