وقع "إباضيون" و"مالكيون" اليوم، اتفاقا يعد تسوية نهائية للأزمة التي تسببت في أحداث بريان بغرداية العام الماضي، بحضور وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية، بالتزام مجموع الموقعين على هذا الإتفاق أمام الوزير بإطفاء نار الفتنة بالمنطقة.
هذا الإتفاق يترجم في مضمونه ورقة الطريق التي جرى التفاوض عليها بين الأطراف المتنازعة قد وقع من طرف ممثلي ثمانية فرق من جانب الإباضية وثمانية فرق من جانب المالكية بمنطقة بريان. ويلزم هذا الإتفاق المتضمن عشر نقاط الأطراف المعنية بالمصالحة النهائية والتعايش الدائم في إطار الأخوة والمواطنة، كما تم التأكيد عليه خلال مراسيم التوقيع التي جرت بمقر الولاية بحضور أعيان مختلف مناطق الولاية في أجواء احتفالية سادتها روح المحبة والأخوة. وجرى الإتفاق تحت إشراف وزير الداخلية، دحو ولد قابلية، على الإتفاق الذي ينهي النزاع "الطائفي" الذي دام قرابة عامين ببريان في ولاية غرداية، وقد وأعلنت السلطات المحلية في الولاية، قبل أيام أن والي غرداية توصل إلى أرضية إتفاق في بريان مع الأعيان وأعضاء المجتمع المدني، بعد سنة من المفاوضات ومحاولات واسعة للتهدئة، وكان تنقل بحر الأسبوع المنقضي المدير العام للأمن الوطني بالنيابة عبد العزيز عفاني إلى الولاية لتحضير زيارة "ناجحة" لولد قابلية للوقوف على الإتفاق. ونقل عن عفاني قوله بأن "الجهود المبذولة من طرف السلطات العمومية مكنت من عودة الوضع إلى حالته العادية بهذه المنطقة التي شهدت أحداث عنف في 2008و 2009 ". وخلفت أحداث بريان قتلى وجرحى ودمارا كبيرا في المرافق العمومية، والأملاك الخاصة، وتفيد تحريات الشرطة أن المواجهة اندلعت بعد اعتداء على أحد المصلين في مسجد ببريان. وجمعت المشادات بين مئات من الشباب، ينتمي بعضهم للمذهب السني، يسمون "الشعانبة" والبعض الآخر للمذهب الإباضي. وبعد هدوء نسبي قبل عامين، شهدت نفس المنطقة ربيع العام الماضي، أحداثا مشابهة أخذت بعدا عرقيا، خلفت هي أيضا قتلى وجرحى وخرابا كبيرا. واعتقلت قوات الأمن العديد من المتورطين في الأحداث، تم الإفراج عنهم في نهاية العام الماضي بمناسبة زيارة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للمنطقة. ويرجح بعض المسؤولين فرضية "اليد الأجنبية"، لتفسير الأحداث. وسبق لوزير الداخلية السابق، نور الدين يزيد زرهوني أن ذكر أن مصالح الأمن حجزت أجهزة كومبيوتر بها مناشير مكتوبة من الخارج، تحرض على الفتنة الطائفية. وقالت السلطات أن" الاتفاق سيلزم هذه الأطراف لتحقيق المصالحة والتعايش السلمي الدائم في أجواء يسودها التآخي والمواطنة". وتخشى السلطات تجذر مفهوم "الفتنة الطائفية" في المنطقة عقب أشهر طولية تجددت خلالها المواجهات عدة مرات، وعكس قراءات كثيرة في أصل الصراع الذي "طحن" منطقة بريان، جاء تفسير الحكومة على لسان ولد قابلية قبل أسابيع بأن "ما وقع ليس له علاقة بالصراع المذهبي ولا يتعلق بالأوضاع الاجتماعية بقدر ما له علاقة بخلفيات حزبية"، وتمنى على الصحافة الجزائرية ألا "تزيد من التأثير السلبي بخصوص المسألة التي تبدو (الصحافة) بأنها تثير القلاقل ولا تحلها". وخصصت الحكومة، حصصا مالية هامة، لبعث التنمية بالمنطقة جنوبي ولاية غرداية والنهوض ببعض القطاعات على خلفية الأحداث التي شهدتها المنطقة، وذلك عبر تعليمة وقعها الوزير الأول أحمد أويحيى، لتكون ضمن قانون المالية التكميلي، وتوجه إلى قطاعات السكن، التكوين المهني، الزراعة، الشبيبة والرياضة، البيئة، وترميم المنشآت المتضررة وإنشاء وحدات سكنية للعائلات المنكوبة والمتضررة من الأحداث واستحداث هياكل جديدة وتعويض الفلاحين المتضررين .