شرعت مصالح السفارة الأمريكية، بحر الأسبوع الماضي، في الاستماع إلى انشغالات النقابيين الجزائريين الناشطين في حقل الجبهة الاجتماعية، وارتكز استفسار دبلوماسيي الولاياتالمتحدةبالجزائر على أسباب الاحتجاجات الأخيرة والإضرابات. وإن كانت لها علاقة مباشرة بالوضع السياسي العام للبلاد، ومدى تجاوب النقابات المستقلة مع قضية منح عهدة رئاسية ثالثة لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. إعتذرت، أمس، الأمانة الوطنية للتنسيقية الوطنية لأبناء الشهداء، عن تأجيل اللقاء الذي كان مبرمجا أمس بين السفير الأمريكي بالجزائر ورئيس التنسيقية، خالد بونجمة، وقد تأجل اللقاء، الذي يدخل في إطار "لقاءات" السفارة الأمريكية بالمنظمات الجماهيرية في الجزائر، إلى غد الإثنين بالمقر الوطني للتنسيقية. في سياق متصل، أكد عدد من النقابيين الناشطين ضمن النقابات المستقلة لقطاع الوظيف العمومي، في تصريحات ل "الشروق اليومي"، أن مصالح السفارة الأمريكية مهتمة في الآونة الأخيرة بشكل كبير بالاحتجاجات الأخيرة المسجلة وسط الجبهة الاجتماعية، حيث عكفت السفارة على استدعاء ممثلي النقابات المستقلة "انفراديا" للاستفسار عن مدى الارتباط بين الوضع السياسي للبلاد والاضطرابات الأخيرة بشأن المطالب الاجتماعية، وذلك بالاستفسار عن التوقيت والظرف لرفع تلك المطالب، وإن كان لديه علاقة بالتوجه السياسي العام الرامي إلى تعديل الدستور، لفتح العهدة الرئاسية. وقالت مصادر متطابقة إن رشيد معلاوي، الأمين العام لنقابة السناباب، كان أول من طرح فكرة الارتباط السياسي بخصوص العهدة الثالثة والتذمر وسط الجبهة الاجتماعية، خلال حديثه إلى "رودي لينغهام"، السكرتير الثاني بالسفارة المكلف بالشؤون السياسية، وهي الفكرة التي أسست عليها السفارة الأمريكية استفسارها، وللتأكد من صحة ذلك لم نتمكن من الاتصال بالمعني الذي كان هاتفه الشخصي مغلقا أو خارج مجال التغطية. من جهته، قال محمد إيدار، أمين عام الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، في تصريح ل "الشروق اليومي"، أنه استقبل يوم الثلاثاء الماضي من طرف رودي لينغهام المكلف بالشؤون السياسية، وأنه كان يجهل أسباب اللقاء، وكان يعتقد أنها تدخل في إطار العلاقة النقابية مع نقابة التربية الأمريكية التي استقبلت ضيوف الجزائر المتملثين في المتحدث إيدار والمرحوم عصمان رضوان في جويلية الماضي، في إطار العمل النقابي، قائلا: "سئلت إن كانت الحركة الاجتماعية من منطلق سياسي خاص بالعهدة الثالثة"، موضحا: "فأجابت إننا نقابات نعمل في إطار مؤسسات الدولة حتى وإن ثبت خلل"، وهو ما غيّر النقاش إن كانت الدولة الجزائرية تتدخل في كل شيء، وإن كان هناك تدهور في وضع حقوق الإنسان، فرد إيدار أن "الرئيس بوش هو الآخر يتدخل في كل شيء بأمريكا، وحقوق الإنسان هي الأخرى في بلدكم متدهورة"، وأكد إيدار أنه لو كان يعلم سبب الزيارة لما حضر. على صعيد مخالف، ورغم تأكيد مصالح السفارة، في تصريح لنا، أنها استقبلت كذلك أعضاء من مجلس أساتذة التعليم العالي والبحث العلمي، فإن عبد المالك رحماني فند ذلك وقال إنه تلقى فعلا دعوة للحضور إلى السفارة الأربعاء الماضي لكنه فضل عدم الذهاب. كما اعتبر المتحدث باسم السفارة الأمريكية، في تصريح هاتفي ل "الشروق اليومي"، أن استدعاء النقابيين يدخل في سياق النشاط العادي للسفارة، حيث أفاد أنهم استقبلوا كلا من أعضاء نقابة الجامعة "الكناس" إلى جانب محمد إيدار عن "الإينباف" وكذا معلاوي عن "سناباب"، موضحا أن اللقاءات شملت نقابات مستقلة وحكومية، وأبرز استضافة أعضاء من الاتحاد العام للعمال الجزائريين. هذا، وفند مزيان مريان، منسق تنسيقية النقابات المستقلة للوظيف العمومي ال 12، في رده عن سؤال "الشروق اليومي" حول استغلالهم سياسيا من قبل بعض الأطراف "الناشطة" في الظرف السياسي الحالي للبلاد، فقال إنهم نقابات مرتبطة بالمطالب الاجتماعية والنقابية، وأنه "ليس هناك أطراف سياسية تستغلنا في سياق العهدة الثالثة لرئيس الجمهورية"، حيث قال إنهم بلغوا كامل الكتل البرلمانية للأحزاب بانشغالاتهم لتجاوز قضية الاستغلال، كما أوضح أنهم بلغوا رئيس الجمهورية بانشغالاتهم بصفته المسؤول الأول في البلاد، واعتبر أن الحڤرة والإقصاء وضعف القدرة الشرائية هي الدوافع التي فرضت عليهم إعلان إضراب ثلاثة أيام 24، 25 و26 فيفري الداخل. بلقاسم عجاج