بعد أن ضاقت بهم كل السبل وسدّت بوجههم كل الأبواب، بالرغم من تعدد وتكرار نداءات العون وتقديم المساعدة التي لم تعد تلقى صدرا رحبا من قبل المسؤولين والسلطات المحلية التي أصبحت تواجه »غبن الوالدين« بكل برودة ومن دون الوعي بمدى ثقل المأساة التي أرّقت جبين الأب العاطل. وأثقلت كاهله في مسيرة البحث عن مجيب وعن قلب رحيم قد يعينه على شفاء أبنائه الثلاثة وتأمين قوتهم، وبعد أن أصبح الأب جيلالي يتجرّع بكل مرارة تارة وبصبر وإيمان تارة أخرى إصابة فلذات كبده بإعاقات حركية مستديمة... لم تجد عائلة برايس بندرومة بابا تطرقه عدا سرد »حكايتها« على صفحات »الشروق« علّها توصل صراخهم إلى آذان المعنيين. هي عائلة ميسورة الحال تقطن بمنطقة »الخريبة« بدائرة ندرومة ولاية تلمسان، شاءت الأقدار أن يرزقهم الله بأعظم هدية في الكون وأكثر ما يتمناه المرء... أطفال يملأون البيت دفئا وسعادة بابتسامة بريئة تشرح الخاطر، فسرعان ما تحوّل مصدر السعادة ومنبعها إلى عنوان للغبن بعد أن ابتلى الخالق الإبن الأكبر »إسلام« وأختيه »فاطمة وأحلام« بإعاقة حركيّة، فبمجرد انقضاء الأشهر الأولى على ولادة الابن حتى تفطن الوالدان لظهور أعراض وتغيّرات فيزيولوجيّة في الجسم، منها عدم المقدرة على الوقوف والحركة، بالرغم من بلوغه سنة من العمر التي تم بعدها التأكد أن »إسلام« يعاني من إعاقة حركيّة منعته من النطق والتكلّم، وبعد إجراء التحاليل الطبيّة والفحوصات المتعددة، أقر الأطبّاء بأن ابنهما يعاني من إعاقة حركيّة بنسبة 100 بالمائة، بالرغم من كون ولادته جد عادية وفي ظروف جيّدة علما أن كل من الأب والأم لا يشتكيان من أعراض الإعاقة التي لازمت »إسلام« وأبقته على هذا الحال وهو في ال13 من العمر. رضا الوالدين بما أصابهما وصبرهما على مشيئة الله الذي منحهما مولودا ثانيا، كانت ترى فيه العائلة أملا ينسيها وضع الإبن المعوق ويخفف من قلقها تجاهه بعد أن اطمأنوا على الحالة الجيدة التي ولدت عليها البنت »فاطمة«، 12 سنة الآن، والتي أصيبت بداء الصرع بعد أن بلغت شهرها الرابع وبالتالي ظهور نفس الأعراض التي ظهرت على أخيها حين بلغت عاما من العمر، إذ أكّد الأطباء أنها مصابة بإعاقة حركيّة بنسبة 100 بالمائة هي الأخرى، ناهيك عن تعرّضها لصدمات ذهنيّة مستمرة وفقا لما توضّحه الكشوفات الطبيّة التي تسلمناها من أحد أقارب عائلة برايس التي كانت خيبة أملهما كبيرة بعد أن أصيبت ابنتهما الثانية »أحلام«، 11 سنة الآن، بإعاقة حركيّة شهورا قليلة بعد الولادة، فما كان على الأب »الجيلالي« سوى التوجّه إلى مديرية النشاط الاجتماعي بولاية تلمسان لتمكين المعوقين من الحصول على بطاقات الإعاقة وبالتالي الاستفادة من »المنحة« علّها تساعده نسبيا على التكفل بأبنائه الثلاثة إسلام وفاطمة وأحلام، علما أنه بطال ولا يقوى على تسديد إيجار البيت الذي يأويه بالخريبة. غير أنه تفاجأ بتسليمه بطاقة إعاقة واحدة فقط لابنته الصغرى »أحلام« فحسب، ومن دون تقاضي منحة إعاقة، حيث استغربنا عندما ذكر لنا قريب العائلة أن أحد الموظفين بمديرية النشاط الاجتماعي طلب من الأب بالمغادرة حين استفسر عن الوضع، مضيفا أنه سيستفيد من منحة الإعاقة عندما يتوفى أحد أبنائه؟ ليبقى رب العائلة بين مطرقة الوضع المزري وسندان الردود الجارحة وغير المسؤولة، مطالبا من الجهات المسؤولة ومن الوزارة أن ترفع عن كاهله جزءا من المرارة التي يتجرّعها كلّما وجد نفسه عاجزا أمام تأمين تكاليف العلاج وحاجيات العائلة اليوميّة. كمال يعقيل