دخلت التهدئة المؤقتة في قطاع غزة يومها الثالث والأخير، وبينما ينشغل سكان غزة بدفن شهدائهم وتفقد ما لحق بهم من دمار كبير، تتواصل المباحثات في القاهرة بشأن التوصل لوقف شامل لإطلاق النار تصرّ فصائل المقاومة أن يكون ضمن شروط أعلنتها مسبقاً. ومنذ دخلت التهدئة حيز التنفيذ صباح الثلاثاء، لم يسجل فيها أي خرق سوى واحد نفذته القوات الإسرائيلية ظهر الأربعاء، حين أطلقت النيران على سيارة تابعة للبلدية في منطقة حدودية شرق الشجاعية، وهو ما سمح لسكان القطاع باستعادة حياتهم الطبيعية بشكل تدريجي وبطيء نوعاً ما، وساعد فرق الإغاثة على مواصلة أعمالها في انتشال جثامين الشهداء من تحت الأنقاض. علماً أنه قد تعذر على الطواقم الطبية والإغاثية والهيئات والمنظمات الدولية - نتيجة الدمار الهائل - الوصول إلى كثير من الأماكن التي تعج بآلاف الأطفال الذين فقدوا أسرهم ودمرت بيوتهم، عدا عن وجود 850 من الجرحى حالاتهم خطرة تستدعي نقلهم للخارج لضعف الإمكانيات الطبية في القطاع. وقدرت هيئات محلية حجم خسائر القطاع نتيجة العدوان بما يصل إلى تسعة مليارات دولار، وقالت إن المساعدات التي وصلت لا تزال متواضعة جداً مقارنة بحجم الدمار. وشهدت الشوارع انتشاراً لرجال الشرطة وتحرك الناس من أجل توفير بعض احتياجاتهم، لكن البنية التحتية في القطاع تعاني أوضاعاً صعبة للغاية مع انقطاع الكهرباء وعدم توفر الماء الصالح للشرب والاستخدام. من جانب آخر تستمر في العاصمة المصرية المباحثات بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي لبحث شروط التهدئة الشاملة ووقف إطلاق النار. وقالت مصادر إعلامية، إن الوفد الفلسطيني سيتلقي الخميس رداً أولياً من إسرائيل بشأن المطالب التي قدمها في وقت سابق. وتشترط المقاومة تحقيق عدد من المطالب أهمها رفع الحصار عن قطاع غزة المستمر منذ ثماني سنوات بشكل كامل، وإطلاق سراح الأسرى المحررين الذين أعيد اعتقالهم مؤخراً، وتطالب بميناء بحري يصل غزة بالعالم، فيما تتحدث إسرائيل عن مطالبتها بنزع سلاح المقاومة شرطاً لإعمار غزة. ونفى عزام الأحمد - رئيس الوفد الفلسطيني للقاهرة - وجود أي اتفاق لتمديد التهدئة الحالية، وهو نفس ما أكده القيادي في حماس إسماعيل رضوان الذي قال إن تجديد الهدنة مرتبط بتحقيق الاحتلال المطالبَ الفلسطينية على أرض الواقع. وجاء ذلك بعد أن قال مسؤول إسرائيلي كبير إن "إسرائيل لا ترى أي مشكلة في تمديد وقف إطلاق النار بلا شروط"، ولم يستبعد المسؤول - الذي رفض كشف هويته - أن يكون التمديد مفتوحاً. بينما أكدت فصائل المقاومة أن عناصرها لم يغادروا مواقعهم وأنهم جاهزون لاستئناف ضرباتهم وعملياتهم في حال عدم الاستجابة لمطالبهم، بينما أعلنت كتائب القسام وسرايا القدس أنها ستواصل إطلاق الصواريخ مجرد ما أن تنتهي التهدئة صباح غد الجمعة، في حال لم يستجب الاحتلال لمطالب المقاومة.