في فناء مترب بمنزل لواء الشرطه المتقاعد سيد عزب في قريه بوسط الدلتا الي الشمال من القاهره يتجمع رجال يطلبون خدمات خاصه ياملون ان يؤديها لهم الرجل باستخدام نفوذه في دوائر الحكومه. البعض يطلب وظائف والبعض الاخر شهادات محو أمية تعينهم في الالتحاق بوظائف فيما يطلب اخرون مساعده للحصول علي تراخيص بناء. انها عوده الي نمط المحسوبيه الذي كان سائدا في عهد الرئيس الاسبق حسنى مبارك بعد ان تصور مصريون كثيرون انه سيختفي بعد انتفاضه 2011 التي اسقطت حاكما مستبدا وابتهج بها المصريون علي نحو بدا لم يسبق له مثيل. ما في جعبه عزب ليقوله عن نوع العمل الذي يمارسه يعني ان فرصه بدايه جديده في حياه المصريين السياسيه عندما ينتخبون برلمانهم القادم ضئيله. عزب يقدم للمترددين علي بيته الخدمات التي يستطيع انجازها في دوائر الحكومه من اجل ان يحصل علي اصواتهم في الانتخابات -كما تحدث اليهم لهم في كلمه مرتجله- ويعود نائبا مثلما كان في عهد مبارك عندما مثل الحزب الوطني الديمقراطي في مجلس الشعب. وكانت محكمه قضت بعد الانتفاضه بحل الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يراسه مبارك وايلوله امواله الي الدوله. قال عزب لطالبي الخدمات وهو يهندم اكمام جلبابه الرمادي "هي دي (هذه هي) طبيعه الشعب المصري. الخدمات الشخصيه (التي يؤديها النائب للناخب) تتفوق اكتر (في مجال الحصول علي التاييد)." والجلباب هو الزي الذي يرتديه اغلب الناخبين الذين يتودد اليهم عزب. واضاف عزب "(هذه) طبيعتنا كشعب... انا عايز (كناخب) اروح للراجل اللي الاقيه موجود ويقضي لي مصلحتي. ده اللي في دماغ الناخب دلوقتي. (هذه) طبيعتنا كشعب." وتابع "احنا لسه مش زي امريكا (لسنا مثل امريكا بعد). ثقافه الراي والحوارات.. لا لا لا. النضج ده مش موجود عندنا." كافح مصريون كثيرون من اجل الوصول الي الديمقراطيه التي طالبوا بها في احتجاجاتهم في ميدان التحرير بؤره الانتفاضه التي انهت قياده مبارك للبلاد بعد 30 عاما في الحكم. وصل عبد الفتاح السيسي -قائد الجيش الذي عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي المنتمي لجماعه الاخوان المسلمين بعد احتجاجات حاشده علي حكمه العام الماضي- للرئاسه بانتخابات ايضا. وشدد السيسي قبضته علي الحكم منذ انتخابه وتراجعت مصر عن اصلاحات سياسيه تحققت بعد انتفاضه 2011. ومن بين اسباب نجاح السيسي ان كثيرا من المصريين ايدوه طلبا للاستقرار علي حساب حريات اكبر. لكن يبقي السؤال المطروح دائما الي متي يظل انصار السيسي يفضلون الاستقرار علي الحريه؟ المخاطر عاليه بالنسبه لمصر التي لا تزال بغير برلمان منذ منتصف 2012 عندما حل المجلس الاعلي للقوات المسلحه الذي كان يدير شؤون البلاد لفتره انتقاليه اول برلمان منتخب بعد الانتفاضه. وكان حكم من المحكمه الدستوريه العليا ابطل قانون انتخاب مجلس الشعب. وكان حل اول برلمان انتخب في اقتراع حر ونزيه منذ اكثر من 60 عاما بمثابه رجوع عن انجاز كبير للثوره. حظرت مصر جماعه الاخوان المسلمين التي حصدت اكبر عدد من المقاعد في انتخابات مجلس الشعب واعلنتها جماعه ارهابيه. ويقبع الوف من اعضائها الان في السجون. واغضب قانون جديد للانتخابات البرلمانيه نشطاء يقولون انه يفتح الباب علي مصراعيه امام عوده اقطاب الحزب الوطني الديمقراطي الي نفوذهم السابق ويهمش الاحزاب الصغيره التي نشات بعد الثوره. وتنتظر الاحزاب قانونا جديدا يقسم الدوائر الانتخابيه. ويتوقع عزب ان يعيد هذا القانون للوجود الدوائر الانتخابيه الصغيره التي سهلت علي الاغنياء والمتمتعين بتاييد العائلات الكبري الفوز بمقاعد البرلمان. لم يتحدد تاريخ لاجراء الانتخابات الي الان لكن نواب الحزب الوطني الديمقراطي السابقين مثل عزب والمشاهير مثل الامين العام السابق لجامعه الدول العربيه عمرو موسي يستعدون لخوضها. وبرزت وجوه جديده لكنها ليست لشباب النشطاء الذين اشعلوا الانتفاضه في التحرير واعتصموا فيه 18 يوما الي ان اعلن مبارك تخليه عن منصبه وتكليف المجلس العسكري باداره شؤون البلا لفتره انتقاليه. سيخوض عزب الذي يوجد بيته في قريه الزمرونيه انتخابات مجلس النواب عن دائره كفر شكر وسينافسه المخرج السينمائي خالد يوسف وهو مؤيد متحمس للسيسي. ومن بين المتنافسين علي المقعد صاحب مصنع في المنطقه يامل في الفوز من خلال اصوات من قدم لهم وظائف في مصنعه. اثار النهج الذي اتبع في الفتره الانتقاليه بعد مبارك مخاوف من ان تفشل اكبر الدول العربيه سكانا في بناء مؤسسات خاليه من الفساد والمحسوبيه وهو نوع المؤسسات اللازم لتحقيق الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي. قال خالد داود المتحدث باسم حزب الدستور الليبرالي ان القوانين صيغت بما يعزز قبضه السيسي علي العمل السياسي الذي يري داود انه صار عقيما. وقال داود وهو يقف تحت الشمس الحارقه خارج محكمه في الاونه الاخيره منتظرا بدء جلسه محاكمه لنشطاء يطالبون بالديمقراطيه "عدنا للايام التي كانت الاحزاب السياسية تتعرض فيها للهجوم في الصباح والمساء." واضاف "نقرا في الصحف ان علاقه الرئيس بالشعب مباشره وانه بهذا ليس في حاجه لاحزاب. المزاج العام للناس ان الاحتياج هو للوحده وان نؤيد السيسي واننا لسنا في حاجه لنشغل انفسنا بالبرلمان." بعد عزل مرسي كان مقررا ان تجري الانتخابات التشريعيه قبل الانتخابات الرئاسيه لكن تعديلا قلب الخطه راسا علي عقب واتاح اجراء انتخابات الرئاسه اولا وانتخب السيسي في مايو ايار بينما يجب ان تجري انتخابات البرلمان في غضون سته اشهر. تحدث السيسي هذا الاسبوع في الاممالمتحده قائلا انه يسير وفقا لخطه لبناء دوله ديمقراطيه مدنيه جديده تحترم حريه التعبير والاعتقاد. ووعد باجراء انتخابات البرلمان قبل نهايه العام لكن الوقت الباقي قد لا يكفي للترشح والدعايه واجراء الانتخابات كما ان الدوائر الانتخابيه تحتاج الي انجاز اعاده التقسيم. ويقول معارضون ان السيسي يبطيء السير من اجل الحصول علي الوقت الكافي لتعزيز حكمه. يحكم السيسي من خلال خليط من السلطات الرئاسيه التي ينفرد بها وسلطات تشريعيه تعاونه فيها الحكومه. وحتي الان قلص الحريات السياسيه وخفض الدعم علي الوقود ووضع الميزانيه العامه للدوله دون مناقشات في برلمان او معارضه في الشارع. حظرت الحكومه التظاهر دون موافقه السلطات الامنيه ودخل بعض قاده انتفاضه 2011 السجون بسبب مشاركتهم في مظاهرات صغيره دون الحصول علي اذن. بعض القوانين التي صدرت في الفتره الانتقاليه سينظرها البرلمان الجديد ليتخذ قرارات بشانها لكن فعاليه البرلمان يمكن ان تستند الي طبيعه تشكيله لا الي ما يتمتع به من سلطات. اعاد قانون الانتخاب نظاما مختلطا من كل من الانتخاب الفردي لشغل 420 مقعدا من بين 540 والانتخاب بالقائمه الحزبيه المغلقه لشغل 120 وهو ما يضر بالاحزاب الصغيره التي تكابد للحصول علي مواطيء اقدام لها في ساحه سياسيه تهيمن عليها الاسماء الكبيره. قال ناثان براون استاذ العلوم السياسية في جامعه جورج واشنطن بالولايات المتحده "النتيجه الارجح ان يهيمن علي البرلمان الافراد وليس الاحزاب والافكار ولذلك سيكون برلمانا مشتتا."