العربي زواق لا شك أن كل من قرأ خبر تهديد المركزية النقابية، بتحريك فروعها النقابية لشل كل قطاعات الوظيف العمومي في حال إصرار المدير العام لهذا "الوظيف العمومي"، على رفض إشراك فدراليات نقابة سيدي السعيد في إعداد مشاريع القوانين محل النزاع، يكون قد أصيب بالدوران، وذلك لأن ما ترسب في ذهنية جميع الجزائريين عن هذه النقابة أنها مؤهلة وقادرة على القيام بأي شيء، إلا إمكانية اللجوء إلى الإضراب، فكيف غاب هذا الأمر عن سيدي السعيد. المؤكد أن زعيم المركزية النقابية يعرف جيدا، أن تنظيمه النقابي مجرد أداة أو جهاز من أجهزة السلطة يتحرك عند الحاجة للمساندة والدعم، مثله مثل تشكيلات بلخادم وأويحيى وأبوجرة، ولا نعتقد أنه يجهل بأن الإضرابات التي سبق وشنتها المركزية النقابية، تمت لسبب واحد ووحيد، وهو أن السلطة كانت في حاجة إلى إضراب على المقاس لتمرير مشاريع أو لتحويل اتجاهات أو للهروب من اختناقات، أو للتعتيم على واقع معين لم يكن بالإمكان القفز عليه وتجاوزه إلا بحركة من تلك التي كان يقدم عليها سيدي السعيد، لكن واقع هذه الأيام تغير إلى المستوى الذي لم تعد فيه السلطة في حاجة إلى الإضرابات، كأداة لعلاج ما يستعصي عليها معالجته، إن الإضرابات أصبحت من الماضي ولن تحتاجها السلطة لا اليوم ولا غد، وهذه حقيقة يعيها سيدي السعيد جيدا، فلماذا كل هذا الهف، واحتمال لجوء المركزية النقابية للإضراب غير وارد بالمطلق. المعروف عن النقابات في كل التجارب وفي كل بلدان العالم، أنها تساند كل الحركات العمالية الاحتجاجية بغض النظر عن طبيعتها والواقفين وراءها، خاصة إذا كان دافع هذه الاحتجاجات هو المطالبة برفع الأجور، أو تحسين الواقع المادي للمضربين، كما كان حال مطالب النقابات التي قادت إضرابات السنوات الأخيرة في الجزائر، لكن الذي حصل عندنا في الجزائر، أن المركزية النقابية وقفت وفي أكثر من مناسبة، ضد إضرابات عمالية وقطاعية مختلفة شنها جزائريون، تلبية لدعوات دعت إليها النقابات الجديدة التي أفرزتها مرحلة التعددية، وهو سلوك شاذ وغريب لا يمكن تصور حدوثه إلا في بلد كالجزائر، لكن مع ذلك فهو طبيعي، لأن نقابة سيدي السعيد لم تعد نقابة بعد أن ربطت نفسها بمشاريع سياسية، فأصبحت كالحزب السياسي المرتبط بالسلطة الحاكمة، فهل هناك من يصدق أن سيدي السعيد سيدعو لشن إضراب شامل بعد المهلة التي حددها المدير العام للوظيف العمومي؟... لا داعي لانتظار الإجابة، لأنها معروفة مسبقا.