من أكثر من جهة سوف تنشأ أكثر من شبهة حول مفهوم الخلافة ما بين من يقول إنها خلافة نبوة وحراسة للدين، ومن زعم لاحقا أنها ليست من الدين، أو من ذهب بها إلى الإمامة التي لا يتولاها إلا المعصومون من الأئمة من آل البيت كما تزعم الفرق الشيعية. فالخلافة كما تابعنا في الحلقات الثلاث السابقة كانت عند الصحابة واردة بمعنى خلافة لرسول الله في إدارة شأن المسلمين، فهي ليست حلافة للنبوة، حتى عند من ادعى مثل الشيعة العصمة للأئمة من آل البيت وقد استشهدوا بحديث يقول في علي: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى لكن لا نبي بعدي" كما أن الخلفاء الأربعة لم يدع أحد منهم حراسة الدين، مع وجود الآية 9 من الحجر" "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" والآية 3 من المائدة: "... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..." كما أن الأحاديث النبوية الحاملة لهذا المعنى مثل الحديث: "خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله الملك أو ملكه من يشاء"، أو أحاديث أخرى تصف ما سيأتي" "خلافة ورحمة، وملك ورحمة، وملك وجبرية، وملك عضوض" تمنع أن تكون الخلافة قد شرعت كمؤسسة حكم للمسلمين، وإلا ما كان الصحابة قد تخلوا عن لقب "الخليفة" واستعاضوا عنه بلقب "أمير المؤمنين" ولأجل ذلك لم يتوقفوا عند المصطلح وانصب اهتمامهم أكثر على الوفاء بشروط إمارة المسلمين، وعلى رأسها الوفاء بشرط الشورى، والتزام ولي الأمر بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله، وخضوعه للمساءلة والتقويم، وبالعدل بين الناس. فالخلافة عند الصحابة كانت كما رأينا خلافة لرسول الله في إدارة شأن المسلمين، فهي ليست حلافة للنبوة، حتى عند من ادعى مثل الشيعة العصمة للأئمة من آل البيت وقد استشهدوا بحديث يقول في علي: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى لكن لا نبي بعدي" كما أن الخلفاء الأربعة لم يدع أحد منهم حراسة الدين مع وجود الآية 9 من الحجر: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ". والآية 3 من المائدة: "... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..." كما أن الأحاديث النبوية مثل الحديث "خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله الملك أو ملكه من يشاء". أو أحاديث أخرى تصف ما سيأتي خلافة ورحمة، وملك ورحمة، وملك وجبرية، وملك عضوض، تمنع أن يكون قد شرعت الخلافة كمؤسسة حكم للمسلمين، وإلا ما كان الصحابة قد تخلوا عن لقب الخليفة واستعاضوا عنه بلقب أمير المؤمنين، ولأجل ذلك لم يتوقفوا عندها كثيرا ولم تكن موضوع نزاع أصلا حتى حين نشأت الفتنة الكبرى مع مقتل الخليفة الثالث، وكان حرصهم قد انصب أكثر على الوفاء بشروط إمارة المسلمين وعلى رأسها الوفاء بشرط الشورى، والتزام ولي الأمر بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله، وخضوعه للمساءلة والتقويم، وبالعدل بين الناس. ربما يكون من المناسب أن نتوقف قليلا عند مصطلح "الخلافة" الذي لم يكن حاضرا بوضوح في أحداث سقيفة بني ساعدة، كما ورد عند فقهاء وعلماء المسلمين لاحقا. فمن جهة الاصطلاح يقول ابن خلدون عن الخلافة: "هي حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشرع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به"، فهي لأجل ذلك "رياسة عامة في أمور الدين والدنيا نيابة عن النبي" أما صاحب الأحكام السلطانية الماوردي فقد عرفها بقوله: "الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين، وسياسة الدنيا". وعرفها صاحب المقاصد بأنها: "رياسة عامة في الدين والدنيا، خلافة عن النبي. وعرفها غيرهما بما لا يخرج عن ذلك، والخليفة عندهم هو "القائم بحراسة الدين، وسياسة الدنيا نيابة عن النبي". (يتبع)