استغرب الدكتور مصطفى بيطام، مدير متحف المجاهد خرجة الرئيس السابق لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية "الأرسيدي"، وأكد أن الشعب الجزائري ذو مستوى ووعي ويستطيع فهم تصريحاته، وهذه الخرجة هي محاولة منه لتعويض الفشل الذي تعرض له في المجال السياسي. أجمع المشاركون في ندوة الشروق حول التصريحات التي أطلقها سعيد سعدي الأسبوع الماضي حول أهم رموز الحركة الوطنية وثورة التحرير، على أن ما قاله يعد انحرافا كبيرا، لأنه تكلم في قضايا كبيرة دون أن يكون أهلا للحديث فيها، مؤكدين أن الإرث التاريخي متروك للمؤرخين ليتكلموا فيه ولا يمكن للسياسيين أن يطلقوا مثل تلك الأحكام التي أطلقها سعيد سعدي ضد كل من ميصالي الحاج وأحمد بن بلة وعلي كافي.
الدكتور جمال يحياوي: تصريحات سعدي "شطحات سياسية" لسياسي فاشل يرى الدكتور جمال يحياوي، مدير المركز الوطني للبحث في الحركة الوطنية وثورة التحرير، أن ما صدر عن زعيم حزب "الأرسيدي" السابق، سعيدي سعدي من إساءة لرموز الثورة ما إلا هو مجرد "شطحات سياسية"، يهدف من خلالها لتحقيق أهداف بعيدة عن الحقيقة التاريخية، مشيرا إلى أنه لا يجب إعطاء هذه التصريحات "أهمية"، لأنها ليست صادرة عن شخص مؤهل للحديث عن الحقيقة التاريخية. وأضاف ضيف منتدى "الشروق"، في سياق متصل: "تصريحات سعيد سعدي، هي تصريحات عشوائية لا تمت بأية صلة للحقيقة التاريخية، وهي مجرد شطحات سياسية يراد من ورائها تحقيق أهداف أخرى بعيدة كل البعد عن خدمة الحقيقة التاريخية"، مشيرا إلى أن: "للحقيقة التاريخية أهلها ومستقبليها ممن يحتاجون إلى معرفتها من خلال الكتب والشهادات المسجلة وغيرها من الوسائط". وتساءل جمال يحياوي في سياق متصل، عن خلفية إطلاق سعيد سعدي لمثل هذه "التفاهات" في هذا الوقت بالذات واستغلالها سياسيا على حد سواء، حيث: "هناك قضايا في تاريخنا أهم مما يردده أشباه السياسيين لم تلق رواجا إعلاميا مثل الذي لقيته هذه التصريحات". ومن جهة أخرى، اعتبر الدكتور جمال يحياوي "أن الزعيم السابق لحزب "الأرسيدي"، يسعى ومن خلال تصريحاته الأخيرة إلى إيجاد مشجب لتعليق فشله السياسي وفشله في أموره الخاصة، وذلك باللعب على وتر الأحداث التاريخية، وهذا ما يبرر استهدافه لشخصيات هي بمثابة رموز بالنسبة لنا، تمثل مختلف أنحاء الوطن ومختلف المراحل التاريخية، فعلي كافي مثلا هو رجل عسكري، قائد ولاية، ينحدر من الشمال القسنطيني، وله مساره الحافل حتى بعد الاستقلال، ومصالي الحاج كذلك، هو أب الحركة الوطنية، ويملك رصيدا ثقيلا كذلك، ونفس الشيء عندما نتحدث عن الرئيس احمد بن بلة، ولهذا فمحاولة استهداف هذه الرموز فهو في الغالب لأغراض سياسية معينة". وذكر المتحدث "أن الشعب الجزائري ليس مريضا نفسيا حتى يأخذ الحقيقة التاريخية من طبيب نفساني، ولو كنا مرضى نفسيا لأخذناها عن سعيد سعدي، فعلى حد علمي فإن الدكتور سعيد سعدي هو دكتور نفساني، ولكن هذا الشعب ليس بحاجة لمعرفة معلوماته من طبيب نفساني"، مشيرا "الى أن كل بلد مستهدف في رأس ماله، ورأس مال الجزائر هو ذاكرتها وتاريخها، وعندما تقصد أي بلد وبمجرد ان تذكر اسم الجزائر فالجميع سيتحدثون عن المقاومة الباسلة التي أداها شعبها ضد المستعمر الفرنسي لتحقيق الحرية والكرامة".
مصطفى بيطام مدير متحف المجاهد: "سعدي يضع السم في العسل لتعويض ما فاته ولتبرير فشله "استغرب الدكتور مصطفى بيطام، مدير متحف المجاهد خرجة الرئيس السابق لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية "الأرسيدي"، وأكد أن الشعب الجزائري ذو مستوى ووعي ويستطيع فهم تصريحاته، وهذه الخرجة هي محاولة منه لتعويض الفشل الذي تعرض له في المجال السياسي قال ضيف منتدى "الشروق"، "إن هذا المجتمع عظيم حتى قبل الاستقلال كان يتمتع بمستوى عال، وكان يضع كل واحد في الخانة التي يستحقها، فما بالك بعد 52 من الاستقلال، أجيال تعي مثل هذه الحقيقة، ولا يمكن أن تتسامح مع أمثال هؤلاء الذين يتطاولون على هاته الرموز، وبالتالي، فإن الذي يفشل في مساره السياسي أو في مسار من المسارات لا يمكن له أن يعوض ذلك بمثل هذه الخرجات وستكون وبالا عليه، وعلى هذا الأساس، فإن المجتمع لن يتسامح مع مثل هذه التصريحات التي تسيئ إلى رموز الدولة الجزائرية ورموز الثورة والمقاومة، وبالتالي كل واحد في هذه الحياة له ما له وعليه ما عليه". ويرى الدكتور بيطام أن "الحكم على هذا الشخص أو ذاك يجب أن يصدر من ذوي الاختصاص، لا سيما المؤرخين والذين يعرفون قيمة مثل هؤلاء الرجال". وتساءل بيطام عن سبب صمت النخبة - ويقصد الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وغيرها - تجاه مثل هذا التطاول، وقال "أين هذه النخبة لماذا لا تتكلم"، في الأساس هذه القضية تمس الدولة الجزائرية في كيانها وشخصيتها وفي مستقبلها ومستقبل الأجيال، مضيفا أن "أقسى وأكبر محكمة هي محكمة المجتمع، الذي تمثله النخبة لكنها للأسف بقيت تتفرج، وأحيانا تنساق وراء مثل هذه التصريحات دون أن تعي الحقيقة". وأكد ضيف منتدى الشروق "أن المسؤولية الآن هي مسؤولية المثقف والسياسي وكل شخص في موقعه، لأن هذه القضية تمس كياننا، ونطالب كل واحد بالتعبير عن موقفه وعدم الاكتفاء بمسك العصا من الوسط من أجل تأييد فلان من أجل قضية أو استرجاع مجد ضائع، وهو أمر خطير جدا، ونحن في مجتمع بعد 52 سنة الاستقلال لا يرحم".
محمد عباس: "سعيد سعدي شبه سياسي أعمى البصيرة ليس عليه حرج "استنكر المؤرخ محمد عباس تصريحات سعيد سعدي، وقال إن ظاهرها سياسي، لكنها تحمل في طياتها حملة وطنية ضد الإسلام واللغة، وكل ما يرمز للدولة الجزائرية، أبطالها أشخاص مثل سعيد سعدي وكمال داود وقال عباس الذي نزل ضيفا على "منتدى الشروق"، إن هذه التصريحات لا تحقق سوى غرض واحد هو إثارة مزيد من الشكوك حول "تاريخنا الوطني ورموزنا" ما يخدم السياسات المعتمدة الهادفة إلى التقليل من انجازات الشعب الجزائري. وأشار إلى أن مصالي الحاج يمثل العمق الوطني للثورة وأنه كان أول شخص عرف بالقضية الجزائرية، وعلق "أنا مع رد الاعتبار لأب الحركة الوطنية"، داعيا إلى ضرورة التفريق بين مصالي قبل 54 وبعد 54، "فمصالي انتهى عمليا سنة 1945، حيث جاء جيل جديد ممن غرس فيهم الروح الوطنية أمثال محمد بلوزداد وآخرون، اتخذوا زمام المبادرة بتفجير الثورة في ظروف جد صعبة"، وأشار إلى أن لمين دباغين قال عنه إنه أخطأ ولكنه لم يقم بتخوينه. وشدد المؤرخ أن الخطأ الوحيد الذي ارتكبه مصالي الحاج هو عدم مجاراته أفكار الشباب عندما اعتقد أنه يستطيع إرجاع زمام المبادرة، "لكن الأمور أخذت منحى آخر وهذا ما حدث للكثير من الزعماء في العالم إلا أن الشعوب الأخرى قامت بتبجيل والرفع من قيمة زعمائها حتى يكونوا عبرة لشباب ويكون لهم مرجعية تاريخية". وأبرز المؤرخ في شق آخر تعلق - برفض المعني قيام الثورة- أن مصالي الحاج لم يكن ضد الثورة كما يقال، بل كان ضحية محيطه الذي قام بتغليطه وجعله يعتقد أن حمل السلاح ضد أقوى دولة في العالم آنذاك ستكون عواقبه وخيمة. وبخصوص قيام النائب العام وابنة مصالي الحاج برفع دعوى قضائية ضد سعيد سعدي، فقال عباس إنه شخصيا ضد هذا التحرك "لأن سعيد سعدي يعتبر أعمى وتنطبق عليه الآية "ليس على الأعمى حرج".. وهذا الشخص أعمى البصيرة وأنا اعتبره شبه سياسي لأن أمثاله يستخدمون الرموز التاريخية والامازيغية واللغة العربية للإثارة والظهور وحتى لإرضاء جمهور معين"، وأضاف "أن سعيد سعدي فرنسي بالثقافة وعمليا هو نصراني وله كتاب يمجد الإباء البيض ويعتبرهم من لهم الفضل بجلب الحضارة والرقي إلى المجتمعات في مناطق القبائل، فكيف ننتظر من أمثال هؤلاء كتابة التاريخ ونقل الحقائق بصورة حيادية وموضوعية". أما فيما يخص تخوين بن بلة والقول بأنه كان عميلا للنظام المصري، ذكر محمد عباس بأنه يكفي أن بن بلة قام بإقناع مصر بالاعتراف بجبهة التحرير وتمويلها وأنه ليس من السهل إقناع دولة بالاعتراف بحركة مجهولة لم يكن يسمع بها أحد حسبه ، وأضاف "أن هذا العمل الذي قام به بن بلة عجز عنه أمثال خيضر وحسين آيت احمد ثم يأتي شخص مثل سعيد سعدي فيقول عن أول رئيس للجزائر المستقلة إنه خان الثورة وهذا ما لا يصدر إلا من شخص مجنون".