تعتبر تونس ولبنان أكثر البلدان العربية تشبها بالغرب في احتفالها بعيد رأس السنة الميلادية، ولأن تونس الأقرب للجزائريين فهي قبلتهم في نهاية كل سنة، بعد أن طلق العاصميون اقتناء حلوى"لا بيش" و احتضنها سكان المدن الداخلية، حيث يقصد ولاية تبسة نهاية كل سنة المئات من سكان الوطن كونها معبرهم إلى تونس عبر المركز الحدودي بتيتة . استقبل مركز بتيتة بتبسة العام الماضي أزيد من1261 مسافرا أتوا من مختلف أنحاء الوطن للمرور إلى تونس القبلة الأولى المتشبهة بالغرب في العالم العربي حيث يقضون فيها أجمل الأيام الأولى من السنة الميلادية. فنادق "قفصة"،" سوسة" و"تونس" على أتم استعداد لاحتضان القادمين إليها من الدول العربية والغربية.عائلات كثيرة أخذت عهدا على عاتقها أن لا يدركها العام الجديد إلا وهي بإحدى فنادق تونس الخضراء أين يبلغ ثمن الإقامة 70دينار تونسي لليلة وتزداد تكاليفه إذا ما احتسبت المشاركة في حفلة عيد رأس السنة الميلادية لتصل إلى ضعف المبلغ نظير الاستماع إلى مختلف الطبوع الغنائية وتناول أشهى الوجبات وعلى رأسها الأطباق الغربية، وما لازمها من مشروبات روحية من الجعة والويسكي التي لا يتردد سكان تونس في وضعها بأبسط المطاعم الشعبية. وقد كلف احتفال مطلع السنة الميلادية العام الفارط بتونس عند إحدى العائلات الجزائرية 150ألف دينار جزائري بين أكل وسهر واستمتاع ببعض الأغاني المتداولة مع الساهرين . بينما يفضل عدد لا يستهان به من الجزائريين أن يحتفلوا بهذه المناسبة على أصولها دون أن يفوّتوا أي جزئية من جزئياتها لذلك فهم يقصدون الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا كونها الأقرب إليهم لاستقبال السنة الميلادية الجديدة ويختص الإجراء بالعائلات الثرية جدا وعاشقي الحياة الغربية حتى النخاع وكذا شخصيات السلك الدبلوماسي ومن والاهم بالعزّ والبذخ. أما بقية العائلات التي ماتزال تنوء بالمحافظة على التقاليد الجزائرية في ظل موجة التقليد العارمة، فتفضل اقتناء بعض المأكولات الشهية وتحضير طبق شعبي يلم شمل أكبر قدر من أفراد العائلة مع الاستمتاع بتداول لعب الحظ والتنبؤ بمستقبل الفرد للسنة القادمة في جملة من التمنيات والطقوس القديمة كتعليق ملاعق الأكل بحبل وسط المنزل وانتظار الصباح ليرى من سيقضي نحبه أولا من أفراد العائلة ولا يستبعد أن يكون موته بنفس السنة. وعن حلوى رأس السنة أو مايعرف ب"لابيش"فقد طلقها العاصميون هذا العام لتحتضنها المدن والولايات الأخرى فهي تتربع على محلات الحلويات بأكبر الولايات الساحلية ويتراوح ثمنها مابين 500الى 2000دج حسب الحجم والطعم ،إضافة إلى شجرة الهدايا التي لم يعد الجزائريون يجدون حرجا من اقتنائها حتى وان كانوا لا يرجون أملا من وجودها لقناعتهم الأكيدة من أن الأب"نوّال"لا وجود له في عقيدتنا ولا تقاليدنا، إلا أن التقليد الأعمى فرض ما لا خيار للتراجع عنه وصار لزاما على ثلة من العائلات المدللة لأطفالها أن تشتري هذه الشجرة وان تنبت هي بنفسها ما يجب أن يكون عليها من هدايا صباح أول يوم من السنة الجديدة، لتبلغ تكاليف هذا التقليد البغيض 5ألاف دينار جزائري كأقل تقدير لعائلة بثلاثة أطفال. أما عائلات منطقة القبائل فتفضل أن تجدد آنية المنازل بهذه المناسبة خاصة التي تطهى عليها يوميا تيمنا بمطلع السنة الميلادية وحفاظا على الصحة العامة للأسر هناك، كما تحافظ على تقليد رمي حزمة من الحشائش الخضراء فوق أسقف المنازل كي يعم الخير البيوت طيلة السنة، فعام سعيد لتلك البيوت الممعنة في التقليد العربي الأصيل ودوام سلامة النية لمن يكاد يتيه بها التقليد الأعمى. دلولة حديدان