انتقد الشيخ عبد الفتاح حمداش، رئيس حزب الصحوة السلفي غير المعتمد، إدانة شخصيات ومسؤولين لتصريحاته عندما طالب بإعدام كمال داود إثر تعديه على الذات الإلهية وسبه للجزائريين، مشيرا إلى أن ما صرح به الرجلان للصحافة الوطنية والدولية لا يليق بوزراء في الدولة، متسائلا عن صمت الهيئات العليا في البلاد عن مطالبة كمال داود بإعدام الرئيس بوتفليقة، حيث اعتبروه مجرد رأي، في حين أثاروا الدنيا ولم يقعدوها، لأنه طالب بإعدام من شتمهم وشتم دينهم وهويتهم، مؤكدا وجود لوبي فرنسي أوروبي يضغط على الجزائر لتبديل خارطة الهوية الوطنية باسم حرية التعبير، كما تحدث الشيخ حمداش، الذي استفاد من إجراء المصالحة الوطنية في حوار مع "الشروق" حقائق مثيرة عن مسيرته الشخصية، وكيف انه ذهب إلى العراق للجهاد، حيث تدرب على يد عراقيين، دخوله إلى السجن ومحاولة الدولة الجزائرية كسبه في صفها، وحقائق أخرى تقرأونها في الحلقات القادمة. نستهل حديثنا، من الضجة التي أثيرت حول إهدارك دم الكاتب كمال داود، أين وصلت الحكاية؟ الصحافة الفرنسية هي التي أثارت هذه القضية، فأنا لم أهدر دمه، ولكنني قلت بصريح العبارة في بيان اتبناه بالحرف والكلمة والجملة، وهو متوفر لدى مصالح الأمن والقضاء، طالبت السلطات الجزائرية فيه بإعدامه كمواطن جزائري، وإذا حدث وأن عاقبه النظام بالإعدام ف"اللهم بارك"، وإذا لم يتم ذلك، فسأسير وفق خطة تفعيل المادة الجزائية 145 التي تنص على معاقبة كل من يسب الدين أو الله أو الثوابت بالسجن ودفع غرامة مالية، نحن اليوم نريد إيقاف هذا الاعتداء على الله عز وجل، نعيش في بلد إسلامي، مجتمع إسلامي وشعب مسلم بأغلبية كاسحة، فلماذا تأتي وتشتمنا؟ تقول أنك تكتب في فرنسا، لماذا لا تسب بابا الفاتيكان، ستطرد حتما، لماذا لا تسب النبي عيسى، ونحن لا ندعو لذلك، ولكن أتحدث بمنطق كمال داود، إذا تجرأت على سب النبي عيسى في أوروبا، سترى كيف ستثور ضدك كل أوروبا، اشتم الإنجيل كما شتمت القرآن، ونحن لا ندعو لشتم الإنجيل، فأول نصراني يكون جالسا أمامك سيقذفك بحذائه، فلماذا تأتي إلى الجزائر وتهيننا أمام القنوات الأجنبية وتصف الجزائريين ب"الدود"، أنت تشتم أهلك وذاتك، وتتبرأ من أصالتك، فاليوم أطل علينا كاتب، وغدا سيطل علينا ممثل سينمائي، وبعد غد مغن، وبهذه الطريقة سنفتح الباب لشرخ الهوية الجزائرية، ونحن نريد إغلاق هذا الباب، فلو نستصدر من القضاء أو من النظام الجزائري تعظيما للمادة 145 التي تنص على عدم المساس بالذات الإلهية المقدسة فقد حققنا مكسبا، أعدموه أو لم يعدموه، وزد على هذا، فأنا لم أقل شيئا من تلقاء نفسي، بل حكمت بما يرضي الله وحكم الرسول الكريم والخلفاء الراشدين، والمذاهب الدينية، الجزائر تنتهج مرجعية الإمام مالك، ما حكم مرجعية الإمام مالك في سب الله والتطاول عليه والقدح في القرآن وازدراء الثوابت؟ الإمام مالك يقول "أنه من سب الله أو القرآن واعتدى على المسلمين فهو مرتد زنديق"، وفي مذهب مالك حكمه القتل في القضاء الإسلامي، أنا لست حريصا على إهدار دمه، بودي أن يرجع كمال داود إلى ذاته وإلى دينه وبلده، لو أنه يقول زلة قلم أو أنه عثر ولم يتمكن من التعبير أو أن ذلك كان سوء تعبير منه فهذا مقبول، ولكن كتبه وتسجيلاته تبين أن هذا الإنسان يحمل فكرا، ويفعل ذلك عن قناعة ومن ورائه لوبي فرنسي قوي، 150 موقع منهم مواقع صهيونية تسانده، وأسموه "المتمرد"، متمرد ضد من؟ أنت متمرد على الله، على دينك، على قومك وأصالتك، تمرد على الباطل وتتحدث عن السلبيات الموجودة في الجزائر، ونحن كل أسبوع نقوم بحملات ضد مختلف الآفات الاجتماعية التي عششت في مجتمعنا، ضد السحر والشعوذة والدجل، وفي كل مرة نبرمج موضوعا ما، ولكن أن تأتي وتسب الله وتقول أنا حر، فلن نقبل بهذا، لأن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، كيف إذا كان الأمر يتعلق بحرية 40 مليون مسلم.
دعوتك النظام الجزائري لإعدام كمال داود عرضتك لانتقادات لاذعة وردت شخصيات رسمية عليك بقسوة، ما هي قراءتك لرد كل هؤلاء؟ وزير الشؤون الدينية من المفروض أن ينتصر للدين وان يدافع عنه"، فأنا شخصيا لم يمسسني كمال داود في شيء، وحتى لو بقي يشتمني صباح مساء ما تحدثت إليه، ولكن لا أرضى أن يشتم ربي وديني وهويتي ويقول -وزير الشؤون الدينية- أن كمال داود صديقه ويعرفه كمثقف، فأي علاقة تجمع وزير دولة برجل يسب الله، إذا لم تدافع عن ثوابت هذه الأمة، عن ماذا تدافع، وكوزير كان عليك أن تتخندق في وزارة الشؤون الدينية ضد ما يتعرض له الدين ولترد الباطل لا أن تتهجم علي، أنا أتمسك بكلامي، رغم أن التصريح إلى حد الساعة صدر بإدانة قول ولم يصدر من طرف جهاز رسمي.
لكن الوزير يعتبر جهة رسمية، أليس كذلك؟ هذا صحيح، هم ألسنة للنظام، أنا أقول أن هذه تصريحات خطيرة منهم، اليوم الهوية الجزائرية في خطر، وأقول كذلك أنه يوجد لوبي قوي يضغط على النظام الجزائري لتبديل العقلية الجزائرية.
بمعنى؟ يوجد لوبي فرنسي بالتأكيد يضغط، لأن له كلمة في الجزائر، لاحترام ما يسمى "حرية التعبير"، "حرية الشواذ" والفساد، اليوم أصبحنا نرى أشياء لم تكن موجودة في المجتمع الجزائري، كانت موجودة كمعاص وذنوب، ولكنها لم تكن موجودة كتشريع، الآن توجد محاولات من الشذوذ للمطالبة بحقهم بأن يتزوج الرجل من الرجل وهذا أمر خطير، التطاول على الله في فيلم جزائري، ثم حادثة كمال داود، وهذا ما يجعلنا نفهم أنه يوجد ضغط فرنسي وأوربي لإرغام الجزائر على تبديل خارطة الهوية الجزائرية باسم حرية التعبير واحترام الآخر، ولهذا فأجيالنا اليوم في خطر، بعد أن يصبح سب الذات الإلهية نوعا من حرية التعبير، فهذا خلط للذهنية الجزائرية، يريدون كسر غيرتنا على ديننا، وأمر آخر أريد الإشارة إليه، تعجبت كثيرا لأمر أئمة الجزائر، وكأن هذا الرجل سب رب حمداش لوحده، أشعر بالدوار كلما فكرت في الأمر. قامت مظاهرات في وهران نصرة لكمال داود، ألا تعتقد أنه يحظى بدعم واسع في الجزائر؟ نعم، توجد جهات كثيرة تدعمه، وللأسف حتى بعض الجهات الإعلامية متورطة في ذلك، ولكن فعل كمال داود: "صدم الجزائريين"، وقد تلمست ذلك بصدق عندما التقي المواطنين في المسجد أو في الشارع، حيث أنهم يباركون ردي على كمال داود، كما تلمست سخطا شعبيا كبيرا على هذا الرجل لدرجة أن منهم من قال لي "إذا لم يكن هذا الرجل مسلما فليذهب للعيش في إسرائيل"، وإذا كنت على ضلال فأطالب القنوات الإعلامية المعروفة بوضع سبر للآراء، ومن جهة أخرى أعتقد أن كمال داود يتمتع بذكاء شيطاني، لأنه يحاول إيهام الرأي العام بأن القضية بيني وبينه فقط، وأنا أقول له "أن مشكلته اليوم هي بينه وبين الشعب".
هذا ما يفسر لجوءه لرفع دعوى قضائية ضدك؟ هذا صحيح، هو حرك دعوى قضائية ضدي، وفعلت نفس الشيء، والقضية الآن هي بين يدي القضاء، وسنرى أي منحى ستأخذه، هو مدان، لأنه تهجم على أمة، وعلى ثوابت هذه الأمة، بل تطاول حتى على رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وطالب بإعدامه، الأمر غريب، عندما يوجه هو دعوة صريحة لقتل الرئيس بوتفليقة يعتبر الأمر عاديا، واثاروا الدنيا وأقعدوها عندما طالبت النظام بإعدامه رغم أنني لم اقل أنني سأعدمك، وأنا لا أرضى أن ألطخ يدي بدمك ولو رأيتك لأدرت وجهي، لأنني لا أرضى أن أرى كما يقول الإمام احمد بن حنبل رجلا عدوا لله، وندائي لم يكن للشعب، بل كان لسلطة قائمة بحد ذاتها.
كثيرون من أصبحوا يهمزون ويلمزون بماضيك، ومنهم من قال بأنك كنت ترقص في الملاهي، واليوم أصبحت تدافع عن الدين باسم 40 مليون جزائري، هل هذا صحيح؟ ولدت سنة 2 جويلية 1967 بالأبيار، نشأت من أبوين مسلمين ومن أسرة محافظة، تربيت في المسجد على أيادي شيوخ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، على غرار الشيخ أحمد والشيخ جبروني، وهم من تلامذة الشيخ عبد الحميد بن باديس، أصلي منذ صغري، وحفظت القرآن في المسجد، درست في مدرسة القدس الشريف لمدة ثماني سنوات، ثم انتقلت إلى متوسطة مناني "ميسوني سابقا"، وكنت محافظا في تلك الفترة على الصلاة، كما أن جدي كان إمام مسجد، تربيت في حضنه على سماع قصص الأنبياء، وغرس فيّ حب الدين والثقافة الدينية، ووالدي أعطاني الأصول، وكان مجاهدا ممن حكمت عليهم السلطات الاستعمارية بالإعدام، بعد ان أحرقته ب"الشاليمو" إلى أن خرج من السجن بعد اتفاقيات "افيان" في مارس 1962، نفخت في عائلتي حب الإسلام والوطن والجهاد، على خلاف ما تصفني به بعض الجهات على أنني كنت "رقاصا"، لا لم أكن "راقصا"، كما أن بعضهم ذهبوا إلى القول بأنني كنت أمتهن الرقص في "الكباريهات"، أقسم بربي الكريم أنني أجهل هذا النوع من الأماكن، الآن السؤال المطروح: من هو الجزائري الذي لم يرقص يوما، سواء كان ذلك في حفل زفاف، في حفل ختان او في الملعب عند فوز الفريق الذي يناصره، وعندما انتقلت إلى ثانوية المقراني وكان عمري عندها 15 سنة، ضعفت من ناحية الوازع الديني لعدة اعتبارات، من بينها سيطرة التيار الفرانكفوني على المؤسسة، بالإضافة إلى الحملة التي كانت تشن في الثمانينات ضد الإخوة في المساجد، أين توقفت الحلقات، وحدثت في ذلك الوقت قضية "بويعلي" إن كنت تذكرين، وبسبب تلك الحملة أصبحت عائلتي تخاف علي وأصبحت لا أذهب إلى المسجد بشكل دائم، وشيئا فشيئا نقص وازعي الديني، وانبهرت بعض الشيء في تلك المرحلة بالثقافة الفرانكفونية، وهناك رقصت كما رقص كل الجزائريين في الأعراس، ولكنني لم أكن يوما راقصا يمتهن الرقص في "الكباريهات"، فهذا غير صحيح، وأحب أن أشير إلى أن هذه "الإشاعة" أطلقت عندما قدمت ملف اعتماد حزب جبهة الصحوة الحرة، ثم رفض طلبي، وكان ذلك قبل سنتين، اعود إلى حديثي، وبعد سنوات الدراسة الثانوية التزمت التزاما صارما. ما سبب توبتك التي تصفها بالنصوح؟ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام عدة مرات فرجعت إلى الله رجعة صادقة، وأعتقد أنه كان توجيها ربانيا، أراد الله عز وجل أن يقول لي أن الطريق التي كنت عليها ليست طريقك، ولكنني أحب أن أشير إلى أنني لم أشرب الخمر في حياتي، ولم أسب الله في حياتي كذلك، ولم آت فاحشة، الحمد لله رب العالمين والله على ما أقول شهيد، اذهبي إلى حيث أسكن واسألي عني، مارست "الكاراتي" منذ 11 سنة، وأملك الحزام الأسود، ولكنني لم أرفع يدي يوما في وجه شخص، لم أحرق مؤسسة ولم أقتل إنسانا والحمد لله، ولم حرق مؤسسة، انا مسالم بطبعي، ولكن ديني جعلني قوي في المسائل التي تحتاج إلى قوة الموقف، التزمت منذ 20 سنة التزاما صادقا، لا اتأخر عن أداء صلاتي في المسجد، كنت أملك ثقافة دينية اكتسبتها من خلال عائلتي ومن خلال مطالعتي للكتب.
لكن اسمك ارتبط بالتزامك مع فترة ما يعرف ب"العشرية السوداء"؟ لا.. لا، التزامي كان منذ سنة 1986 وعندما بدأت ّأحداث اكتوبر في الجزائر كنت أمارس الدعوة وأنصح وأرشد الشباب في المساجد لترك الخمر والمحرمات.
يعني انخرطت في المجال الدعوي؟ هذا صحيح، عكس ما قاله وزير الشؤون الدينية بخصوص أنني "لست خريج المساجد"، ولكنني أقول له أنني تربيت في المساجد، ومنذ سنة 1989 كنت أدرس في المساجد، كما درّست في غالبية مساجد العاصمة، اشرح كتاب الله عز وجل والفقه، وأشرح كتبا في الأخلاق، هي المرحلة التي صادفت بداية فترة التعددية الحزبية في ذلك الوقت في الجزائر.