محمد خوان يتحادث مع رئيس الوفد الإيراني    هذه توجيهات الرئيس للحكومة الجديدة    النفقان الأرضيان يوضعان حيز الخدمة    رواد الأعمال الشباب محور يوم دراسي    توقيع 5 مذكرات تفاهم في مجال التكوين والبناء    الصحراء الغربية والريف آخر مستعمرتين في إفريقيا    مشاهد مرعبة من قلب جحيم غزّة    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس    على فرنسا الاعتراف بجرائمها منذ 1830    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    الخضر أبطال إفريقيا    ضرورة التعريف بالقضية الصحراوية والمرافعة عن الحقوق المشروعة    300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغيّر المناخ    فلسطينيو شمال القطاع يكافحون من أجل البقاء    بوريل يدعو من بيروت لوقف فوري للإطلاق النار    "طوفان الأقصى" ساق الاحتلال إلى المحاكم الدولية    وكالة جديدة للقرض الشعبي الجزائري بوهران    الجزائر أول قوة اقتصادية في إفريقيا نهاية 2030    مازة يسجل سادس أهدافه مع هيرتا برلين    وداع تاريخي للراحل رشيد مخلوفي في سانت إيتيان    المنتخب الوطني العسكري يتوَّج بالذهب    كرة القدم/كان-2024 للسيدات (الجزائر): "القرعة كانت مناسبة"    الكاياك/الكانوي والبارا-كانوي - البطولة العربية 2024: تتويج الجزائر باللقب العربي    مجلس الأمة يشارك في الجمعية البرلمانية لحلف الناتو    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: إبراز دور الوسائط الرقمية في تطوير أدب الطفل    ندوات لتقييم التحول الرقمي في قطاع التربية    الرياضة جزء أساسي في علاج المرض    دورات تكوينية للاستفادة من تمويل "نازدا"    هلاك شخص ومصابان في حادثي مرور    باكستان والجزائر تتألقان    تشكيليّو "جمعية الفنون الجميلة" أوّل الضيوف    قافلة الذاكرة تحطّ بولاية البليدة    على درب الحياة بالحلو والمرّ    سقوط طفل من الطابق الرابع لعمارة    شرطة القرارة تحسّس    رئيس الجمهورية يوقع على قانون المالية لسنة 2025    يرى بأن المنتخب الوطني بحاجة لأصحاب الخبرة : بيتكوفيتش يحدد مصير حاج موسى وبوعناني مع "الخضر".. !    غرس 70 شجرة رمزياً في العاصمة    تمتد إلى غاية 25 ديسمبر.. تسجيلات امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق هذا الثلاثاء    مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة    اختتام الطبعة ال14 للمهرجان الدولي للمنمنمات وفن الزخرفة : تتويج الفائزين وتكريم لجنة التحكيم وضيفة الشرف    صليحة نعيجة تعرض ديوانها الشعري أنوريكسيا    حوادث المرور: وفاة 2894 شخصا عبر الوطن خلال التسعة اشهر الاولى من 2024    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"    "ترقية حقوق المرأة الريفية" محور يوم دراسي    القرض الشعبي الجزائري يفتتح وكالة جديدة له بوادي تليلات (وهران)        مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: بوليفيا تدعو إلى الالتزام بقرار المحكمة الجنائية    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشروق تفتح ملف محدودية المستوى التعليمي للاعبي كرة القدم
نشر في الشروق اليومي يوم 13 - 03 - 2007

هل يساهم تدني المستوى التعليمي للاعب في دخول الكرة الجزائرية نفق المهازل ونتائج العار؟ وهل تفرض قساوة الممارسة الكروية على اللاعب الجزائري البعد عن مقاعد الدراسة؟ وهل بالإمكان الجمع بين التألق الرياضي والتفوق العلمي؟ أسئلة بريئة يفرضها واقع الأندية والمنتخبات الوطنية، بحثنا فيها لإيجاد إجابة مقنعة أو على الأقل تزيح الستار عن ما هو موجود في الساحة الكروية لعلنا نصل في النهاية إلى الوقوف على مدى التأثير لظاهرة تدني المستوى التعليمي للاعبين على الأداء، وكيفية تسيير الحياة الرياضية ليصل في النهاية إلى مصاف النجوم‮ العالمية‮.‬
المستوى‮ التعليمي‮ لنجوم‮ مونديال‮ 1982: فرڤاني‮ مهندس‮ معماري‮ وبن‮ ساولة‮ أستاذ‮ ثانوي‮
ب‮. عيسى‮
أمام المستوى المتدهور الذي عرفته كرتنا في العشريتين الأخيرتين وما صاحبه من تدهور أخلاقي وأيضا تعليمي، نجد دائما أنفسنا مجبرين على فتح دفاتر قديمة تعود إلى الزمن الكروي الذهبي عندما كانت الجزائر رائدة الكرة في إفريقيا ومرعبة عدد من منتخبات العالم بلاعبين جمع الكثير منهم ما بين المهارات الكروية وبين الأداء الأخلاقي والتعليمي فكان وقوف بعضهم أمام الصحافة هو في حد ذاته مقابلة شيقة، والدليل على ذلك ما بلغه رابح ماجر إعلاميا جعله أحد نجوم قناة "الجزيرة" لا يختلف في شهرته وكازيرمته عن فيصل القاسم وغسان بن جدو، حتى‮ وإن‮ كانت‮ لكل‮ طريقة‮ أدائه‮.
قائد أوركسترا مباراة الجزائر -ألمانيا هو علي فرڤاني الذي بلغ حينها سن الثلاثين وهو مهندس معماري حصل على شهادته العليا عندما كان لاعبا في النصرية عام 1977 ووصل إلى نهائي كأس الجزائر، وكان مسجل الهدف الوحيد للنصرية في مباراة انتهت لصالح القبائل التي أنهى معها مغامرته الكروية الناجحة بألقاب إفريقية ووطنية، وهو اللاعب الوحيد رفقة بن ساولة التاج ابن حمام بوحجر (تموشنت) الذي يمتلك شهادة ليسانس في العلوم، إذ اشتغل مدرسا ثانويا في مادة العلوم بمدينة وهران، كما كان مستوى رابح ماجر وصالح عصاد مقبولا، حيث بلغا المستوى الثانوي النهائي وفشلا في اجتياز شهادة البكالوريا، وهما من مواليد (1958)، أما لخضر بلومي فبلغ مستوى الأولى ثانوي وأكمل دراسته بالمراسلة، كما بلغ شعبان مرزڤان (مواليد 1959) النهائي رفقة حسين ياحي (1960) الذي لعب بعض الدقائق في لقاء الجزائر ضد شيلي..
وما عدا هؤلاء فإن معظم نجوم الحقبة الذهبية مثل مهدي سرباح ومحمود ڤندوز ومصطفى كويسي وعلي بن الشيخ لم يتجاوز مستواهم الابتدائي والمتوسط، وكانت عقولهم في أقدامهم وفشلوا جميعا في الحوارات الإعلامية العلنية التي أجريت معهم، أما عن بعض النجوم الذين شاركوا في مونديال‮ المكسيك‮ 1986‮ مثل‮ جمال‮ مناد‮ فتوقف‮ أداؤهم‮ التعليمي‮ بفشلهم‮ في‮ البكالوريا‮.
إن نجم هؤلاء فهو بالتأكيد المدرب محيي الدين خالف أحد أكبر المثقفين والمتعلمين في عالم الكرة عندنا، فإضافة إلى أنه متحصل على شهادتي ليسانس في الاقتصاد والعلوم السياسية، فإنه يتقن بطلاقة وكفاءة أربع لغات هي العربية التي مكنته من أن يكون نجم التحاليل في القنوات العربية واللغة الفرنسية والإنجليزية، حيث تولى الترجمة لناديه شبيبة القبائل في المقابلة النهائية التي جرت ضد فيتا كليب الزائيري عام 1981 من الإنجليزية، إضافة إلى إتقانه الكامل للغة الإسبانية عندما أمضى صباه في المغرب، وكان يجيب بالإسبانية في مونديال 1982 بإسبانيا، ولأن خالف كان الأب الروحي لفريق 1982 فإن ظهور المنتخب الذهبي أمام الصحافة المحلية والعربية والعالمية كان مشرفا جدا، وعندما تم استقبال خالف وبلومي في الندوة الصحفية التي تبعت ملحمة خيخون بهزم ألمانيا تكلم خالف للصحافيين العالميين بكل اللغات وعرف بلومي‮ قدر‮ نفسه‮ عندما‮ قال‮ كلمة‮ مختصرة‮ جدا‮ "‬أهدي‮ هذا‮ الفوز‮ للجزائريين‮ بمناسبة‮ الذكرى‮ العشرين‮ للاستقلال‮".
ماجر‮ نجم‮ "‬الجزيرة‮" الرياضية‮
لم‮ يشهد‮ تاريخ‮ النجم‮ رابح‮ ماجر‮ لقطات‮ غير‮ رياضية‮ أو‮ تورطا‮ في‮ مباريات‮ "‬مخدومة" فكان‮ ابن‮ عائلة‮ حقيقي‮ من‮ عائلة‮ مثقفة‮ بقيادة‮ شقيقته‮ "‬نعيمة‮" التي‮ هي‮ واحدة‮ من‮ أشهر‮ وجوه‮ "‬اليتيمة" كمقدمة‮ برامج‮.‬ ماجر برغم عدم بلوغه الجامعة، إذ فشل في اجتياز شهادة البكالوريا، إلا أن لعبه في فرنسا وإسبانيا والبرتغال وقطر وزيارته لما لا يقل عن خمسين دولة في تاريخه الكروي، كل هذه الظروف ساعدت ماجر لأن يقنص عملا في قناة "الجزيرة الرياضية" لثلاث سنوات جعلته أحد الوجوه الكبيرة في "الجزيرة" بطلاقة لسانة وثقافته العامة العالية التي شرفت الجزائر، وهو نفس التشريف والتكليف الذي يعيشه السيد محيي الدين خالف الذي كان نجما من نجوم قناة "آرتي الرياضية" خلال مونديال ألمانيا الأخير، حيث بدا تمكن خالف من اللغة العربية والثقافة العامة مقبولا ومشرفا للجزائر، مما يدل على أن اللاعب يحتاج فعلا لثقافته، خاصة ما بعد مرحلة النجومية كلاعب كرة عندما يتوقف عطاء "القدم" ويصبح ضروريا العودة إلى ما في "الدماغ"، وفاقد الشيء هنا لا يعطيه.
ظاهرة‮ كروية‮ اعتزل‮ الكرة‮ من‮ أجل‮ الطب‮
على مر أجيال الكرة في الجزائر هناك نجوم كثيرون مثل بلومي ضحوا بالعلم من أجل الكرة، وهناك من استطاع الجمع بينهما مثل الدكتور باشي (مولودية العاصمة) والدكتور زيتون (مولودية قسنطينة) والدكتور آيت طاهر (شبيبة القبائل) كما أن اللاعب الدولي قائد الموك في السبيعنيات،‮ مراد‮ بركات،‮ أوصله‮ عمله‮ وثقافته‮ بأن‮ يصبح‮ عميد‮ جامعة‮ بسكرة‮.‬ وقليلون جدا ممن فضل ترك كرة القدم في سبيل تحصيله العلمي، ومنهم أحد ظواهر كرة القدم أشقر القبائل في نهاية السبيعنيات (بايلاش) خليفة دالي كقلب هجوم للشبيبة، حيث بلغته دعوة للانضمام الى المنتخب الوطني من مخلوفي وقيل إن "بايلاش" هو ظاهرة كروية، لكنه فضل الانسحاب‮ واعتزال‮ الكرة‮ في‮ سبيل‮ دراسته‮ في‮ معهد‮ الطب،‮ ونسي‮ الناس‮ (‬بايلاش‮) لأنه‮ اختار‮ العلم،‮ ولولا‮ ذلك‮ لكان‮ أحد‮ نجوم‮ مونديال‮ إسبانيا،‮ ولا‮ أحد‮ الآن‮ يذكره‮ بمن‮ في‮ ذلك‮ رئيس‮ القبائل،‮ محند‮ شريف‮ حناشي‮.‬
‮"‬بيلي‮" وزير‮ "‬وسقراطس‮" مرشح‮ لجائزة‮ نوبل: متى‮ يصبح‮ اللاعب‮ الجزائري‮ وزيرا؟
تجرأ لخضر بلومي في الانتخابات المحلية عام 1990 وترشح على رأس بلدية وهران ضمن قائمة الأفلان، وكان ابن معسكر وعمره حينها 32 سنة فقط يحلم بأن يصبح شيخ بلدية وهران، ولكن طوفان "الفيس" أغرقه وفاز بمقعد المير مترشح من الحزب المحظور، ولم يستطع أي نجم كروي من بلوغ مناصب كبرى، اللهم إلا عيساوي الذي كان لاعبا في اتحاد العاصمة وشارك في أربع نهائيات لكأس الجزائر وخسرها ليتحول في بداية التسعينيات الى وزير للشباب والرياضة.. وربما كونه جراح أسنان هو الذي ساعده في أن يحصل على منصب وزير الذي لم يمكنه بلوغه لو كان مستواه مثل‮ أترابه‮ في‮ اتحاد‮ العاصمة‮ في‮ زمن‮ عبدوش‮ وكدو‮ وغيرهما‮.. ويبقى حلم الوزارة بعيدا ويزداد ابتعادا لأن وزن "الشهادة" أكبر من وزن "النجومية"، وكلنا يذكر أن بيلي حمل حقيبة وزارة الرياضة في البرازيل، وكاد جورج وييا أن يجلس على مقعد رئاسة ليبيريا، أما النجم الأكثر علما فهو سقراطس البرازيلي الذي لعب مونديالين في (19821986‮) وهو‮ طبيب‮ مختص‮ في‮ طب‮ الأطفال،‮ وله‮ عدة‮ أبحاث،‮ إذ‮ يحاضر‮ في‮ كل‮ جامعات‮ العالم،‮ وتم‮ ترشيحه‮ لأن‮ يكون‮ ضمن‮ قائمة‮ جائزة‮ نوبل‮ في‮ الطب‮ في‮ بداية‮ الألفية‮ الأخيرة‮.‬
حينما‮ يتغلب‮ عشق‮ كرة‮ القدم‮ على‮ واجب‮ الدراسة: جزائريون‮ يهجرون‮ مقاعد‮ الدراسة‮ بهدف‮ الثراء
ح‮. راضية‮
بين عشق كرة القدم وواجب الدراسة صراع لا ينته، مما يجعل الكثيرين من الأطفال والشباب يقفون عاجزين عن التوفيق بين دراستهم ومسارهم الرياضي، ويكون في النهاية لزاما عليه التضحية بأحدهما في سبيل الإبقاء على الأخرى، والغلبة في معظم الأحيان تكون لكرة القدم، مما يطرح‮ أمامنا‮ تساؤلا‮ كبيرا‮ مفاده‮ لماذا‮ يفضل‮ أغلبهم‮ الرياضة‮ على‮ الدراسة؟‮ ولماذا‮ أغلب‮ لاعبي‮ كرة‮ القدم‮ الجزائرية‮ غادروا‮ مقاعد‮ الدراسة‮ مبكرا؟ هي‮ حقيقة،‮ فأغلب‮ الأطفال‮ الجزائريين‮ مولعون‮ بكرة‮ القدم‮ ولو‮ على‮ حساب‮ تحصيلهم‮ العلمي‮ وفي‮ مرات‮ عدة‮ يجدون‮ الدعم‮ من‮ أوليائهم‮..
"بوضياف" أحد المراهقين الذين استهوتهم كرة القدم منذ نعومة أظفارهم يقول "عشقي لها كبير، وتأثيرها أكبر، ولحد الساعة استطعت التوفيق بينها وبين دراستي بما أنني في المستوى المتوسط، ولكني أرى مستقبلي في الكرة لا سيما وأنني منخرط في فريق رياضي ببراقي". وهو التساؤل ذاته الذي طرحناه على رياضي آخر وكانت إجابته مقنعة، إذ قال "الدراسة غير مضمونة، وأنا لن أضمن تفوقي فيها، لهذا أفضل كرة القدم، ففيها مستقبل وربما تكون لي فرصة الانضمام إلى الفريق الوطني". وحتى‮ الوالدين‮ يشجعان‮ أبناءهما،‮ إذ‮ قرن‮ "‬م‮. حسان‮" مستقبل‮ ابنه‮ بلعبه‮ لكرة‮ القدم،‮ وقال‮ إنه‮ بهذه‮ الطريقة‮ سيضمن‮ مستقبله‮ المادي‮ والعيش‮ في‮ مستوى‮ أفضل‮ من‮ ذاك‮ الذي‮ وفره‮ له‮.‬ وقد بررت الأستاذة "أورتي فتيحة" مختصة اجتماعية، الظاهرة بأنها متأصلة في جذور المجتمع الجزائري الذي يملك أمجادا في هذه اللعبة العالمية والشعبية بالدرجة الأولى، وتقول إنها اللعبة المفضلة للكثير من الأطفال الذين يكبرون وفي قلوبهم حب هذه الأخيرة والتي تدخل في صراع كبير مع دراستهم، بما أنها تأخذ جل وقتهم ولو على حساب إنجازهم لفروضهم وواجباتهم الدراسية، فتجدهم يسقطون في امتحاناتهم ويتغيبون عن مقاعد دراستهم، وبالمقابل يواظبون على حصصهم التدريبية في حالة ما إذا كانوا منضوين تحت لواء فريق ما. ولكننا لا نستطيع عزل إحداهما عن الأخرى فكلاهما مكملة للأخرى، لأن المنطق يقول "العقل السليم في الجسم السليم"، والأولوية لا بد أن تكون للدراسة لا للرياضة، وأغلب الأطفال لا يجدون راحتهم في المدرسة، بما أن المجال ضيق ومنضبط على خلاف الرياضة التي تؤدي إلى الاسترخاء وتكسر الروتين، وتدخل‮ في‮ تنشئته‮ النفسية‮ السوسيولوجية‮ وتنمي‮ الذكاء‮.‬
مشيرة إلى انعدام التوجيه وغياب المتابعة من الأولياء، مما يسمح للطفل بممارسة هوايته ولو على حساب دراسته، وتحدثت عن التأثير الكبير لوسائل الإعلام وما تحويه من ومضات إشهارية كتلك التي تظهر كلا من النجمين العالميين "دافيد بيكام" و"زين الدين زيدان" مما رسخ صورة هذين النجمين في ذهن الأطفال وسبل الربح السريع بإظهارهما كرياضيين ناجحين ومن أغنى أغنياء العالم، وهذا ما يعزز في ذهنياتهم فكرة أن للرياضي مستقبل مضمون أكثر من ذاك المتخرج من الجامعة ليجد نفسه على قارعة الطريق بدون عمل، ووجهت بهذا أصابع الاتهام إلى سياسة التنشئة‮ الحالية‮.‬ واعتبرت لعبة كرة القدم أكثر الرياضات التي لا يستطيع ممارسها إكمال مشواره الدراسي، لأن أغلب هواتها فقراء وأبناء أحياء شعبية يطمحون للثروة والشهرة، وكرة القدم هي السبيل الأقصر والمضمون للربح، نظرا لسيطرتها على الاقتصاد العالمي، وعن تدهور مستوى لاعبينا العلمي‮ أرجعته‮ هذه‮ الأخيرة‮ لإهمالهم‮ لكل‮ ما‮ هو‮ مطالعة‮ ودراسة‮ من‮ جهة‮ وللوسط‮ الذي‮ يعيشون‮ فيه‮ والذي‮ يضم‮ شبابا‮ همهم‮ الوحيد‮ كرة‮ القدم‮ والنقود‮ ولو‮ على‮ حساب‮ ثقافتهم‮ وعلاقاتهم‮ الأسرية‮.‬
الحديث‮ عن‮ كرة‮ القدم‮ الجزائرية‮ لا‮ يعني‮ إطلاقا‮ الحديث‮ عن‮ الثقافة‮ بأبعادها‮ الحضارية‮ والجمالية‮ التي‮ تخلق‮ في‮ النهاية‮ عالما‮ جميلا‮ في‮ المدرجات‮ أو‮ فوق‮ الميدان‮ أو‮ في‮ حديث‮ الناس‮ خارج‮ إطار‮ الملعب‮.‬ وقد لا يختلف اثنان في أن عالم كرة القدم في الجزائر هو عامل مال بالدرجة الأولى، لأن المال في حد ذاته بحاجة إلى تثقيف عندنا في الجزائر، فإن تثقيف كرة القدم يصبح تحصيل حاصل ليس إلا، وما دامت اللعبة ككل بحاجة إلى أبعاد ثقافية فسيصبح تحصيل حال أيضا أن اللاعب بحاجة‮ إلى تثقيف‮ باعتباره‮ الرقم‮ المهم‮ في‮ المعادلة‮ كلها‮.‬ أما لماذا لا يسعى اللاعب في الجزائر إلى تثقيف نفسه والرفع من مستواه العلمي -إن كان ثمة أصل مستوى بحاجة لأن يرفع- فالأسباب تبدو كثيرة جدا، ولعل أهمها نظرة المجتمع الجزائري للأشياء ككل، فالمظاهر المادية هي المتحكم في ميزان الناس عنده، والأمثال الجزائرية كلها تصب في هذا الاتجاه، حتى أصبحت المبادىء والقيم والأخلاق والثقافة تبدو أقزاما أمام عملاق اسمه المال، وباعتبار اللاعب "مواطن" قبل أن يكون لاعبا، فإن ثقافته الاجتماعية تحتم عليه السير في هذا الطريق والبحث عن تأمين مستقبله المادي قبل التفكير في مستقبله الثقافي،‮ بل‮ دون‮ الحاجة‮ في‮ أغلب‮ الأحيان إلى‮ التأمين‮ الثاني‮.‬ أذكر أيام كانت المدرسة والجامعة والشهادة تعني مكانا محترما في الجزائر، أن اللاعب الدولي السابق والمدرب الحالي عبد الحفيظ تاسفاوت، قام بنزهة إلى إسبانيا بعد نيله شهادة البكالوريا، واتفق هناك أن أجرى تجارب مع نادي إشبيلية وأبهر مسيري هذا النادي بإمكانياته الفنية ففكروا في ضمه إلى الفريق، غير أن أحلام عبد الحفيظ ورغبة إشبيليا اصطدمت بطرف ثالث للصفقة ككل، ولم يكن الرفض لا من فريقه آنذاك جمعية وهران، ولا من الاتحادية، بل من والده المرحوم خليفة الذي رفض الفكرة من أساسها وشدد اللهجة تجاه ابنه وأكد عليه أن الاحتراف‮ في‮ الخارج‮ لن‮ يكون‮ قبل‮ الشهادة‮ الجامعية،‮ ثم‮ الخدمة‮ الوطنية‮ ثم‮ الزواج‮.. وهي‮ الطريق‮ التي‮ سلكها‮ المدرب‮ الحالي‮ لمنتخب‮ الآمال‮ قبل‮ السفر‮ إلى فرنسا‮ والانضمام إلى‮ نادي‮ أوكسير‮.‬ وأمثال خليفة رحمه الله لم يعودوا موجودين كثيرا في الجزائر، بل أقسم أن كل من سيقرأ هذه الفقرة، سيضرب يدا بيد ويتأسف لأن الحاج خليفة حرم ابنه من المجد، لسبب واحد فقط وهو أن عبد الحفيظ نفسه لا يزال في كرة القدم، وشهادته معلقة في إطار في إحدى زوايا منزله! وللشهادة فقط، فإن كل المدربين الذين تناوبوا على تدريب تاسفاوت أكدوا أنه اللاعب الوحيد الذي كان يفهم جيدا التعليمات، فماجر قال ذلك وكذلك مزيان إيغيل وكل مدربي الفريق الوطني، أما في مولودية وهران فقد كان في صغره يعتبر المدرب الثاني للفريق بالنظر إلى العمل البسيكولوجي‮ الذي‮ كان‮ يقوم‮ به‮ داخل‮ المجموعة‮ ونقله‮ لتعليمات‮ المدرب‮ إلى‮ اللاعبين‮ فوق‮ الميدان‮ والنتائج‮ معروفة‮ عند‮ الجميع‮.‬ وعلى العكس من تاسفاوت، يوجد لاعبون -وما أكثرهم- ضاعت ملكاتهم نتيجة الأمية التي غلبت عليهم، وجعلتهم يتصرفون بحماسات دفعوا ثمنها باهظا وأثروا بصورة مباشرة على نواديهم وحتى على الفريق الوطني، فالجهل يفعل بصاحبه ما لا يصنع العدو بعدوه، فكثير من اللاعبين ضبطوا داخل‮ تربصات‮ المنتخب‮ الوطني،‮ فازوا‮ على‮ المجموعة‮ ككل،‮ وضيعوا‮ مستقبلهم‮ لأسباب‮ سخيفة‮.‬ أحد اللاعبين الذين برزوا بشكل ملفت للانتباه في الآونة الأخيرة كان ضحية مستواه التعليمي المحدود، من ذلك أنه أمضى على عقد مع فريقه، بحيث كان أحد بنود هذا العقد ينص على أنه (اللاعب) مطالب بدفع 2 مليون دج في حالة مغادرته للفريق قبل نهاية مدة عقده، وهو ما حدث فعلا، حيث غادر هذا اللاعب فريقه خلال مرحلة الميركاتو الأخيرة، ووقع لصالح فريق آخر، وهو يعتقد أن فريقه القديم لن يأخذ منه أكثر من مليوني سنتيم، لتكون مفاجأته كبيرة أن المبلغ الذي سيدفعه هو مائتي مليون سنتيم، وليس مليوني سنتيم فقط، و2 مليون دج ليست 2 مليون سنتيم،‮ فدفعها‮ على ‮"‬داير‮ المليم‮" وهو‮ يبكي‮ ويؤكد‮ أن‮ الرئيس‮ خدعه‮.‬ ومثل‮ هذه‮ المواقف‮ التي‮ تدل‮ على مستوى‮ تعليمي‮ محدود‮ موجودة‮ وبكثرة‮ في‮ عالم‮ كرة‮ القدم،‮ عالم‮ المال‮ والخدع‮ والحيل‮ التي‮ لا‮ ترحم،‮ فالقاعدة‮ أن‮ القانون‮ لا‮ يحمي‮ المغفلين‮.‬ وإلى أن يفهم اللاعب الجزائري أن الحياة معارف وثقافة وقيم إنسانية ومال أيضا، يظل العامل الأخير المتحكم كلية في ميكانيزمات العملية، ستقبى كرة القدم الجزائرية ضحية الجهل، الذي قذف بها إلى الرتبة 80 على المستوى العالمي.
ر‮. مختار
الإعلاميون‮ يتحدثون‮:‬ مستوى‮ محدود‮ ينعكس‮ على‮ لغة‮ التصريحات‮ والثقافة‮ التكتيكية
تباينت تصريحات الإعلاميين الذين استقصينا آراءهم حول تأثير المستوى التعليمي للاعب الجزائري على تعامله مع الصحافة، ففي الوقت الذي يجمع المتحدثون على محدودية المستوى يختلفون في إرجاع الظاهرة إلى دوافعها وهناك من يلتمس الأعذار للاعبين، وهناك يدق ناقوس الخطر.
تصريحات‮ اللاعبين‮ تدخلهم‮ السجن
قال ياسين معلومي، مدير أسبوعية "الشباك" إن التعامل الإعلامي مع اللاعبين الجزائريين صعب للغاية، نتيجة محدودية مستواهم التعليمي، مما ينجر عنه عدم تمكنهم من التصريح بلغة سليمة ومفهومة للصحافة، وهناك من لا يعي ما يقول ويتحدث في كل شيء، ولو يتم نشر التصريحات حرفيا‮ لكان‮ مصير‮ بعض‮ اللاعبين‮ السجن‮.‬ وأضاف معلومي أن اللاعب الجزائري يخشى من التصريح للصحافة الأجنبية، حتى أنه يتهرب من الكاميرا عندما يتعلق الأمر بمواجهة دولية يكون فيها الحديث لصحفيين لا يعرفونه، وبالتالي لا يضعون في الحسبان جهله بقواعد التصريح وبقواعد الكرة في بعض الأحيان. وأشار المتحدث إلى ضرورة الاهتمام بتثقيف اللاعبين وتحسين مستواهم الدراسي، لأن الحديث عن تبني فكرة المدارس الكروية ومعاهد التكوين تتطلب مستوى معينا للاعب إذا أراد المسؤولون النجاح لكرة القدم الجزائرية في المستقبل.
ويرى طارق آيت سلامت، صحفي بأسبوعية "كومبيتسيون"، أنه يجد صعوبة كبيرة في التعامل مع معظم لاعبي البطولة الوطنية، لأنهم لا يجيدون الحديث بالفرنسية، فيضطر إلى الترجمة على مرتين، مما يولد لديه عملا إضافيا قد لا يكون لدى الصحفي الذي يشتغل باللغة العربية.
مجتمعنا‮ يفتقد‮ ثقافة‮ الحوار
يؤكد إسماعيل مرازقة، رئيس تحرير أسبوعية الهداف، أن معظم لاعبي البطولة الوطنية محدودو المستوى التعليمي، لكن هذه الظاهرة لا تقتصر على الجزائر فقط، بل موجودة في كل البلدان، لأن كرة القدم رياضة مقترنة بالفقر، وتظهر مواهبها الفذة في الأحياء الشعبية، مثل زيدان ورونالدينو‮ والبقية‮ الذين‮ تركوا‮ بصماتهم‮ في‮ الوسط‮ الكروي‮ العالمي‮.‬ وفي الجزائر ينعكس المستوى التعليمي المتدني للاعب على كيفية تعامله مع الصحافة، لكن هذه ليست مشكلته وحده، بل مشكلة مجتمع بأكمله "لا نجيد فن الحديث والحوار في المجتمع الجزائري سواء كنا متعلمين أو "جاهلين" لذلك لا يمكن تحميل اللاعب المسؤولية لوحده ما دام ينتمي‮ إلى‮ منظومة‮ يتأثر‮ ويؤثر‮ فيها‮" يقول‮ مرازقة‮.‬
انعكاس‮ سلبي‮ على‮ الثقافة‮ التكتيكية
يرى توفيق دربال، صحفي بالقناة الأولى، أن المشكل العويص الذي يخلقه ضعف المستوى التعليمي للاعب الجزائري هو عدم توفر القابلية لتطبيق التعاليم التكتيكية التي يلقنها له المدرب قبل بداية المباريات، خاصة إذا كان المدرب أجنبيا، حيث يطرح مشكل اللغة كعائق بين المدرب‮ واللاعب،‮ بدليل‮ الفشل‮ الذريع‮ للمدربين‮ الأجانب‮ بالجزائر‮.‬ ويسير سمير لتون، رئيس القسم الرياضي ليومية الأحداث، في نفس الاتجاه "المستوى التعليمي المحدود للاعبين الجزائريين ينعكس سلبا على ثقافتهم الكروية، مما يؤثر على انتشارهم داخل الميدان، ناهيك عن الكوارث التي يصنعونها بتصريحاتهم غير المحسوبة وغير المتزنة" قال لتون‮.‬
فضيل‮ حجاج‮: "‬الاحتراف‮ يتطلب‮ مستوى‮ تعليما‮ معينا‮"
يوسف‮. ب‮
يعتبر‮ لاعب‮ المولودية‮ فضيل‮ حجاج‮ أن‮ المستوى‮ التعليمي‮ يلعب‮ دورا‮ فعالا‮ في‮ حياة‮ رياضيي‮ المستوى‮ العالي،‮ وخاصة‮ منهم‮ المحترف‮.‬ ويقول لاعب مولودية الجزائر إن هناك قواعد أساسية يجب توفرها في اللاعب بالإضافة الى الموهبة الكروية، وهي مستوى تعليمي مقبول يجعل اللاعب على قدر من الفهم اللازم للأمور التكتيكية ونصائح المدرب على أقل شيء. ويسرد‮ اللاعب‮ السابق‮ لنانت‮ قصته‮ مع‮ الاحتراف،‮ حيث‮ أكد‮ بأنه‮ حينما‮ شارك‮ في‮ دورة‮ دولية‮ بفرنسا،‮ أبدى‮ عدة‮ فرق‮ فرنسية‮ رغبتها‮ في‮ ضمها‮ الى‮ صفوفه‮.‬
وتابع‮ "‬كنت‮ أبلغ‮ من‮ العمر‮ 15‮ عاما،‮ وكنت‮ حينها‮ أزاول‮ دراساتي‮ المتوسطية،‮ في‮ الحقيقة‮ لم‮ يكن‮ لدي‮ طموح‮ في‮ الذهاب‮ بعيدا‮ في‮ دراساتي،‮ خاصة‮ وأن‮ كرة‮ القدم‮ شغلتني‮ كثيرا‮".‬ ويضيف‮ محدثنا‮ أنه‮ حينما‮ التحق‮ بفرنسا‮ وبعد‮ مساعدة‮ من‮ أحد‮ الجزائريين‮ المقيمين‮ هناك‮ (‬والد‮ اللاعب‮ بوزيد‮) التحق‮ بمركز‮ تكوين‮ نادي‮ نانت‮ الفرنسي‮.‬ ويشير حجاج الى أن مركز تكوين نادي نانت وضع نظاما دراسيا مضبوطا له ولبقية اللاعبين المتواجدين في الفريق من المحترفين، من خلال ضبط ساعات الدراسة بمعدل 4 ساعات على الأقل في اليوم بالإضافة إلى حصص تدريبية صباحية وأخرى مسائية.
ويتحدث اللاعب عن دور المستوى التعليمي في حياة اللاعب المحترف، حيث يعتبر ذلك شرطا أساسيا، حيث يلقن اللاعب كيفية الحديث، إضافة الى أمور تتعلق بالرياضيات والجانب البدني، وتصل الأمور الى دراسة الحياة الخصوصية للفرد. ويقول‮ اللاعب‮ "‬في‮ البداية‮ تعلمت‮ الحديث‮ باللغة‮ الفرنسية‮ في‮ ظرف‮ وجيز،‮ ثم‮ واصلت‮ دراساتي‮ بصورة‮ عادية‮ هناك،‮ يضاف‮ إلى‮ تلقين‮ فنون‮ مداعبة‮ الكرة‮".‬ وحسب حجاج، فإن اللاعب يلقن ثقافة عامة، وذلك قصد تسهيل تعامله مع وسائل الإعلام، وعامة الناس، إضافة الى تلقينه مفاهيم مثل "الشهرة" وكيفية التعامل مع النجومية في حال بروز اللاعب، ويقول إن الأمر يتعدى ذلك، بل يصل الى حد تحديد طريقة حياة خاصة للاعب من خلال تحديد‮ ساعات‮ النوم،‮ السهر،‮ وكيفية‮ إتباع‮ منظومة‮ غذائية‮ محددة،‮ بل‮ والأمر‮ يتعداها‮ إلى‮ تحديد‮ عدد‮ حصص‮ المعاشرة‮ الزوجية‮ للمتزوجين،‮ أو‮ نسبة‮ تناول‮ الخمور‮ دون‮ الكحول‮ للاعبين‮ آخرين.
للإشارة‮ فإن‮ حجاج‮ لعب‮ لنادي‮ نانت‮ خمس‮ سنوات‮ كاملة،‮ حيث‮ برز‮ الى‮ العلن،‮ واستدعي‮ بعدها‮ من‮ طرف‮ المدرب‮ سعدان‮ للمشاركة‮ في‮ كأس‮ إفريقيا‮ للأمم‮ بتونس،‮ قبل‮ أن‮ يلتحق‮ قبل‮ موسمين‮ بفريق‮ مولودية‮ الجزائر‮.‬ وعن تأثير الاحتراف على تصرفاته والمستوى التعليمي للاعب الجزائري، يقول حجاج "المفاهيم مقلوبة رأسا على عقب في الجزائر، وكرة القدم تعد بالنسبة للجزائري هواية ومصدر رزق، لكنها لا تخضع لمعايير علمية محددة مثلما هو الحال في أوروبا". ويشير إلى أن المستوى التعليمي للاعب الجزائري يؤثر كثيرا على تصرفات اللاعب فوق الميدان أو خلال التدريبات، أو حتى من خلال الحديث للصحفيين، حيث تحاشى الحديث عن هذا الجانب في فريقه مولودية الجزائر بغية عدم التجريح في بعض زملائه، أو إساءة تأويل حديثه.
زيادة‮ على‮ مستواهم‮ التعليمي‮ المحدود‮ : عبدوني‮ وفراجي‮ وبوفرمة‮.. ملاكمون‮ متهورون‮ في‮ الملاعب
تسلح اللاعب بمستوى تعليمي معين يجعله يقلع عن الكثير من التصرفات التي تصنف في خانة السلوكات المنحطة، حيث يعتبر ذلك بمثابة رادع له للالتزام بحد أدنى من التصرفات الطائشة، لكن السائد عندنا في الجزائر ان غالبية اللاعبين يفتقدون حتى لمستوى أدنى من التعليم، وهو ما يرشح احتمال تزايد إقدامهم على القيام بسلوكات طائشة في محيطهم دون الخوف من أي ضابط يردعهم، ولنا في ذلك الكثير من الحالات التي سنورد بعضا منها على سبيل المثال لا الحصر كحادثة اعتداء اللاعب بوفرمة على صحفي إحدى الأسبوعيات الرياضية. لكنني افضل البدء من آخر حادثة هزت الجمهور الرياضي الوطني بتاريخ 15 ديسمبر الفارط والتي كان ضحيتها رئيس شبيبة القبائل محمد شريف حناشي الذي تعرض لاعتداء سافر من حارس اولمبي العناصر فراجي، ورغم ان الرابطة الوطنية ضربت بيد من حديد وأقصت فراجي لعامين، الا ان الزجر‮ وحده‮ -‬عادة‮- لا‮ يفيد‮ كثيرا،‮ بقدر‮ ما‮ يفيد‮ تحصن‮ اللاعب‮ بضوابط‮ أخلاقية‮ وتربوية‮.‬ وعادة ما يكون المستوى التعليمي والتثقيفي للاعب محددا أساسيا في نجاحه او فشله، وهذا ما ينطبق على حارس مولودية الجزائر الحالي مروان عبدوني، فعلى الرغم من انه لا يختلف اثنان في ان عبدوني يملك من المؤهلات والمهارات ما يؤهله لأن يكون أحسن حارس جزائري، غير ان تصرفاته الطائشة في كل مرة والتي جاوزت الحدود جعلته يراوح مكانه، جراء رعونته الكبيرة والتي تجسدت الموسم الماضي لما اعتدى على الزميل في أسبوعية الكرة "الياس.ف" الذي خدعه بلكمة على الوجه تسببت له بعجز ل21 يوما حسب الطبيب الشرعي بالإضافة الى الضرر المعنوي الذي لم‮ يتخلص‮ منه‮ زميلنا‮ بسهولة‮.‬
حسين‮/‬ق
في‮ مولودية‮ الجزائر‮: قالول‮ المحامي‮ وبوقاش‮ المهندس‮ والبعض‮ لا‮ يفرق‮ بين‮..
يوسف‮.‬ب‮
يقارب المستوى التعليمي للاعب الجزائر درجة الصفر إذا ما استثنينا دخوله المدرسة الجزائرية وتدرجه فيها، بل وهناك القليل جدا من يملك ثقافة عامة تجعله يتحدث لوسائل الإعلام بطلاقة، أو حتى ثقافة رياضية يدافع من خلالها على نفسه من تهجم البعض. قد يتهمنا البعض بالقساوة على لاعب في كرة القدم، هوايته هي ضرب جلد منفوخ بقوة، لهز الشباك، وقد يقول قائل ما جدوى ان يكون اللاعب متعلما طالما ان اللعبة لا تتطلب مستوى تعليمي لممارستها بإتقان. في‮ فريق‮ يعد‮ أكثر‮ الأندية‮ الجزائرية‮ شعبية،‮ يجد‮ أي‮ لاعب‮ يتقمص‮ ألوان‮ هذا‮ الفريق‮ بين‮ عشية‮ وضحاها‮ يتصدر‮ الصفحات‮ الرياضية،‮ والآلاف‮ من‮ الأنصار‮ وراءه‮ يشيدون‮ بأدائه‮ أو‮ ينتقدونه‮.‬
لكن‮ هل‮ لاعب‮ هذا‮ الفريق‮ مؤهل‮ لمواجهة‮ هذه‮ الحشود‮ إذا‮ كان‮ مستواه‮ التعليمي‮ متدن‮ جدا،‮ وكيف‮ سيتصرف‮ مع‮ صحف‮ تتناقل‮ أخباره‮ بمحاسنها‮ ومساوئها‮.‬ يجمع‮ لاعبو‮ المولودية‮ بأن‮ المستوى‮ التعليمي‮ للاعب‮ لن‮ يحدد‮ شيئا‮ او‮ يكون‮ له‮ تأثير‮ على‮ مستوى‮ اللاعب‮ فوق‮ الميدان،‮ لكنهم‮ بالمقابل‮ فإن‮ ذلك‮ يؤثر‮ على‮ تصرفاته‮ داخل‮ وخارج‮ الملعب‮.‬ بينما يرى البعض الآخر أن المستوى التعليمي الجيد للاعب يجعله في مكان أفضل، بل ويجعله في وضع مريح في التعامل مع البقية، وربما هذا التباين في الآراء مرده إلى الفوارق الكبيرة في المستوى التعليمي بين لاعب وآخر. ويتراوح المستوى التعليمي للاعبي المولودية من مرحلة المتوسط إلى الثانوية، وصولا الى المستوى الجامعي، وربما هو من الفرق القليلة التي ضمت بين مختلف شرائح المجتمع، من لاعبي الطبقة الغنية إلى الفقيرة، ومن المتدينين إلى رواد الملاهي مثلما أبرزناه سابقا. ويضم فريق المولودية لاعبين تمكنا من مواصلة دراساتهما ونجحا في ذلك الى حد بعيد، فالمدافع سمير قالول حائز على شهادة ليسانس في الحقوق، بل و يملك شهادة المحاماة من جامعة بومرداس، ويتضح ذلك كثيرا في تصرفات اللاعب التي تتزن بالانضباط. إضافة إلى ذلك فإن اللاعب السابق لاتحاد البليدة تمكن من تسيير مشواره الكروي بطريقة ذكية، ولازال متألقا في الميادين رغم انه في العقد الثالث، وهو الذي ولج عالم الكبار في السابعة عشر من عمره، حيث كان يتقمص ألوان فريق شباب برج منايل. وفي مأدبة عشاء، أقامها سفير الجزائر بالمملكة السعودية آدمي، آثر باقي لاعبي المولودية إعطاء الكلمة لزميلهم قالول بحجة تفوقه تعليميا عن زملائه، حيث ألقى كلمة ترحيبية وشكر للسفير وممثلي الدبلوماسية الجزائرية هناك بلغة سلسة فيها من الفصاحة والبلاغة ما يؤكد تفوقه‮ لغويا‮ بالإضافة‮ الى‮ تمرسه‮ كرويا‮.‬ وفي‮ إحدى‮ المرات‮ قدم‮ مراسل‮ قناة‮ "‬تي‮ بي‮ اس‮" بالجزائر‮ احفيظ‮ فضيل‮ كي‮ يجري‮ روبورتاجا‮ عن‮ الفريق،‮ فلم‮ يجد‮ أفضل‮ من‮ اللاعب‮ سمير‮ قالول‮ ليأخذه‮ كعينة‮ للحديث‮ باسم‮ زملائه‮.‬ ويعد اللاعب الحاج بوقاش مضربا في مثل اللاعب الناجح كرويا والمتفوق تعليميا، حيث يتألق من مباراة إلى اخرى منذ قدومه الى فريق رائد القبة وهو في 17 من عمره، أين توج بعدها بحصوله على شهادة البكالوريا، ويواصل اللاعب تألقه الكروي مع مولودية الجزائر، حيث لازال يزاول‮ دراساته‮ للحصول‮ على‮ شهادة‮ مهندس‮ في‮ الأشغال‮ العمومية‮.‬ وبلغ اللاعب فيصل باجي النجومية بلمساته السحرية فوق المستطيل الأخضر، وكذلك لثقافة الكبيرة في الميدان الرياضي وخارجه، وبالرغم أن هذا النجاح لم يكلل بالحصول على شهادة البكالوريا، الا ان اللاعب فيصل باجي يعد من القلائل الذين يجيدون الحديث باللغة العربية والفرنسية،‮ إضافة‮ إلى‮ اكتسابه‮ لرصيد‮ معرفي‮ لا‮ بأس‮ به‮.‬ وفي‮ الطرف‮ الآخر‮ يعد‮ نصف‮ تعداد‮ الفريق‮ مستواه‮ التعليمي‮ ثانوي،‮ بل‮ جلهم‮ توقفت‮ دراساتهم‮ في‮ حدود‮ السنة‮ الأولى‮ ثانوي‮.‬ ويعد هذا الاختلال في الفارق التعليمي واضح في الفريق، حيث يجد الكثير حرجا في إبلاغ مدرب الفريق بعدم فهمه النصائح التي يقدمها، او عجزهم على فهم التكتيك المتبع من طرف المدريبن مثلما اكد المدرب الفرنسي نوزاري في وقت سابق. ويقول مترجم المولودية عبد القادر خليف أن بعض اللاعبين يجدون حرجا كبير في التعامل مع المدرب، بل في اغلب الأحيان لا يفهمون النصائح المقدمة لهم، ويجدون حرجا في إعلان ذلك، ويطلبون منه تقديم تفاصيل إضافية. وفيما‮ إذا‮ كان‮ ذلك‮ يتعلق‮ بالعائق‮ اللغوي،‮ يقول‮ محدثنا‮ أن‮ الأمر‮ لا‮ يقتصر‮ على‮ ذلك‮ بل‮ يتعداه‮ إلى‮ حالة‮ الشرود‮ الذهني‮ للاعب‮ وثقافته‮ المحدودة‮.‬
لا‮ عذر‮ لكم
هل يمكن أن نلوم لاعبا يصنع الفرجة في الملاعب ويكتب قصص الفرحة في قلوب الملايين من عشاق المستديرة على مستواه التعليمي المحدود؟ هل نتعصب للظروف التي أتيحت لنا وأعطتنا جواز سفر دخول الجامعات والمعاهد لنطلق الأحكام المسبقة في حق لاعبين رمتهم الأقدار في حضن الكرة‮ فأضاعوا‮ طريق‮ العلم‮ وانحرفوا‮ يجرون‮ في‮ كل‮ اتجاه‮ باحثين‮ عن‮ المجد‮.‬ على أنغام هادئة يعزفها المطر رسمت هذه الحروف، فبحثت عن الأعذار المنطقية المفروضة على لاعب كرة القدم لكي تبعده عن سبيل العلم والدراسة فوجدتها في صورة الفقر الملازم للمواهب العالمية وكأن الموهبة لا تولد إلا من رحم المعاناة، لكن هل نملك موهوبين في الجزائر؟ لا أظن أن الإجابة ب "لا" تثير الخلاف وتطرح الموضوع للنقاش. فالجزائر صارت عقيمة وشجرة ذكر لا ثمار فيها واللاعبون مجرد أرقام على اقمصة تلهث في الميادين وراء المنح الخالية لتقدم أقبح المشاهد الكروية في كل الملاعب وطنية ودولية.. ننهزم أمام الغابون والنيجر وإثيوبيا وكل الأرانب التي استأسدنا عليها في فترة ما.. الكرة ككل الرياضات تتطلب التضحية بالوقت وبكل ما هو ثمين حتى الدراسة إذا مورست وفق أبجدياتها العالمية، لكنها في الجزائر هواية رخيصة في الممارسة ومصدرا للكسب السهل المبالغ فيه حتى تكونت المعادلة الخاطئة المبينة على معلومين متناقضين أنتجا منظومة كروية عرجاء تعطينا الحق في إعلان الكفر بها والجهر بالدعوة إلى المطالبة بدخول اللاعبين الى بيت الطاعة العلمي حتى يكسبوا ما ضيعوه ماداموا غير قادرين على إسعادنا في الملاعب.
العربي‮ محمودي
ظاهرة‮ الفشل‮ الدراسي‮ للاعبين‮ عامة: سرار‮: الحل‮ في‮ مراكز‮ التكوين‮ الرياضي
اعتبر رئيس الوفاق عبد الحكيم سرار بأن توقف اللاعبين باكرا عن الدراسة ظاهرة عامة تعكس عدم قدرة اللاعبين على التوفيق بين ممارسة الرياضة ومواصلة الدراسة، وتمنى أن يتم تجاوز هذه الإشكالية مستقبلا، لأن القضية في النهاية هي إرادة وعزيمة يجب أن يتحلى بها اللاعب الذي‮ يجب‮ أن‮ يداعب‮ الكتب‮ والبحوث‮ مثل‮ ما‮ يداعب‮ الكرة‮ في‮ الميدان‮.‬ وأكد سرار في سياق متصل بأن المركز الرياضي لتكوين عناصر الوفاق يسير في اتجاه معالجة هذه المعضلة بدليل أن الأشبال الذين يتكونون فيه نجحوا لحد الآن في النجاح في الدراسة وكذا في الملاعب، لأن الإدارة وضعت لهم برنامجا منظما ودقيقا يمنح لكل مجال وقته اللازم والأولوية طبعا للدراسة وكذا الرياضة، ويضيف سرار، الحمد لله كل العناصر التي تتدرب الآن وتنتمي لمركز التكوين الرياضي كلها ناجحة في مشوارها الدراسي والطاقم المسير للمركز يعي هذا الأمر جيدا ويعمل على أن تلقى الدراسة العناية والاهتمام اللازمين من طرف اللاعبين، لأن النجاح‮ هو‮ لهم‮ أولا‮ قبل‮ أن‮ يكون‮ نجاحا‮ للفريق‮.‬
نصر‮ الدين‮ معمري
الحاج‮ عيسى كان‮ يضع‮ حذاءه‮ الرياضي‮ في‮ المحفظة ودفنون‮ الاستثناء‮ الوحيد‮ بشهادة‮ مهندس
نصر‮ الدين‮ معمري
يقع الإجماع على أن المستوى التعليم للاعبي كرة القدم متوسط إلى ضيعف كقاعدة عامة، حيث بقدر ما تفوق بعض "اللعابة" في المستطيل الأخضر بقدر ما فشلوا في الدراسة التي يشترك معظم اللاعبين في مغادرة مقاعدها باكرا، الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلت عن خلفية عدم تفوق‮ عناصر‮ الفرق‮ في‮ الدراسة،‮ وهل‮ الكرة‮ "‬مانع‮" حقيقي‮ لمواصلة‮ الدراسة‮ بنجاح‮ أو‮ على الأقل‮ الانتظام‮ في‮ متابعتها‮.‬ وبين‮ أيدينا‮ الآن‮ عرض‮ سريع‮ للوضعية‮ التعليمية‮ لعناصر‮ الوفاق‮ كنموذح‮ مادام‮ الفريق‮ يحتل‮ ريادة‮ الترتيب‮ وخاض‮ لحد‮ الآن‮ منافسة‮ عربية‮ مشرفة‮.‬ فالكحلة لم تشذ عن القاعدة العامة لبقية الفرق الجزائرية التي يتراوح المعدل الدراسي لعناصرها بين "السيزيام" و"النافيام" وفي أحسن الأحوال "التارمينال" وماعدا هذا "المثلث" لم يفلت إلا القليل من اللاعبين لتجاوز عتبة البكالوريا والولوج للجامعة، وقد حفل الوفاق سابقا بعدة أسماء للاعبين واصلوا دراستهم الجامعية مثل بلهامل، عشاشة، بن دريس، خير الدين ماضوي، بل بلغ الأمر بمنير ماضوي إلى الذهاب بعيدا في دراسته رغم تعقيد التخصص الذي اختاره وهو "الطب" الذي يعني 07 سنوات متتالية للحصول على شهادة طبيب عام دون الحديث عن التخصص‮.‬ وفي التشكيلة الحالية للوفاق السطايفي نجد بأن الشاب حمزة دمبري مازال في مقاعد الدراسة وهو الآن وجها لوجه مع "شهادة البكالوريا" التي سيجتازها هذا الصيف، باستثناء دفنون الذي أكمل دراسته الجامعية ونال "شهادة مهندس" فإن البقية كلهم خلف الثانوي والمتوسط، وحتى النجم‮ الحاج‮ عيسى توقف‮ عن‮ الدراسة‮ في‮ الثانية‮ ثانوي‮ حينما‮ عجز‮ عن‮ التأقلم‮ والتوفيق‮ بين‮ الفريق‮ والثانوية‮ وطبعا‮ مال‮ نحو‮ عالم‮ الكرة‮ وبلغ‮ به‮ الأمر‮ اصطحاب‮ حذائه‮ الرياضي‮ داخل‮ المحفظة‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.