من أكثر الأسئلة الملحة المطروحة حول القمة الإفريقية العادية، المقرّرة ابتداء من اليوم بشرم الشيخ المصرية، هي: لماذا اختيار هذا المكان المترف بالذات للقاء أكثر من 50 رئيس دولة وحكومة إفريقية من أجل مناقشة قضايا الفقر والأوضاع الصحية والغذائية والأمنية والسياسية المزرية في القارة الإفريقية؟! * وإذا كان كثير من الملاحظين قد أقر بأن شرم الشيخ السياحية المرتادة بنسبة 70 من اليهود الأثرياء وعناصر الموساد، قد بدأت تتحول إلى مقر دائم لانعقاد القمم العربية، لتكون هذه القمم تحت المراقبة الإسرائيلية المباشرة والتأثير الصهيوني المباشر، فإن اختيارها لقمة الاتحاد الإفريقي ليس له ما يبرّره على الإطلاق، بل إنه يعتبر متناقضا تناقضا صارخا مع أوضاع إفريقيا وحتى مع جدول الأعمال المطروح على هذه القمة والذي يتضمن خاصة الأزمة الغذائية التي تتخبط فيها إفريقيا والفقر، والمجاعة التي تودي بحياة عشرات الملايين من الأفارقة سنويا، لكن سيتفادى حتما المهازل السياسية التي تعيشها إفريقيا في أركانها الأربعة وآخرها مهزلة الانتخابات على الطريقة الإفريقية البدائية في زيمبابوي، وهذا لا لشيء، سوى لأن تصريح القمة الإفريقية في الجزائر سنة 2000 حول أسلوب الحكم الإفريقي منع الوصول إلى السلطة باستعمال القوة والعنف والانقلاب، لكنه لم يمنع الوصول إليها بالانتخابات المزورة والدسائس السياسية والجرائم السرية، كما لم يمنع الأنظمة الإفريقية القائمة حاليا والتي وصلت في أغلبها بواسطة الانقلابات الدامية من البقاء في السلطة باستعمال نفس الوسائل والأساليب. * وعلى نفس القياس، سوف لن تجرؤ هذه القمة على تناول ما يجري في دارفور والصومال وشمال مالي والنيجر من قلاقل وأحداث سياسية تهدّد كيان ووحدة البلدان المعنية.. وإن تناولته، فلن تتناوله بالجدية المطلوبة، لأن ليس من صلاحيات القادة الأفارقة ولا في حدود إمكاناتهم المتواضعة المقتصرة على حماية سلطانهم ومناصبهم ومصالحهم الضيقة، بل هي من صلاحية زعماء واشنطن ولندن وباريس. * ولهذا، لا يمكن أن تكون قمة شرم الشيخ أكثر من إقامة سياحية مترفة وباهظة الثمن، تُدفع تكاليفها مرة أخرى، من دم الشعوب الإفريقية.