لا تكاد الأعراس الجزائرية المُقامة في المدن الكبرى تخلّو من طلقات الألعاب النارية المدوّية التي أفسدت سكون الليل وراحة العائلات، وتحولت إلى "موضة" جديدة تزداد انتشاراً يوما بعد الآخر، ما جعل الكثير من الشبان يمتهنون تجارة الترويج لهذه الألعاب بسوق "جامع ليهود" بباب الوادي، وبطريقة مشبوهة، لأن القانون الجزائري حسبهم يمنع الترويج لهذه الألعاب، التي صنَّفها الأطباء من أكبر مسببات الحروق لدى الأطفال والشباب في الجزائر. تزداد تكاليف الأعراس في الجزائر من عام إلى آخر بدخول تقاليد جديدة ودخيلة على المجتمع، حيث باتت بعض العادات على غرار موكب الأفراح وسيارة العريس المزيّنة بالورود والقاعات الفاخرة والفرق الموسيقية و"الزرنة" والمصور و"الديسك جوكي" تمثل مصاريف إضافية تقدر بعشرات الملايين، ما دفع الكثير من العرسان إلى الاستدانة من أجل إقامة الفرح تحت شعار "عرس ليلة تدبارو عام" و"العرس مرة واحدة في العمر" ما جعل الكثير من العائلات تسرف وتبذر في كماليات الأفراح. والجديد هذا العام هو انتشار "موضة" إطلاق الألعاب النارية عند قدوم العريس إلى قاعة الأفراح حيث يصطحبه زملاؤه وأصدقاؤه في سيارة خاصة، وعند الوصول يشرعون في إخراج أنابيب كارتونية يصل طولها إلى نحو نصف متر، تنبعث منها ألعاب نارية مدوية تصل طلقاتها إلى 40 طلقة من الألوان والانفجارات المضيئة على مدى 100 متر في السماء، وهذا من باب الإعلان عن قدوم العريس من جهة والإعلان عن الفرح والتباهي أمام الجيران والأقارب. والغريب في الأمر أن هذه الألعاب باهظة الثمن، حيث يتراوح سعر الأنبوب الواحد منها بين 600 و800 دينار، وتلجأ العائلة إلى استعمال أزيد من عشرة أنابيب في العرس الواحد حيث تبذر مليون سنتيم في الألعاب النارية، حسب أكده للشروق مجموعة من الشبان التقيناهم في "جامع ليهود" بالعاصمة، والذين يمتهنون تجارة الألعاب النارية تحت الطلب، حيث كشفوا لنا "أن الطلب بات كبيرا لدرجة عجزنا فيها عن تلبية جميع الطلبات، خاصة في ظل الحصار الأمني الشديد على هذه التجارة، حيث نضطر إلى المخاطرة لجلب الألعاب النارية من المناطق الحدودية للشرق الجزائري إذ يتم إدخالها من تونس بعد استقدامها من الصين، لأن السلطات التونسية متساهلة مع هذا النوع من التجارة على عكس السلطات الجزائرية التي تحجز هذا النوع من السلع بمجرد العثور عليها وتعاقب صاحبها". وتأتي الاستعانة بالألعاب النارية في الأفراح الجزائرية بدافع تعويض البارود الذي منع لأسباب أمنية، غير أن الألعاب النارية حسب المختصين لا تقل خطورة عن طلقات البارود، فبإمكانها التسبُّب بحروق من الدرجة الأولى وإصابة الجسم بعاهات خطيرة والعين بالعمى، وبالرغم من ذلك لا تبالي عديد العائلات بترك هذه الألعاب في متناول الأطفال، ما ينجر عنه حوادث خطيرة قد تحول الفرح إلى حزن. وعلى غرار الألعاب النارية يلجأ الشباب أيضا إلى استعمال البوق في الأعراس، والذي يصدر صوتا مزعجا ومدويا، حيث كان يستعمل بكثرة في ملاعب كرة القدم وانتقل إلى مواكب الأفراح، حيث يتنافس الشبان والأطفال على النفخ في البوق لتعويض سمّاعات السيارات، وهذا ما حوّل الأفراح في الجزائر إلى مصدر للإزعاج وإلحاق الأذى بالسكان.