أجمع عدد من العلماء على أن اختلاف المذاهب الفكرية والفقهية لم يكن يوما سببا للنزاع أو الاختلاف الطائفي ودعوا إلى ضرورة العودة إلى المرجعية الحقيقية للمذاهب والتمسك بقيم العلماء السابقين. فيما أكد عدد من أعيان غرداية أن ما يحدث في غرداية ليس صراعا بين إباضيين ومالكيين، بل صراع مصالح مادية وعروشية. وناقش زمرة من المشايخ والأستاذة منهج كل من الشيخ العلامة محمد بن عبد القادر شارف وكذا الشيخ ناصر بن محمد مرموري على اختلاف مذهبيهما، فالأول مالكي والثاني إباضي، غير أن اختلاف المذهبين، حسب تدخل عدد من العلماء خلال الملتقى الوطني الثاني لأعلام الجزائر الذي نظمه المركز الثقافي الإسلامي بدار الإمام، لم يكن يوما سبب تناحر، بل كان بين العالمين قواسم مشتركة فيما يخص مبادئ التسامح ومحاربة التطرف ونبذ العنف، وفي هذا تأكيد على أن التوترات التي عرفتها غرداية وبعض مناطق الجنوب لم يكن الاختلاف المذهبي هو سببها، وهو ما أكده عضو مجلس أعيان غرداية والبرلماني السابق عن حركة النهضة أبوبكر صالح، الذي قال "ما يحدث في غرداية ليس صراعا بين إباضيين ومالكيين، بل صراع مصالح مادية وعروشية"، مؤكدا أن أئمة المذهبين أبرياء من هذه الفتنة التي تعصف بمدينة بريان، وحمل المسؤولين المحليين سوء تسيير الأزمة بمنطق "حساسية المنطقة"، وأضاف أن مجلس الأعيان يسعى إلى نشر الفكر الوسطي والتسامح وهو المنحى الذي يشجعه الكثير لأننا في أمس الحاجة للتعويض، معتبرا أن ما شهدته المنطقة في الآونة الأخيرة من وحشية يعد الأعنف في تاريخ الجزائر، والذي عاشته الجزائر نتيجة تعتيم الثقافة الإسلامية الحقيقية، رغم أن الجزائر تزخر بعلماء مغمورين مطالبين اليوم بنشر فكر متسامح ومعتدل وليس مستوردا، ونشر فكر ينبذ العنف. واعتبر أن علماء المذهبين الاباضي والمالكي بريئون من هذا العنف، فهما متعايشان ومتسامحان، وفي هذه الأحداث لا توجد أسباب عقدية أو فقهية بين أئمة المذهبين، فالتسامح واللقاءات جارية بينهما في كل المناسبات، خاصة في بريان، بل ما يحدث حرب مفتعلة مرتبطة بمصالح مادية وتحركها أطراف أجنبية، وأكد أن توفير الأمن بنشر قوات مكثفة يعزز الاستقرار، لكنها تبقى حسبه حلولا مؤقتة لأن السلطات مطالبة اليوم بحلول ثابتة، تكون بدايتها عمل فكري تقع مسؤوليته على علماء النفس والاجتماع وعلماء الفقه والشريعة لنشر فكر التسامح والتعايش لتنظيف العقول