لم يكن الدكتور والباحث الجزائري، فرحات خناق، يدرك أن ثمن تلبيته لنداء الوطن الذي أطلقه رئيس الجمهورية سيدفع ثمنه غاليا ويكون على حساب الوقت الثمين الذي يخصصه أي عالم لأبحاثه. ولم يكن يدرك أن الليالي الطويلة والسهر المتتالي لنيل أعلى الشهادات من أفضل الجامعات بفرنسا يقابله طعن في مصداقيتها من قبل مسؤول جزائري رغم أن شهادته الأخيرة صدرت في الجريدة الرسمية الفرنسية سنة 1999، ورغم هذه المشاكل يزداد الإصرار على البقاء بالوطن الذي قدّم لأجله والده نفسه فداء له سنة 1961، وهو الوطن الذي منحه الأساس الأول في الولوج لعالم العلم بعد المنحة التي قدمتها له الدولة الجزائرية التي تنتظر منه اليوم رد الجميل... "الشروق اليومي" اقتربت منه وكانت البداية بمعرفة الشهادات العلمية التي تحصل عليها الدكتور فرحات، حيث تحصل على المرتبة ال 16 في شهادة البكالوريا التقنية في الرياضيات وإلكتروميكانيك وتم منحه كهدية تشجيعية دفتر التوفير والاحتياط برصيد مالي قدره 100دج ببريد الرويسو ولا يزال يحتفظ به رغم مرور 30 سنة. تحصل من جامعة باب الزوار سنة 1983 على شهادة مهندس دولة في الإعلام الآلي، تخصص التسيير، وتحصل على منحة لمواصلة دراسته بفرنسا، حيث نال سنة 1984 على شهادة الدراسات المعمقة في الإعلام الآلي تخصص الذكاء الاصطناعي ومكّنته هذه الشهادة من نيل شهادة الدكتوراه في الإعلام الآلي تخصص المعالجة الأوتوماتيكية للصوت سنة 1989. وفي سنة 1999 تحصل على شهادة عالية في علوم التربية والتكوين، وهي الشهادة التي تم إصدارها في الجريدة الرسمية الفرنسية رقم 212 الصادرة في 12سبتمبر 1999 لينتقل من التحصيل العلمي إلى ميدان العمل، حيث شغل منصب مكلّف بالبحث بجامعة تولوز، وفي هذا الخصوص يقول الدكتور فرحات إن معنى شهادة الدكتوراه هو إضافة شيء للأبحاث العلمية. الأمل في العودة للوطن بزغ مع الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، غداة الزيارة التي قادته إلى فرنسا شهر ماي 2000 حين طالب الباحثين والمثقفين والعلماء الجزائريين أو ما اصطلح تسميتهم "بهجرة الأدمغة" بضرورة العودة إلى أرض الوطن للمشاركة في نهوض الوطن. يقول الدكتور فرحات إن خطاب رئيس الجمهورية أصاب الشريان الذي ينبض بحب الوطن، والبداية كانت بإلقائه سنة 2002 محاضرة في الملتقى الدولي الذي نظمته جامعة التكوين المتواصل حول الجامعة الافتراضية، حيث التقى بأستاذه الذي درّسه الإعلام الآلي بجامعة هواري بومدبن، الأستاذ موسى بن حمادي، الذي شغل منصب مدير مركز البحث في الإعلام العلمي والتقني "السريست" ببن عكنون، حيث عرض عليه فكرة العمل في المركز ليلتحق بمنصب مسؤول قطب تكنولوجية الإعلام والاتصال للتعليم في جوان 2002، كما أن الدكتور فرحات كان من بين الأسماء التي عرض عليها منصب مدير المركز بعدما فاز بن حمادي بمقعد في البرلمان شهر ماي 2002. ولم يهنأ الباحث فرحات بعودته للوطن بعد أن قضى 18 سنة في فرنسا، كونه لاقى مشاكل كبيرة شهر فيفري 2003 وصلت إلى حد الطعن في الدكتوراه التي تحصل عليها من جامعة فرنسا من قبل مدير "السريست" الذي رفع دعوى قضائية أمام محكمة بئر مراد رايس، غير أن قاضي تحقيق الغرفة الرابعة، فتيحة بوحلوان، أمرت بأن لا وجه للمتابعة في التهم التي وجهت للدكتور والمتعلقة بالتزوير واستعمال المزور، التصريح الكاذب وانتحال وظيفة وخيانة الأمانة. كما قام مدير المركز قبلها بطرده من منصب عمله رغم أن لجنة التأديب عارضت الأمر على أساس انعدام دلائل تدينه بل اكتفت بتوقيفه عن العمل لمدة 6 أيام، ما دفعه لرفع تظلم لدى مفتشية العمل التي أنصفته، كما قضت محكمة بئر مراد رايس بعودته إلى منصب عمله، إلا أن الدكتور فرحات الذي لبّى نداء الوطن الذي أطلقه رئيس الجمهورية لا يزال ينتظر بفارغ الصبر عودته إلى منصب عمله ومواصلة أبحاثه. لم تستطع الاتهامات التي وجهت للدكتور فرحات أن تفني من عزمه أو أن تجبره على شدّ الرحال والعودة إلى فرنسا التي لا تزال أبوابها مفتوحة، ليس حبّا فيه بقدر طمعها فيما يحتويه عقله من أفكار علمية تضيف أشياء للبحث العلمي، فهو من اخترع سنة 1988 آلة حاسبة مهمتها تصريف الفعل الفرنسي وهذا في إطار التحضير لشهادة الدكتوراه في الإعلام الآلي بجامعة تولوز بول سباتي بفرنسا، حيث اخترع الباحث فرحات منهجية لصرف الأفعال الفرنسية وهو برنامج للإعلام الآلي تم تجسيده في آلة حاسبة مهمتها تصريف الفعل الفرنسي فقط. كما أنه يشتغل حاليا على موقع التعليم المتنقل أو المدرسة المتنقلة والذي يهدف من خلاله الباحث فرحات إلى تسهيل تنقل التعليم للمتعلم، وهذا البرنامج صالح لكل شخص في كل زمان ومكان تصل إليه المدرسة المتنقلة. وحسب الباحث فرحات، فقد استفاد من هذه المدرسة تلاميذ في المغرب وفرنسا وشيلي وإنجلترا وتكمن أهميتها بالنسبة للجزائر في كون مساحتها كبيرة مقارنة بإمكانياتها المادية الضعيفة. ومن المنتظر أن يمثل فرحات يوم 24 فيفري الجاري أمام محكمة بئر مراد رايس كضحية في القضية التي رفعها ضده مدير المركز بسبب اتهامه بأفعال يقول إنها بعيدة كل البعد عن شخصيته، وهي الاتهامات التي أساءت كثيرا لسمعته كباحث وعالم أفنى حياته في البحث والعمل المتواصلين لإضافة شيء للعلوم دون أن ينتبه للماديات أو إثارة الفوضى كما تم الادّعاء عليه... خيرة طيب عتو