لا يزال للانفجارين الأخيرين الذين هزا بن عكنون وحيدرة بالعاصمة تبعات نفسية جسيمة على سكان العاصمة والوافدين إليها كما هو الحال عقب كل عملية تفجير، حيث أصبح المواطنون مهووسين بعملية الحيطة والحذر ويتفادون في تحركاتهم سواء بالسيارة أو مشيا على الأقدام، المرور أو التوقف أو الانتظار بالقرب من مقرات مؤسسات الدولة العمومية والأمنية من وزارات وبنوك ومقرات الشرطة والدرك والحماية وكذا الهيئات الدولية والدبلوماسية والأحياء الراقية التي تقطن بها الشخصيات، حتى أصبح يخيّل للمرء أنها أحياء خالية. وفي هذا السياق، يقول "محمد"، إطار بشركة خاصة، إنه بحكم عمله يضطر إلى التنقل كثيرا إلى قلب العاصمة خاصة في شوارع ديدوش مراد وزيغود يوسف، لكن منذ التفجيرين الأخيرين أصبح يتفادى هذه الأماكن وإن تحتم الأمر يركن سيارته بموقف تافورة ويصعد مشيا إلى الأقدام، متفاديا المرور بالهيئات الرسمية "أفضل اتخاذ الأزقة الضيقة على المشي في الشوارع الكبيرة...ماكانش لامان" على حد قوله. وناهيك عن مهمة مصالح الأمن والدرك الوطني في التشديد على مراقبة الأشخاص المشبوهين والسيارات والشاحنات المشكوك فيها، تحوّل العديد من المواطنين إلى أعوان أمن يتولون مهمة الحراسة، خاصة أصحاب المحلات. ويروي "زينو"، طالب جامعي، في السياق ذاته أنه خضع خلال الأسبوع الفارط لعمليات تفتيش في أكشاك الهواتف العمومية، كما لاحظ أن العديد من أصحاب المحلات كانوا يفتشون الحقائب والأكياس التي يحملها الزبائن قبل أن يدخلوها. كما يشن أصحاب مركبات النقل العمومي حملات تفتيش واسعة للأكياس والحقائب التي يحملها المسافرون تفاديا لمفاجئات غير سارة، وانتقلت حمى التفتيش واليقظة إلى سائقي حافلات نقل الطلبة مثل ما حصل يوم الأربعاء المنصرم حين منع طالب جامعي من ولاية المسيلة من ركوب الحافلة المتوجهة من بن عكنون إلى القبة، لأنه كان يحمل مذياعا ولم تكن معه وثائقه الشخصية ولا بطاقة الطالب، مما جعل سائق الحافلة يمنعه من الركوب. واستمر الحال كذلك قرابة الساعة رفض خلالها السائق مغادرة المحطة إلى أن تحقق من هويته. لاشك أن الحياة تستمر وتعود كما كانت من قبل، لكن تبقى الأيام القليلة التي تعقب أي اعتداء أو انفجار خاصة جدا ومميزة تصل فيها درجات الحيطة والخوف أقصى الدرجات بفعل التأثر الكبير بمثل هذه الفاجعات. بوطيبة فضيلة