توجه اليوم السبت، الوزير الأول عبد المالك سلال، إلى غرداية في زيارة عمل لبحث الأوضاع المتدهورة في الولاية بعد الأحداث الأخيرة التي لا تزال تداعياتها تخيم على المنطقة. ورغم أن الوزير الأول قد صرح في وقت سابق أن الحكومة ستعمل على إيجاد حل نهائي للوضع في ولاية غرداية بفضل سياسة الحوار والتشاور التي سبق لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أن أمر بتطبيقها للوصول إلى حلول للمشاكل التي تعكر صفو حياة السكان، إلا أن الواقع أثبت ذلك واستمرت الأجواء المكهربة التي يغذيها صراع طائفي خفي. ومنذ بروز الأزمة في غرداية إلى واجهة الأحداث سارعت الحكومة إلى محاولة تطويقها سلميا بإرسال مسؤولين كبار في الدولة بوزن وزراء لتهدئة الأوضاع لكنها فشلت في القضاء على بؤر التوتر التي ساهمت في تأجيج الصراع بين الإخوة الأعداء الذين تحركهم أيدي خفية لم تستطع الحكومة التوصل إليها وكشفها أو لم ترد ذلك. ومضت الحكومة إلى الحل الثاني والمتمثل في الجانب الأمني وقامت بإنزال أمني كبير لقوات الدرك والشرطة بإشراف مباشر من قادة الجهازين غير أن رد المتظاهرين في غرداية وبعض المدن المجاورة لها كان عنيفا وجرح العشرات من رجال الأمن وعدد مماثل من المتظاهرين الذين شاركوا في الاحتجاجات إثر مواجهات مع قوات الأمن. في هذا السياق كانت خلية التنسيق والمتابعة قد جددت طلبها للسلطات بضرورة الضرب بيد من حديد كل من تسبب في جر غرداية إلى دوامة صراع أخذ صفة التناحر الطائفي، داعية جهاز الأمن إلى عدم التهاون في أداء واجبه تجاه من أسمتهم ب"البلطجية"، وخرج العديد من الأعيان والعقلاء عن صمتهم بعد ما وجهوا أصابع الاتهام إلى من أسموهم "شرذمة الشر التي لا زالت تعيش بغرداية وتخطط لضرب استقرار الجزائر". ويبدو أن الحكومة قد استنفذت كل الحلول في احتواء الأزمة التي تنخر ولاية غرداية، حيث لم تتدخل في بدايات انفجار الأزمة وأهملت الصراع الخفي الذي كانت تؤشر على انفجاره بعض المناوشات المتفرقة بين أصحاب المذهبين المالكية والإباضية حول مسائل فقهية ثانوية، وكان يفترض أن تتدخل الحومة بمؤسساتها الدينية والثقافية والعشائرية لتقريب الرؤى والتأسيس لحوار شامل بين المذهبين، إضافة إلى دعم عمل ونشاط لجان الأعيان المحلية وتزويدها بالوسائل اللازمة لأنها الأدرى بظروف وطبيعة الأوضاع بالمنطقة. وتعد التنمية المحلية عاملا حاسما في إقرار الأمن والاستقرار في المنطقة بالنظر على حجم البطالة التي يعاني منها شباب المنطقة مما يستدعي دعم آليات تشغيل شباب المنطقة وإدماجهم في مناصب عمل ملائمة، وكذا دعم الاستثمار المحلي في مختلف المجالات لتحسين ظروف معيشة السكان.