مرّ مطلع هذا العام، 11 سنة على تأسيس فضاء "الفيسبوك" الذي أصبح من أبرز مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت تصنع الحدث لدى الجزائريين وفي كل بلدان العالم، بالنظر إلى عديد التقنيات التي جعلته يوصف بمثابة الإعلام البديل، لأنه يتيح فرصة الاستخدام والاتصال والتفاعل بين الأفراد والمجموعات في نطاق هذه الشبكة، وتحول إلى أداة تواصل اجتماعي غير العادات والسلوك، وحوّل الإنسان إلى كائن فردي بأدواته ووسائل اتصاله في ظل قانون عصري متغير اعتاد فيما مضى استخدام أدوات اتصال واحدة يتلقى فيها خطابا موحدا. ورغم الايجابيات الكثيرة التي تميز هذا الفضاء، كالتواصل والاطلاع على آخر الأخبار في حينها، فضلا عن كونه خزان هويات يمكّنك من التواصل مع أي شخص عبر العالم بما أنه يحوي تقريبا نصف سكان المعمورة خاصة الأعلام والمشاهير، إلا أن البعض حوّله إلى مجال لنشر الإشاعات واستهداف الشخصيات المشهورة، وتكريس منطقة النميمة وتصفية الحسابات الشخصية، وهو ما فتح المجال واسعا للمطالبة بمتابعة كل المخالفين لأخلاقيات التواصل وفق ما يصطلح عليه ب"الجريمة الالكترونية". ويعود تأسيس موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" إلى يوم 4 جانفي 2004، على الشاب الأمريكي الذي قام زوكربيرج بتأسيس هذا الموقع على النطاق thefacebook.com، وفي جويلية 2004، تم نقل مقر الفيس بوك إلى ولاية كاليفورنيا. وقامت الشركة بإسقاط كلمة the من اسمها بعد شراء اسم النطاق facebook.com عام 2005 نظير مبلغ 200000 دولار أمريكي، وفي 26 سبتمبر 2006، فتح الموقع أبوابه أمام جميع الأفراد البالغين من العمر 13 عامًا فأكثر، والذين لديهم عنوان بريد إلكتروني صحيح. وفي أكتوبر من عام 2008، أعلن القائمون على إدارة الفيس بوك عن اتخاذ مدينة دبلين عاصمة أيرلندا مقرًا دوليًا له.
فضاء للدعوة إلى الأعمال الخيرية و..تصفية الحسابات وحسب الدكتور يوسف بن يزة من كلية العلوم السياسة بجامعة باتنة فيرى أن الفايسبوك أصبح يختصر كل وسائل الإعلام الأخرى، ومن سلبياته أنه مسموح للهويات المزورة والمتخفية التي تستغل هذه الخاصية للإساءة إلى الآخرين أو خدمة أجندات غير بريئة، كما أنه أصبح ميدانا لتصفية الحسابات ونشر الإشاعات، وقد استغله عدد من الجزائريين في هذا الأمر، في حين استغله آخرون لتمرير مبادرات خيرية، من خلال الإعلان عن دعوات لتنظيم حملات تطوعية لتنظيف المحيط، وتنظيم حفلات للزواج الجماعي لأبناء الفقراء، وبث إعلانات عبر الشبكة لجمع وتوزيع سلع وألبسة وهدايا مختلفة على المعوزين وضحايا الكوارث الطبيعية، وتمرير نداءات عاجلة للتضامن مع المرضى، والإشراف على مناسبات عامة لتكريم الطلبة والتلاميذ المتفوقين في المدارس والجامعات، إضافة إلى إصدار مجلات ونشريات إلكترونية ومطبوعة تتضمن تغطيات إعلامية لنشاطات هذه المجموعات، أما المصور الصحفي ديدين بوضريفة فيؤكد أن الفايسبوك فيه الكثير من المغالطات، لذلك يفضل البحث عن المعلومة من مصدرها الأصلي، ويبقى الشيء الايجابي حسب قوله هو المبادرات الخيرية التي يقوم بها الشباب، وتكوين صداقات، وتتبع بعض الصفحات الدينية والتاريخية المفيدة، والحرص على النقاشات الجادة مع بعض الوجوه الإعلامية الجزائرية.
ايجابيات في التواصل.. مغالطات وسلبيات في الاستخدام وتعترف السيدة نعيمة صالحي، رئيسة حزب، أن الفايسبوك متنفس للسياسيين ورافع للتعتيم الإعلامي المقصود على بعض السياسيين، أما المخرج والممثل المعروف علي جبارة فثمن خدمة الفايسبوك، من منطلق أنها تسهل له مهمة التواصل مع جمهوره ومع أهل الاختصاص، مؤكدا انه أصبح يتعامل مع منتجين عن طريق الفايسبوك، وتبعث له نصوص يقرأها ويعطي رأيه بشكل سمح له بربح الوقت والجهد، ويؤكد السيد كريم ماروك (رئيس بلدية) أن الفايسبوك أضحى فيه الخاص عاما في فضاء مفتوح لا تمنعه القيود، مضيفا أنه يمكنه من معرفة الأخبار والتواصل لتبادل الآراء، ما سمح له بالتعامل مع مختلف الشرائح العمرية والفكرية بغية الاستماع لانشغالاتهم وعرض مختلف نشاطات المجلس البلدي سواء كانت كتابية أو عن طريق الصور. أما الأستاذ جمال مسرحي فيقول "شخصيا مكّنني من التعرف عل شخصيات معروفة، وسمح لي بالاطلاع على إنتاجهم الفكري والأدبي والفني، والاطلاع على مختلف الأفكار وتناقضاتها، والتواصل مع وجوه ربما ما كنت أحلم بالتواصل معها مثل المرحوم محمد بوليفة". ويرى العربي بومعراف (إطار في صندوق دعم السكن) أن الفايسبوك مثله مثل باقي وسائل الاتصال تعد سلاحا ذو حدين، ومن حسن الحظ أنه يمكن لأي كان أن يوجه الفايسبوك في الاتجاه الذي يرغب فيه، أما هارون سليماني، المقيم منذ عدة سنوات في كندا، فيرى أن الفايسبوك هو أداة تواصل سمحت بإعادة ربط وتمتين كثير من الصداقات، والاطلاع على الأخبار والأحداث المتعلقة بالوطن، إلا أنه يعد في الوقت نفسه مضيعة للوقت وشاغل عن العبادة وعن السعي لكسب الرزق، وهذه النقطة الأخيرة لم يغفلها أغلب المواطنين في الغرب.