"أين هي حقوق الإنسان، هل بناء الجسر الذي تهدم أولى من عائلات لقيت مساكنها نفس المصير".. وعبارات أخرى استقبلنا بها السكان المنكوبون بقرية سيدي منيف بعد مرور أسبوع من الفيضانات التي اجتاحت القرية عقب الاضطراب الجوي العنيف الذي مسّ العاصمة مؤخرا مخلفا وراءه العديد من العائلات المشردة التي أصبحت تفترش الأرض، مستأنسة بنور النجوم. كما هو حال 10 عائلات بذات القرية وجدت نفسها بين ليلة وضحاها تبيت في العراء بعد أن جرف الوادي كل منازلها، دون أدنى تكفل أو اهتمام من طرف السلطات المعنية، "لم يكلف أحد من المسؤولين نفسه عناء التنقل إلينا في الوقت الذي نحن فيه بأمس الحاجة لمساندتهم لنا"، يقول (د. محمد) رب عائلة متكونة من 10 أفراد يعيش كل واحد منهم اليوم عند أحد الأقارب، في حين يتقاسم هو وزوجته وبقية الأولاد أحد الأكواخ الذي تكرّم به عليهم أحد الشباب. كانت مظاهر الدمار بادية، منازل متهاوية لم يبق منها إلا الردوم، أثاث محطّم ومبعثر في كل مكان، كما كان أزيز الجرافات يدوّي المكان من أجل إزالة الشوائب والردوم من فوق الوادي لتجنب حدوث كارثة أخرى. وفي الجهة الأخرى، كانت الأشغال جارية لإعادة ترميم الجسر الذي لم يتحمل قوة اندفاع الوادي. وفي هذا الصدد يقول أحد المنكوبين "لقد تم ترميم نفس الجسر الذي كان من قبل، هذا ما يهدد بحدوث كارثة أخرى في حالة تساقط الأمطار وربما ستطال الأحياء المجاورة التي سلمت في المرة السابقة على غرار مشروع 1000 مسكن الذي لا يبعد عن القرية. منكوب آخر خاطبنا بلهجة كلها غضب وسخط على الجهات المسؤولة بسبب تجاهلهم "هل كان من الأولى تنظيف الوادي وترميم الطريق في الوقت الذي نبيت فيه في العراء، ما ذنب هؤلاء الأبرياء". وقد أكد السكان في هذا الصدد إصابة أولادهم بعدة أمراض نتيجة هذه الوضعية بعد إقامتهم في العراء قرابة الأسبوعين على غرار أمراض الحساسية، داء الربو الذي سجل أعلى نسبة، الإسهال، ناهيك عن الحالة النفسية السيئة التي أصبح يعاني منها أغلبهم تجلت في حالات الخوف والذعر التي انتابتهم، وقد انعكس هذا-حسب السكان- على تصرفاتهم اليومية بسبب رفضهم التوجه إلى المدرسة خشية أن تجرفهم المياه، وعدم قدرة بعضهم على النوم ليلا من هول الصدمة التي أصابتهم، وهذا ما لمحناه بالفعل من خلال نظراتهم البريئة وتأملهم في جريان الوادي. وفي ذات السياق، أكد سكان القرية استغاثتهم بالجهات المعنية كما توجهوا إلى الدائرة الإدارية لزرالدة عدة مرات لكن لا حياة لمن تنادي "أين هي حقوق الأسرة، أين هي حقوق الطفل والمرأة"، يقول(س. م) رب عائلة متكونة من 5 أفراد، "لم اعد ألتقي بعائلتي إلى نادرا أصبحنا مشردين ولا بيت يأوينا، لقد حوصرنا يومها بالمياه من كل جهة ولولا فطنة الجيران ورحمة الله لكنا اليوم في عداد الموتى". رغم الظروف الصعبة التي مر بها سكان القرية إلا أنها لم تثني من عزيمتهم في أداء واجبهم الانتخابي في أصعب الظروف. وقد جدد السكان نداءهم للسلطات المعنية لإيوائهم في أقرب وقت قبل حدوث كارثة أخرى. نسيمة بلعباس