تعد المجلة الأسبوعية "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة، رمز الصحافة المتمردة التي تمت تصفية إدارتها الاربعاء خلال هجوم دام، هدفا في السنوات الأخيرة لتهديدات وحريق إجرامي بعد نشرها رسوما مسيئة للإسلام. وتأسست الصحيفة عام 1970 بهدف التعبير عن الرأي الساخر أحيانا المتهجم على المسؤولين والنجوم والأديان. وعلى الرغم من مواجهتها مصاعب مالية أدت إلى توقفها عن النشر لأكثر من مرة، فإن المجلة تعد من المنابر الصحافية الفرنسية التي تتحدى السلطات المسؤولة بين حين وآخر. ولكن اشتهرت المجلة في السنوات الأخيرة خارج المحيط الفرنسي عندما قررت في فبراير 2006 أن تعيد نشر 12 رسما مسيئا للإسلام كانت نشرتها صحيفة "ييلاندس بوستن" الدنماركية، وذلك تحت شعار حرية التعبير. وتلقت المجلة تهديدات حينها، بينما أثارت تلك الرسوم المسيئة مظاهرات حول العالم، وأصبحت "شارلي إيبدو"، مثل "ييلاندس بوستن"، منذ ذلك التاريخ هدفا لتهديدات متكررة من مجموعات متطرفة. وكانت الصحيفة الأم ل"شارلي إيبدو"، "هارا كيري" التي أسسها الكاتب فرنسوا كافانا والفنان الساخر جورج بيرنيي الملقب "الأستاذ شورون"، صدمت الفرنسيين عام 1970 بصفحة أولى ساخرة حول وفاة شارل ديغول، مما أدى إلى حظرها مؤقتا. وعادت الصحيفة للصدور تحت عنوان "شارلي إيبدو". واعتادت الصحيفة رفع القضايا ضدها واضطرت للتوقف عن الصدور بين عامي 1981 و1992. ويذكر أن المجلة مهددة بالإفلاس وتعاني عجزا، وتبيع نحو 30 ألف نسخة، وأطلقت في الآونة الأخيرة نداء لجمع تبرعات حتى لا تضطر للتوقف عن الصدور. وقال ريشار مالكا، محامي الصحيفة، أمس، ل"إذاعة فرنسا الدولية": "هناك تهديدات دائمة منذ نشر الرسوم" المسيئة للإسلام، مضيفا: "منذ 8 سنوات ونحن نعيش تحت التهديد، ورغم الحماية، فإنه لا يمكن القيام بشيء ضد همج مسلحين بكلاشنيكوف". وتابع: "إنها مجلة لا تفعل ببساطة سوى الدفاع عن حرية التعبير والحرية بكل بساطة وحريتنا جميعا. ودفع صحافيون ورسامون بسطاء اليوم ثمنا غاليا لذلك". وكان القضاء الفرنسي برأ في 2008 المجلة من تهمة "الإساءة للمسلمين"، معتبرا أن الرسوم المثيرة للجدل استهدفت "بوضوح قسما" هم الإرهابيون و"ليس المسلمين جميعهم". وفي نوفمبر 2011 ورغم التهديدات، فإن المجلة أصرت على موقفها، وأصدرت عددا خاصا تحت عنوان "شريعة إيبدو" مع رسم أيضا مسيء للإسلام جذلا في الصفحة الأولى. وبيع من العدد 400 ألف نسخة. ويوم نشر هذا العدد تعرض مقر المجلة لحريق مفتعل. وتحدثت الحكومة حينها عن "اعتداء"، وأشارت بأصابع الاتهام إلى "مسلمين متطرفين". ووضع منذ ذلك التاريخ مدير المجلة والرسام ستيفان شاربونييه، 48 عاما، المكنى "شارب" والمهدد بالقتل، تحت الحماية الأمنية، ليقتل أمس بين الضحايا ال12. كما تعرض موقع المجلة على الإنترنت لعدة عمليات قرصنة في السابق. وفي 2012 أثارت رسوم جديدة نشرتها المجلة انتقادات شديدة من مسلمين حول العالم، كما نشرت رسومات مسيئة في السابق للبابا بنديكتوس السادس عشر، بابا الفاتيكان السابق، وللمتطرفين اليهود.