تستعد لجنة وزارية مختلطة، أنشئت قبل نحو سنتين، لصياغة المسودة النهائية لمشروع قانون جديد لمكافحة الجريمة الالكترونية أو ما يعرف بجرائم الأنترنت، التي تشمل خاصة التهديد والابتزاز والتشهير بالآخرين في مواقع الانترنت وإنشاء وارتياد المواقع الإرهابية، والتزوير والسطو على المعطيات المحمية.. في الوقت الذي يفتتح غدا في الجزائر ملتقى دولي أول حول الظاهرة، ترعاه وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وينشطه عدد من الخبراء الجزائريين في الجامعات الأجنبية، لكن تغيب عنه جمعية مموّني خدمات الانترنت. قال نوار حرز الله، مدير مؤسسة "إيباد"، لخدمات الأنترنت وأحد منظمي الملتقى، أن مشروع القانون الجديد لمكافحة جرائم الأنترنت "سيظهر في المستقبل القريب"، وهو ثمرة عمل قارب السنتين للجنة تضم ممثلين عن وزارات الداخلية والعدل والبريد وجهازي الشرطة والدرك الوطني. ولا يعرف إن كان عمل اللجنة يحمل الصيغة النهائية للقانون الذي سترفعه وزارة العدل الى الأمانة العامة للحكومة أم ستدخل عليه تعديلات أخرى، لكن وبحسب ما تسرب من اجتماعات اللجنة، يسعى مشروع القانون الجديد للإحاطة بكل أشكال جرائم الانترنيت، ويقسمها إلى خمسة أقسام رئيسية، وهي جرائم الاختراقات. ويدخل ضمنها تخريب واختراق المواقع وأجهزة الكومبيوتر والمراسلات والمعطيات والبيانات الالكترونية المحمية والسرية الرسمية أو الشخصية وكذا إرسال الفيروسات، جرائم الأموال مثل السطو على أرقام البطاقات الائتمانية والتشفير الخاصة بالحسابات البنكية والتزوير، جرائم إنشاء أو ارتياد مواقع الدعاية للجماعات والأعمال الإرهابية والإجرامية، ويدخل ضمنها المواقع التي تشجع دعارة الأطفال، جرائم الابتزاز والتهديد بمختلف أنواعه عن طريق مراسلات الكترونية، وأخيرا جرائم قرصنة البرامج والأنظمة والتصميمات المختلفة التي ترتبط بالتعدي على حقوق الملكية الفكرية. واقترح الأعضاء جملة من العقوبات الردعية في حق المتهمين تتوزع على الغرامة المالية التي تزيد بحجم الضرر المسجل والسجن الذي يمكن أن يصل إلى المؤبد، أو بهما معا، مع مصادرة كل الأدوات والوسائل التي استعملت في الجريمة. وطرح من جهتهم، ممثلو مصالح الأمن الصعوبات التي يواجهونها في تحديد الطبيعة القانونية للجريمة الالكترونية وجمع كل الأدلة التي تساعد على تحديد مرتكبيها، وترصد مصالح الأمن في العادة مجموعة من العقبات تحول دون التعرف على هوية الجاني، فهو لا يترك أثرًا لجريمته، وإن وجد فقد لا تدل عليه إضافة إلى اتساع شريحة الجناة لتشمل الأطفال القصر من مستخدمي الإنترنت، إضافة إلى طابع الجريمة الالكترونية العابرة للحدود، وما ينتج عن ذلك من تقدير قانوني مختلف من دولة لأخرى، حول وصف الجريمة. ويطرح محققو الأمن، عوائق "جوهرية" متعلقة بالحالة الجزائرية تحول دون تتبع آثار ومنبع المراسلات والمواقع والعناوين الالكترونية التي تدخل في إطار الجريمة، ويوزعون المسؤولية في ذلك على ثلاث جهات: الفوضى التي تطبع عمل مقاهي الأنترنت، إحجام مؤسسات توزيع خدمات الأنترنت (البروفايدر) عن أرشفة المراسلات الالكترونية لاستغلالها عند الحاجة، وأخيرا غياب إطار قانوني "وقائي" يعالج هذه "الفوضى" برغم إدخال تعديل ذي طابع ردعي على قانون العقوبات، وصفه المتحدث بأنه غير كاف. لكن متعاملي وخبراء القطاع ومنهم رئيس جمعية الممونين (البروفايدر) يتفقون مع مصالح الأمن، فيما يتعلق بغياب الإطار القانوني لتحديد المسؤوليات، لكنهم كما يضيف قرار البروفايدر "لا يمكنهم أن يؤدوا مهام أجهزة الأمن دون غطاء قانوني واضح وملزم للجميع". وقبل أسابيع، كشف ضابط سام في مديرية الشرطة القضائية بالأمن الوطني، مصطفاوي عبد القادر، أن التحقيقات الأمنية أثبتت أن أبرز المواقع ومنتديات الدردشة الإرهابية الجزائرية على الأنترنت ومنها موقع تنظيم القاعدة تتمركز لدى شركات إيواء مقيمة في أوروبا الشرقية، وأن الجزائر راسلت رسميا الدول التي توجد فيها شركات تأوي هذه المواقع. لكن الجواب كان يأتي في الغالب بأن مؤسسات الإيواء غير مسؤولة قانونا عن محتوى المواقع الالكترونية المذكورة، وقد عمدت مصالح العقيد تونسي الى تشكيل نواة بحث وتحليل في جرائم المعلوماتية على مستوى المخبر المركزي للشرطة العلمية. عبد النور بوخمخم