سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أويحيى أول من استجاب لإصلاح العدالة ولوح من المتحمسين لاستقلالية القضاء المستشار السابق لبوتفليقة وعضو لجنة إصلاح العدالة.. حسن بوسقيعة ل "الشروق":
يشخص المستشار القانوني والقضائي للرئيس بوتفليقة خلال الفترة 2000 -2005، وعضو لجنة اصلاح العدالة، الأستاذ حسن بوسقيعة، في حوار مع "الشروق"، واقع منظومة القضاء، التي يعتبرها قد تحولت إلى "آلية لتشغيل المعربين من حملة شهادة ليسانس"، ويتحدث كذلك عن الضغوط الممارسة على القاضي. *هل تصريح وزير العدل برفض قضاة نجحوا بمعدلات 7 من عشرين قد "عرى" ما عرف بإصلاح قطاع العدالة؟ **أنا موافق على تصريح وزير العدل ألف في المائة من حيث المبدأ فهو يعرف القطاع جيدا بحكم أنه قاض وكنا مع بعضنا في لجنة إصلاح العدالة وكان من المتحمسين لاستقلال القضاء، فمن غير المعقول أن نقبل مترشحا للقضاء، حصل على معدل أقل من 10. الآن نتساءل كيف وصلنا إلى هذا المستوى؟ في السنوات الأولى لإصلاح قطاع العدالة الذي بدأ في 2001، تم التكفل بتحسين تكوين القاضي، لكن في الخمس سنوات الأخيرة رفع عدد الطلبة القضاة إلى 470 بصرف النظر عن معدلهم، وهو ما أدى إلى اعتماد آلية الإنقاذ ومنه إلى معدلات أقل من 10 بل وحتى أقل من 8، وهكذا للأسف خرجنا من المقاييس العالمية، وأصبح القضاء عبارة عن تشغيل الشباب. *لكن رفع عدد تكوين القضاة سنويا أملاه ظرف التخفيف عن القاضي الذي يدخل الجلسة ب 200 ملف؟ **هل القاضي مطالب بالفصل في 200 ملف خلال الجلسة، هذا مشكل آخر، هل تعلمون أنه في وقت ما، فرضت الوزارة على القضاة الفصل في عدد معين من الملفات، وهكذا أصبحت المردودية بمفهوم العدالة سباقا عدديا، القاضي الذي يدخل الجلسة بفكرة أنه مطالب بالفصل في عدد من الملفات، حينها لا تصبح هنالك عدالة. علينا أن نفهم أن إصلاح العدالة لن يتأتى عدديا وحسابيا، القلة والنخبة هي الأهم فعندما يكون لي 1000 قاض متكون، فهم أفضل من 5 آلاف قاض بتكوين ضعيف، هل تعلم أن قضاة فرنسيين على سبيل المثال لما يزورون الجزائر ويشاهدون وتيرة الفصل في الملفات يندهشون. *ما الذي أوصلنا إلى هذا الوضع إذا؟ ** لقد أعطينا كل القضايا والمشاكل صبغة قضائية، وصار هنالك إفراط في اللجوء إلى القضاء، في العالم هناك سياسات للإصلاح لتفادي اللجوء إلى القضاء عبر الوساطة والصلح وهناك ميكانيزمات أخرى لكنها غير معمول بها في الجزائر. *القاضي كما تقول تحول إلى موظف فأين هو مبدأ الفصل بين السلطات واستقلالية القضاء؟ **حاليا سادت في الوسط القضائي وطغت صفة الموظف على القاضي من خلال ظروف عمله والضغوط التي تمارس عليه والمحيط الذي فرض نفسه عليه، فأصبح نتيجة لذلك القاضي يحس في نفسه أنه موظف مكلف وليس قاضيا صاحب سلطة. ولا أكشف سرا إن قلت إنه حصلت تدخلات حتى في إدارة الجلسات، حيث صدرت تعليمات أو بالأحرى توجيهات للقاضي تجبره على عدم تأجيل القضايا أكثر من 3 مرات، والفصل في عدد من الملفات، وهكذا لا يصبح القاضي قاضيا، لأن القاضي يفصل في الملفات وهو مرتاح وحسب ضميره، أما إذا أجبر على الفصل في القضية بقرار إداري رغم أن القضية تحتاج إلى تأجيل، فهنالك مساس باستقلالية القاضي من جهة ومساس بحقوق الدفاع، من جهة أخرى، وهو أمر غير مقبول. *وهل وصل الأمر إلى حد توجيه القاضي في الأحكام التي يصدرها؟ **حسب مساري المهني كقاض لمدة 25 سنة واحتكاكي اليومي مع القضاة، فما يشاع أن هناك إملاءات على القاضي فأنا أستبعد ذلك، لكن هنالك مشكل آخر هو الرقابة الذاتية خاصة في المجال الجزائي، فالقضاء وفق القانون هو الذي يدير الشرطة القضائية لكن المسألة أكثر تعقيدا في الواقع لأن مصالح الأمن هي التي تتحكم في المسار المهني للقاضي من خلال تحقيقات التأهيل التي تحولت إلى آلية تقييم القضاة. *كيف يتم ذلك؟ **تعيين القاضي يتم بمرسوم رئاسي، لكن بعد تحقيق التأهيل الذي تقوم به مصالح الأمن، ونفس الأمر يحدث عندما يتم اقتراحه لتولي مناصب نوعية كرؤساء المجالس القضائية، أو النواب العامين، التعيين يتم بعد تحقيق أمني تقوم به مصالح الأمن كذلك، إذن القاضي يأخذ بعين الاعتبار هذا الجانب في عمله، وهذا يتناقض تماما مع استقلال القاضي، فأصبحنا في وضعية عكسية، عوض أن يتولى هو عملية تقييم مصالح الضبطية القضائية، صار هو من يخضع لتقييمها، رغم أن هناك جهة أخرى يفترض أن تقيمه لا أقصد وزارة العدل وإنما أقصد بها المجلس الأعلى للقضاء. *هل تبرئ المفتشية العامة بالوزارة؟ **المفتشية العامة للوزارة تحولت للأسف في وقت معين إلى وسيلة لترهيب وترغيب القضاة، رغم أن دورها الأساسي بيداغوجي تكويني. بتشخيصيك للوضعية يعني أننا لم نصل إلى استقلالية للقضاة؟ أوصت اللجنة بتحسين ثلاثة محاور أساسية في المنظومة القضائية: أولها متعلق بالهياكل وظروف العمل وسير المرفق العام، والثاني بالقاضي وشركائه، والثالث في النصوص القانونية. فيما يخص المحور الأول هنالك تحسن في ظروف العمل، والهياكل والتجهيزات، ويجب الاعتراف أن مرفق العدالة أصبح يسير أفضل من ذي قبل. وفي الشق الثاني بالنسبة للقاضي، أوصت اللجنة بتحسين أدائه وتكوينه، لكنه لم يتحقق منه إلا القليل، وبموضوعية أقول إن هنالك نوعية في المحاكم، ولكن هناك أيضا الرداءة. المفاجئ وكنت شاهدا على ذلك، أن وزير العدل السابق أحمد أويحيى كان أول من طبق توصيات لجنة إصلاح العدالة بحذافرها، رغم أنه ليس قاضيا، لكن أقولها المشكل ليس في الوزير ولكن في غياب إرادة سياسية. وفي المجال الثالث لإصلاح العدالة المقترح، والخاص بالنصوص، فأقول إن نصوصا كثيرة صدرت غير أنها اتسمت في عمومها بالتسرع وعدم الانسجام بل وأحيانا أفسدت ما كان صالحا. *ما هي الاختلالات المسجلة على القانون الأساسي للقضاة؟ **المجلس الأعلى للقضاء، ورغم نص الدستور أن المجلس هو من يقرر في كل ما له علاقة بالمسار المهني للقاضي، إلا أن الوزير ومن خلال القانون الأساسي للقضاء والقانون العضوي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء هو من يتولى العملية، فالوزير يقدم المقترحات ورئيس الجمهورية يصادق عليها، وهذا أمر مخالف للدستور، الواجب على السلطة التنفيذية أن تنسحب من هيمنتها على القاضي.