يجد لصوص الانترنت أو القراصنة باختلاف تسمياتهم في شبكات التواصل الاجتماعي فرصة ذهبية لتحقيق أموال طائلة، حيث تزخر شبكات مثل فيسبوك، تويتر، وغوغل بملايين البيانات الشخصية والصور للمشتركين، ولأن البيانات الشخصية أصبحت العملة الرائجة اليوم في الأسواق الرقمية، فإنها تحتاج إلى إصدار تشريعات وقوانين لحماية البيانات الشخصية من عمليات الإختراق والسرقة التي تتعرض لها بصورة كبيرة حاليا. هواتف المسؤولين تحت تنصت القراصنة وكشفت تقارير دولية حديثة لحماية الشبكة الإلكترونية، أن المعدل السنوي لتكلفة الجرائم الإلكترونية حول العالم، يبلغ 114 مليار دولار، مؤكدة في الوقت ذاته وقوع نحو 500 مليون بالغ ضحية التهديدات الإلكترونية، أي ما يعادل مليون ضحية يوميا، كما أكدت التقارير ذاتها وجود 14 ضحية في الثانية، وأن كلفة الجرائم الإلكترونية قد تجاوزت قيمة السوق السوداء للكوكايين والهيرويين، والتي تبلغ 288 مليار دولار، وأن ثلثي البالغين حول العالم أي 69 في المئة كانوا ضحايا للجرائم الإلكترونية، هذه التهديدات قد وجدت ضالتها في الجزائر، حيث تحتل هذه الأخيرة مراتب أولى إفريقيا وعربيا من حيث الجريمة الإلكترونية، بنسبة 85 في المائة في القرصنة والجريمة الإلكترونية، ما جعلها من بين أبرز عينات واهتمامات تقارير المنظمات والهيئات الدولية المختصة. لمناقشة موضوع الجريمة الإلكترونية في الجزائر يحضر معنا في ندوة "الشروق أون لاين" كل من الخبير في التكنولوجيا يونس قرار، والمحامي لدى مجالس القضاء، محمد نوي، و رشيد حمليل الدكتور بكلية الإعلام في جامعة الجزائر، بينما تأخر عن الحضور ممثل المديرية العامة للأمن الوطني الذي وجهت له دعوة. القانون لا يحمي المغفلين منير ركاب: انطلاقا من القاعدة القانونية "القانون لا يحمي المغفلين" يجد الكثير من الشباب الفضولي نفسه وراء القضبان لارتكابه جريمة الكترونية غير مقصودة ولا يعرف عن نتائجها شيئا كونه يجهل القوانين الرادعة لمثل هذه الأفعال التي يجد القاضي في اغلب الأحيان أنها تنحصر في المزحة أو الفضولية، هل هناك وسائل أو أجهزة أو برمجيات الكترونية مساعدة لمثل هؤلاء للإبتعاد عن كل ماهو مخالف للقانون؟ الخبير يونس قرار: هناك برمجيات يجب تركيبها لحماية جهازك المعلوماتي وتعتبر كجدار حماية للبيانات الخاصة والسرية من التجسس للأفراد أو المؤسسات وهي تعتبر برامج وقائية، وتعتبر أرقام الهواتف النقالة الذكية من أهم الجوانب لبيع وشراء البيانات وأرقام الحسابات البنكية، والبطاقات الائتمانية، فالمستخدم العادي أصبح مستهدفا بأشكال كثيرة لسرقة بياناته وأمواله، التي يمكن إستخدامها في غسيل الأموال مثلا دون أن يدري، لذا يجب على المستخدمين عدم الاحتفاظ ببياناتهم الشخصية أو المالية على أجهزتهم، لتقليل المخاطر التي قد تسهل عملية الإختراق عن طريقها، ونرى اليوم حرب افتراضية بين القراصنة وبرامج أمن المعلومات، فالتطور التكنولوجي الخاص بالحماية يجد له بالمرصاد وسائل تكنولوجية حديثة تفوقه تطورا وهي معركة لا تزال قائمة بين الفئتين ولا تنتهي مادام هناك قراصنة محترفون "كراكرز" وهواة "هاكرز". حرب افتراضية ذكية قائمة بين القراصنة وبرامج أمن المعلومات منير ركاب:أنتم تؤكدون أن الجريمة الالكترونية ستأخذ منحنيات خطيرة بدخول تقنية الجيل الثالث والرابع إلى الجزائر كيف؟ الخبير يونس قرار: بالتأكيد.. الجرائم الإلكترونية عرفت منحنيات خطيرة، في السنوات الأخيرة، وكلها تتعلق بقضايا القذف وإهانة هيئات عمومية، وتوغل في المنظومات المعلوماتية، إلى جانب قضايا النصب وانتحال الصفة، بالإضافة إلى الابتزاز والتهديد عن طرق الانترنت والتردد أو تصميم المواقع الإلكترونية الداعمة للإرهاب، أو المواقع الإباحية، حيث تؤكد الإحصائيات وجود أكثر من 300 قضية سنوية، وما يزيد عن 100 قضية خلال 8 أشهر المنصرمة من العام 2014، ومع دخول الجزائر عالم التقنية والبدء في استخدام تقنية الجيل الثالث للهاتف النقال والجيل الرابع بالنسبة للشبكة العنكبوتية سيجد القراصنة والمجرمون الالكترونيون مساحة واسعة وسانحة تسهل من مهامهم ولصوصيتهم على الأنترنت، فمنهم من تكون جريمته الالكترونية فضولا أو تحد وأحيانا تصنف ضمن قضايا الانتقام - يسكت قليلا - ثم يعطي مثالا عن التجسس الالكتروني الخاص بمتعاملي الهاتف النقال- إن العروض والخدمات التي يقدمها متعاملوا الهاتف النقال معرضة للتجسس .. ويقول بالعامية "الفاهم يفهم" ويسكت. الإحجام عن التبليغ يغطي على الكثير من الجرائم منير ركاب: ألا تظنون أن مشكل التبليغ يعتبر عائقا كبيرا لوضع إحصائيات دقيقة لضحايا الجرائم الالكترونية بحجة التخوف من التشهير واللامبالاة من بعض الأفراد أو المؤسسات؟ الخبير يونس قرار: إن إثبات الجريمة من العقبات التي يعمل الخبراء على كسرها من أجل إيجاد وسائل لإثباتها وبالتالي فهي تتطلب خبرة فنية عالية و اعتماد أسلوب واضح لتحقيق ولكن قبل هذا يجب أن نبيّن نوعية الدليل في هذه الجرائم حيث يحجم الكثير من الضحايا عن التبليغ حفاظا على سمعتهم وهذا مشكل كبير قد تجده الهيئات الأمنية عائقا للوصول إلى المجرم أو تحديد إحصائيات دقيقة للجرائم الالكترونية خاصة التي تصنف ضمن الابتزاز والتهديد والتشهير على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد يكون الفارق الزمني بين حدوث الجريمة والتبليغ عنها كبير، ومن أجل المعاينة الآنية لا بد من التبليغ والضحية يجب أن يكون عارفا بالتقنية من أجل التحّفظ على الأدلة إن وجدت. المشرع الجزائري لم يترك فراغا قانونيا لمكافحة الجريمة الالكترونية منير ركاب: يعتقد بعض المختصين في تكنولوجيات الإعلام والاتصال بأن قانون الوقاية من الجرائم الإلكترونية مبتور وغير مكتمل المراسيم، هل تؤيدون الرأي؟ المحامي محمد نوي: لا نستطيع القول بأن قانون مكافحة الجريمة المصادق عليه في البرلمان شهر جويلية 2009 بأنه مبتور وغير مكتمل المراسيم، فالمشرع الجزائري قد أحدث قسما خاصا بقانون العقوبات خاصا بجرائم الجنايات والجنح ضد الأموال تحت عنوان المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات "القانون رقم 04-05 المؤرخ في 10 نوفمبر 2004"، والمادة 394 مكرر من 01 إلى 7 مكرر صريحة، إذ يعاقب المخالف بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة مالية من خمسين ألف إلى مائة ألف دينار كل من يدخل أو يبقى عن طريق الغش إلى أية منظومة للمعالجة الآلية للمعطيات أو يحاول ذلك مع تضاعف العقوبة إذا ترتب ذلك عن حذف أو تغيير لمعطيات المؤسسة، بالإضافة إلى تصميم أو بحث أو تجميع أو توفير أو نشر أو الإتجار في المعطيات المخزنة أو المعالجة أو مراسلة عن طريق منظومة معلوماتية يمكن أن ترتكب بها الجرائم أو حيازة أو إفشاء أو نشر أو استعمال لأي غرض وهو ماتنص عليه المادة ذاتها مكرر 6 بمصادرة الأجهزة و البرامج والوسائل المستخدمة مع إغلاق المواقع التي تكون محلا للجريمة . فالمشرع الجزائري لم يترك فراغا قانونيا لمكافحة مثل هذه الجرائم لكن استطيع القول أن القانون الجنائي المطبق حاليا في الجزائر غير كاف للردع النهائي للمجرم وتقليص مثل هذه الجرائم التي تجعل من التكنولوجيا وسيلة لها لإبتزاز وتهديد الضحايا وتخريب مواقع وسرقة أموال المؤسسات البنكية أو البيانات الشخصية. مبدأ الشرعية هو السيد والقانون وضع قيودا ردعية لكل مخالف منير ركاب: تكوين متخصصين في مكافحة الجريمة الإلكترونية يتبعه تطور واحتراف المجرمين على الشبكة العنكبوتية، ماهو تفسيركم للظاهرة في ظل سن نصوص قانونية غير مفعلّة؟ المحامي محمد نوي: أنتم تعلمون والكل يعلم بأن اللصوصية على الانترنت تجد في طريقها حاجزا قانونيا رادعا لكل فعل مخالف، والتطور الحاصل على المستويين جعل هناك حربا تكنولوجية قد يكون فيها المجرم في أغلب الأوقات أمام قاضي التحقيق، وأما بالنسبة للقوانين فالمشرع الجزائري يساير التطور الحاصل وقد وضع مبدأ الشرعية هو السيد والفاصل في مراجعة الملفات القضائية الخاصة، فالمراقبة الالكترونية لايجوز إجراؤها، إلا بإذن من السلطة القضائية المختصة، وهي الأفعال الموصوفة بجرائم الإرهاب والتخريب والجرائم التي تمس بأمن الدولة، أو في حالة توفر معلومات عن اعتداء محتمل يهدد منظومة من المنظومات المعلوماتية لمؤسسات الدولة أو الدفاع الوطني أو النظام العام، وإنشاء مركز لمكافحة الجريمة الالكترونية على مستوى القطاع الأمني" الأمن والدرك" ووجود معاهدات دولية بين الجزائر ودول غربية في مجال مكافحة الجريمة الالكترونية إلا دليلا على المتابعة الجادة .. لا أقول القضاء نهائيا على الجريمة بل التقليص منها وردع فاعيليها. محمد لهوازي: يطرح مشكل تكوين القضاة والمحامين في مجال مكافحة الجريمة الإلكترونية؟ محمد نوي: في الحقيقة الموضوع يتعلق بالمنظومة الاجتماعية ككل، ونجد القضاة ناقصي تكوين في هذا المجال إن لم أقل أن هذه المعاهد ناقصة خبراء في الجريمة الإلكترونية وأعتقد أن القاضي يحتاج إلى خبرة وكذلك المحامي وهنا تطرح مسألة الإختصاص. لا يمكن تصنيف الجريمة الإلكترونية بعيدا عن بقية الجرائم محمد لهوازي: بالحديث عن الجانب السياسي تطرح قضية حرية التعبير التي تعتبر مكفولة في الدستور وكل العهود والمواثيق العربية والدولية، في رأيكم هل تعرض قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية حرية التعبير والرأي للخطر؟ الدكتور رشيد حمليل: الجريمة مهما كانت طبيعتها وحجمها ونوعها تتعارض مع الحريات والقيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية وبالتالي يجب محاربتها وسن القوانين للحد من تأثيرها وانتشارها، فالتاريخ أثبت أنه يستحيل القضاء على الجريمة ما دام هناك إنسان ومجتمع فتوجد جريمة. وقد ظهرت الجريمة الإلكترونية مع تطور التكنولوجيا وأعتقد أن في الجزائر لا يوجد فراغ قانوني لأن المشرع الجزائري ذكر الركن الشرعي والمادي والمعنوي وبالتالي أوجد الوسائل القانونية لمجابهة الجريمة الإلكترونية ومحاربتها وهذا يتطلب رسكلة القضاة والمحامين لأن الجريمة جديدة وتستعمل وسائل معقدة ومثلا في الجزائر يمكن الاعتداء على أي شخص بالدخول من الصين او المكسيك أو من أي بلد آخر وهنا يتطلب أن يكون المفتشون من أهل الاختصاص لأن القاضي والمحامي عندما تتوفر لديه المعطيات يعيد تكييفها في إطار القانون. وبخصوص الحريات يمكن القول أن الجريمة الإلكترونية يمكنها المساس بالحريات السياسية وحرية المواطن بشكل عام في عرضه وماله ومعنوياته، وهنا أقول انه لا يمكن تصنيف الجريمة الإلكترونية بشكل آخر بعيدا عن بقية الجرائم طالما أنها تمس السياسيين مثل التشهير بهم أو الدخول إلى مواقعهم وتخريب معلوماتهم أو سرقتها والتشويش عليها فكل هذا يحد من حرية رجال السياسة. لا يوجد أي قانون في الجزائر يحد من حرية نشر المعلومة أو استقبالها محمد لهوازي: ربما لم يفهم سؤالي بالتدقيق، فأنا كمواطن هل يحد قانون محاربة الجرائم الإلكترونية من حرية التعبير وقد رأينا عدة قضايا تتعلق بالمدونين معروضة في المحاكم، فهل يحد هذا القانون من حرية التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي مثلا؟ رشيد حمليل: لحد الآن لا يوجد أي قانون لمحاربة الجريمة في الجزائر يحد من حرية المواطن سواء في نشر المعلومة أو استقبالها ففي الجزائر كان هناك فراغ وأكملناه بقانون السمعي البصري وسلطة الضبط التي ستبدأ ممارسة مهامها قريبا وعندها ستتولى مراقبة كل من ينشر على المواقع الإلكترونية فالمواد القانونية المسيرة والمهيكلة لما ينشر وما يستقبل موجودة وينقص سلطة الضبط التي أعتقد أنه بعد شهر أو شهرين تبدأ عملها وتكون مكلفة. كما أنني لا أعتقد بوجود أشخاص تم توقيفهم بسبب نشر آرائهم إلا بعض الأشخاص الذين نشروا محتوى يضر بحرية الآخرين وليس جريمة إلكترونية. في الجزائر لا توجد جريمة إلكترونية منتشرة مثل بعض الدول لعدة أسباب منها ضعف الربط بالأنترنت وضعف في التدفق وعدم وجود سوق إلكترونية يتم تداول العملة فيها كما لا توجد مؤسسات عملاقة تملك مواقع تحوي معلومات تغري القراصنة لهذا لا توجد جريمة منظمة بل عندنا جرائم بسيطة يقوم بها أشخاص بغرض التحدي أو الانتقام وهي جرائم يمكن القضاء عليها بالتوعية الاجتماعية، غير أنه رغم أن الدولة سنت القوانين ووضعت أجهزة لمكافحة الجريمة الإلكترونية غير أنها لم تنشط حملات توعية إضافة إلى غياب دراسات حول هوية مرتكبي هذه الجرائم ومعرفة الفئات العمرية وهو ما يمنعنا من معرفة الأسباب الحقيقة لمرتكبي هذه الجرائم. ويرتبط الأمر كذلك بمستوى الوعي لدى المسؤولين والمواطنين في الجزائر، حيث لا يمكن ضبط الوضع إلا بالارتقاء بمستوى هذا الوعي وعدم التهويل مثلما حدث في التعامل مع حملة التوعية بسرطان الثدي حيث تحولت العملية إلى تهويل في وسائل الإعلام المختلفة. نقل الصحفيين معلومات دون ذكر مصادرها سلوك غير أخلاقي محمد لهوازي: ربما الأمر يتعلق بمشكل الاتصال بين الهيئات الرسمية والمواطن، حيث توجد وزارات وهيئات لا تملك مواقع إلكترونية... رشيد حمليل: حقيقة هناك مشاكل عديدة مرتبطة ببعضها البعض، توجد وزارات لا تقوم بتحيين مواقعها على الأنترنت حتى المختصة منها في تكنولوجيات الإعلام والاتصال. هناك كذلك جرائم إلكترونية يقوم بها رجال الإعلام من خلال نقل المعلومات والأخبار دون ذكر المصدر وهو ما يقودنا للحديث عن حقوق التأليف والحقوق المجاورة، وهنا يجب تعلم كيفية التعامل مع الظاهرة وإضافة إلى قيام بعض الصحفيين بسرقة مواضيع من صحفيين آخرين إضافة إلى سرقة بعض القنوات الفضائية الجزائرية الخاصة الصور والصوت من قنوات أخرى، لكن قانون السمعي البصري المقبل سيقوم بتنظيم كل هذه الأمور. محمد لهوازي: على من تقع مسؤولية كل هذا؟ حمليل: المسؤولية تلقى على الجميع، حتى المشاهد مسؤول عن الجريمة. محمد لهوازي: ربما يتحمل المسؤولية كليات الإعلام لأنها تقوم بتكوين الصحفيين؟ حمليل: أنا أتكلم عن المؤسسة الإعلامية وليس عن معاهد الإعلام لأن هذه الأخيرة لا تقدم دروسا في الأخلاق وإنما يقدم دروسا في تقنيات وفنيات الإعلام فقط، لكن المؤسسة الإعلامية لا تعلم الصحفي كيف يخلق المعلومة وينتجها لكنها تعلمه كيف يسرق المعلومة دون معاقبته، وهنا يتحمل المشاهد أو القارئ جزءا من المسؤولية لأنه قبل شراء المادة الإعلامية أو مشاهدته، يجب التأكد من جديتها وصدقها وأمانتها. محمد لهوازي: هل توجد مقاييس تدرس على مستوى كلية الإعلام تتناول الجرائم الإلكترونية؟ حمليل: يوجد مقياس فقط في الماستر يتناول تكنولوجيا الإعلام والاتصال لكن لا توجد مادة خاصة بالجريمة الإلكترونية بل يتم تناول الظاهرة في سياق البحوث، لكن لا يجب أن تخوفنا هذه الجريمة فنعطيها أكثر من حجمها، كما يجب توعية وتعليم الأولاد الصغار مخاطر هذه الجرائم. محمد لهوازي: إذا أنتم مع التنشئة الاجتماعية حول الظاهرة؟ حمليل: نعم فالتنشئة ضرورية على الأقل يوم واحد في السنة في المدارس يتم تعليم الأطفال تكنولوجيات الإعلام والاتصال وعدم تخويفهم منها. كذلك يجب على مؤسسة اتصالات الجزائر نشر المواد القانونية الخاصة بالعقوبات المطبقة على الجرائم الإلكترونية على ظهر فواتير الهاتف للتوعية بمخاطر هذا النوع من الجرائم. 400 جريمة إلكترونية تم تسجيلها في الجزائر خلال 2013 محمد لهوازي: هل هناك إحصائيات حديثة في الجزائر حول عدد الجرائم الإلكترونية المرتكبة؟ يونس قرار: خلال سنتي 2012 و2013 لم تسجل مصالح الأمن سوى 12 حالة في السنة، أما حاليا فالعدد زاد قليلا وأعتقد أن الرقم وصل إلى 100 أو 200 حالة... حمليل: أعتقد أن الرقم وصل إلى 400 حالة خلال السنة الفارطة 2013. قرار: يجب توقيف الأشخاص الذين يقومون بنشر صور ومعلومات عن أشخاص آخرين ولا يكفي كشفهم فقط، ومؤخرا تشجع الناس وأصبحوا يبلغون عن الأفعال التي توصف بالجرائم الإلكترونية مثل الابتزاز عبر الفيسبوك أو الهاتف النقال. محمد لهوازي: هل يمكن القول أن الجريمة الإلكترونية في الجزائر لا تزال في بدايتها؟ يونس قرار: نحن ليس لدينا تجارة إلكترونية ولا خدمات إلكترونية مثل الصحة الإلكترونية التي تحمل طابع السرية وكذا المسائل التجارية خصوصا بالنسبة لشركات الهاتف النقال والإطلاع على قاعدة بياناتها والاتصال بزبائنها. هناك معركة في الجزائر لسرقة قاعدة معطيات لشركات تجارية متنافسة للإطلاع على نشاطها ومنافستها على الأسواق والزبائن وحتى التنافس بين وسائل الإعلام حول المعلومات وهنا ندخل في حرب معلومات إن صح التعبير. تنافس شديد بين الشركات للحصول على المعلومات محمد لهوازي: هل هذا يعني أننا سنجد أنفسنا أمام تحدي قادم يتمثل في الحرب الإلكترونية؟ رشيد حمليل: عندما نتحدث عن حرب نتحدث عن سلاح، وفي حالة حرب المعلومات يجب إنتاج المعلومة وما هي المعلومة التي يجب المحافظة عليها، وهنا نتكلم عن الحرب الإلكترونية نتحدث عن تقنيات متطورة ووسائل حديثة مثل إرسال فيروس لتخريب مفاعل نووي أو توقيف قمر صناعي أو تخريب الأجهزة الإلكترونية للطائرات ومنظومة الصواريخ وليس فقط الحرب من أجل الحصول على المعلومات. هناك سدس سكان المعمورة (1 مليار شخص) تعرضوا لهجوم إلكتروني وفي الجزائر توجد في البداية والمؤسسات لا تزال تتعلم كيفية التعاملات الإلكترونية، والمشكل الكبير يطرح على مستوى التفتيش لأن أغلب الجرائم الإلكترونية يرتكبها أشخاص من خارج الجزائر مثل الدول الإفريقية عبر إرسال رسائل إلكترونية أو عبر الهاتف النقال بغرض الاحتيال فنحن لا زلنا بعيدين جدا عن الحرب الإلكترونية. شبكات الوزارات في الجزائر غير مؤمنة يونس قرار: أردت إضافة فقط فعند الحديث عن التجارب الجزائرية يجب التأكيد على ضرورة تأمين وحماية الشبكات التي تضعها بعض الوزارات في إطار تحسين الخدمات للمواطن مثل الشبكة الخاصة بوزارة العدل التي يجب تأمينها وعدم تركها مفتوحة وتدارك التأخر المسجل في الجزائر حول تأمين قاعدة معطيات الهيئات والمؤسسات. فارس إيزة: بناء على النقاش نلاحظ ضعف البنية التحتية الإلكترونية في الجزائر، وحسب إحصائيات شركة "كاسبارسكي" الروسية، الجزائر احتلت المركز الأول عربيا من حيث عدد الهجمات الإلكترونية كضحية ما هو مبرر وجود الجزائر في هذه المرتبة؟ يونس قرار: لأنه ليست لدينا استراتيجية للحماية الإلكترونية وغياب الثقافة الإلكترونية والتعامل مع الفيروسات للحماية من الاختراقات الإلكترونية لأن القراصنة يبحثون عن الأجهزة غير المؤمنة لاختراقها، ولذلك يجب التفكير بجدية في تأمين أنفسنا من هذه الهجمات ونشر ثقافة تقنية في هذا المجال والاستفادة من هذه الإحصائيات. وهنا تجدر الإشارة إلى أن معظم الوزارات والهيئات لا تقوم بالتبليغ عن الاختراقات الإلكترونية التي تتعرض لها، ولا يمر يوم دون وقوع هجمات على هذه المؤسسات وبالأخص الأجهزة الخاصة بالوزراء والمدراء والمسؤولين الكبار وكذا قضية التنصت على هواتف المسؤولين الكبار لمعرفة موقف الجزائر من مختلف القضايا الإقليمية والدولية وكذا الإطلاع على أسرار الدولة. ولعل الغريب في الأمر أن وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والإتصال لما انفجرت قضية التنصت الأمريكي على بعض الرؤساء في العالم، قامت بإرسال تعليمة تمنع فيها جميع الموظفين والمدراء من استعمال البريد الإلكتروني. اختراق المواقع، والتشهير بالأشخاص أهم أوجه الجريمة الالكترونية في الجزائر رياض بوخدشة: ما هي أوجه الجريمة الإلكترونية المسجلة في الجزائر يونس قرار: الجرائم الالكترونية المعروفة في الجزائر، تمس عادة المؤسسات، وتستهدف مواقعها الالكترونية، حيث يقوم القراصنة بتغيير صفحات هذه المواقع ومحتوياتها، ومرات لا يكون المساس بالمواقع بهدف الابتزاز، وإنما بدافع التحدي، وما نلاحظه أن المواطنين يمن فيهم المسؤولين ليست لديهم ثقافة التبليغ بمثل هذه الجرائم. وحدث أن تم تغيير صفحات مواقع لهيئات رسمية، واستمر اختراق هذه المواقع لعدة ساعات وأيام، ولم يتم التدخل والتبليغ بصفة رسمية لدى الجهات المختصة. رياض: هل لديكم أمثلة عن جرائم الكترونية لم يبلغ عنها أصحابها؟ يونس قرار: طبعا لقد سمعنا باستهداف موقع الفدرالية الجزائرية لكرة القدم، وكذلك موقع الديوان الوطني للامتحانات والمسابقات في وقت سابق، واستمر التلاعب بهذا الموقع عدة أيام، ولم يتم تبليغ الجهات المختصة، حتى استرجاع الموقع. ومن أوجه الجريمة أيضا سرقة البريد الالكتروني، ومحاولة التجسس على حواسيب الغير، واستغلال "فيسبوك" في الإساءة للغير، فهناك من يفتح صفحات باسم الغير، ويتحدثون باسمهم، وطالت هذه العملية مسؤولين في الدولة تستعمل أسماؤهم من طرف الغير في "فيسبوك". ولا يتقدم هؤلاء بشكاوى. رياض: ما هي في رأيكم حلول هذه المشكلة؟ يونس قرار: لتجاوز هذه المشاكل، ينبغي التركيز على التحسيس، فكثير من الجرائم المذكورة ارتكبت عن جهل، وكثير من الأشخاص تم القبض عليهم، ولدى الاستماع إليهم ظهر أنهم يجهلون مخاطر ما يقومون به. فهم يظنون أن جلوسهم خلف الجهاز، يجعلهم بعيدين عن أية مراقبة ويقومون بأعمال مصنفة ضمن الجريمة الالكترونية، دون علمهم. فعلى هؤلاء أن يعرفوا بأن تطور التكنولوجيا تسمح أيضا بالوصول للمجرمين، والقبض عليهم. رياض بوخدشة: هل هناك تعاون دولي بين الجزائر والدول الأخرى في مجال الجريمة الإلكترونية؟ يونس قرار: هناك تعاون تقني على الأقل، وهذا متأكد منه، ويتم هذا التعاون عن طريق وزارة الشؤون الخارجية، ولدينا حالات عن متابعة أشخاص اشتبه فيهم، وتحضرني هنا قصة جزائري اشتبه فيه من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية سنة 2001 عندما كنت ممولا بخدمات الأنترنت، هذا الجزائري يتحدث مع مواطن أمريكي ويقول له"سنقوم بتدمير أمريكا وتهديد بشن هجمات على هذا البلد"، فتم الاتصال بوزارة الشؤون الخارجية، وتم إطلاق بحث من طرف المصالح المختصة هنا في الجزائر، والاتصال بي بصفتي "ممولا بخدمات الانترنت"، وتم تحديد هذا الشخص والتأكد من أنه كان يمزح ولاعلاقة له بما كان يقول. رياض بوخدشة: وماذا عن تعاطي المحاكم مع الجريمة الالكترونية؟ المحامي محمد نوي: ما تم ذكره بصفة عامة هي أوجه الجريمة الموجودة في المحاكم، يضاف إليها جرائم أخرى معروفة تستعمل فيها وسائل وأدوات التكنولوجيا الحديثة. فالجريمة الالكترونية في القانون قد تكون في استعمال الوسائل التكنولوجية في ارتكاب أي جريمة من الجرائم المعروفة، والتي يتوفر فيها ركن الجريمة، ولا يهم من يكون الشخص القائم بها. وأكثر القضايا وأخطرها في الجزائر، هي قضايا نهب المال، وقضايا البنوك والبريد، والتحويلات المالية غير القانونية، والإحصائيات تشير لتزايد الإقبال على التبليغ بمختلف حالات الجريمة الالكترونية، التي تكون أحيانا جرائم عادية استعملت فيها التكنولوجيات الحديثة. رياض: ما هي نسب التبليغ حاليا عن الجريمة الالكترونية؟ يونس قرار: هناك تزايد في الإقبال على التبليغ وإيداع شكاوى لدى الجهات المعنية، حيث تشير الإحصائيات لوجود نحو 400 حالة مبلغ عنها سنويا، بين جريمة إلكترونية بحتة وجرائم أخرى استعملت فيها التكنولوجيات الحديثة، بينما لا تزال حالات الجريمة الالكترونية التي تصل إلى أدراج المحاكم تعد بالعشرات سنويا.