لأننا في فصل الصيف والوقت مناسب تمامًا لإقامة الأعراس والأفراح والليالي الملاح، طالما أن المدارس في عطلة، فقد أضحت تشكّل الأعراس كوابيس مزعجة لجيران أصحاب العرس سواء في العمارة الواحدة أو في الحي الواحد لا لشيء إلا لأن أعراسنا صارت بمثابة إعلان حرب لما يحدث فيها من صخب وضجيج يصم الآذان، خاصة أولئك الذين يعشقون فرق الخيّالة والقصبة والبندير وحتى الفرق الغنائية المدجّجة بآلات موسيقية صاخبة، وحتى الذين يستنجدون بالديسك جوكي. ولأن المواطن في الجزائر احترام القانون وحق الجيرة بالنسبة له آخر الأشياء التي يفكّر فيها فقد أصبحت الأعراس عندنا منفّرة ومثيرة للمشاكل والقلاقل ومسبّبة لصداع الرأس. فقد اضطر السيد عبد الله خلال الأيام الماضية لإغلاق نوافذ منزله رغم الحرارة المرتفعة، طلبًا للنوم الذي مع ذلك أبى أن يزوره. لم يكن عبد الله يعاني الأرق، وإنما السبب الصخب والضجيج بسبب الألعاب النارية والمفرقعات والأغاني الصاخبة المزعجة التي تخترق أذانه وأذان أفراد أسرته عنوة التي أطلقها أحد الجيران احتفاء بعقد قران نجله. الحي السكني بشكل عام عجّ هذه الأيام على خلاف العادة بالصخب والضوضاء ..ألعاب نارية تخترق كبد السماء في الليل لتجعله نهارًا بسبب الأضواء الكثيفة المنبعثة منها وقصف متواصل وبالثقيل ل DJ فيما كادت الاشتباكات والمشاجرات بين أطفال وشباب الحي أن تتحول إلى معارك دموية لولا تدخل أهل الخير. الأدهى والأمرّ من ذلك تزامن إقامة عدة أعراس في ذات الحي في توقيت واحد، حيث هناك أعراس تستعمل الأسلحة النارية والبارود للتعبير عن فرحها..فيما كانت أبواق السيارات مدوية وتملأ الأصداء، وعلت أصوات المدعوين من الشباب والأطفال مع صوت المغني واختلط الحابل بالنابل و”طلع ماءها على خزها” كما يقول المثل الشعبي المأثور. ولسوء الحظ أننا في فصل الصيف، حيث إن الأعراس تزداد وليس العكس فهناك العديد من القنابل المضيئة والمفرقعات التي تكاد تشعل الأجواء. عمي عبد الله الذي استفاد من عطلته السنوية قصد الراحة والاسترخاء، أكد ل”الفجر” أنه مجبر على مجاراة جيرانه وأنه ليس باستطاعته فعل شيء، “فما باليد حيلة أو وسيلة، لأنه من حق جميع الناس أن يفرحوا في مثل هذه المناسبات الاجتماعية السعيدة وأنه يتوجب علينا مشاركتهم فرحتم ولو على مضض”. للتذكير فقط، فإن مصالح الدرك الوطني بأم البواقي حجزت خلال النصف الأول من السنة الجارية حوالي طن واحد من المفرقعات والألعاب النارية أي ما قيمته حوالي 03 ملايير سنتيم جزائري كانت موجهة خصيصًا للأعراس.