بدأت ملامح "أزمة البترول" تظهر في ساحة الاقتصاد الوطني، وترمي بظلالها على مختلف المجالات، حيث سجل الميزان التجاري للجزائر خلال شهري جانفي وفيفري من السنة الجارية، عجزا ب 341 مليون دولار، بعد أن كان قد سجل خلال نفس الفترة من السنة الماضية، فائضا بقرابة ملياري دولار، كما تراجعت صادرات الجزائر خلال هذه الفترة بنسبة 31 بالمائة، أي أن الخسارة بسبب تراجع أسعار البترول في السوق الدولية، خلال شهرين فقط تجاوزت 3 مليارات دولار. وكشفت حصيلة للمركز الوطني للإعلام الآلي والإحصائيات التابع لمصالح الجمارك، اختلالات في الميزان التجاري، وصل إلى عتبة "الخطر" إذ على نقيض السنة الماضية أين عرف الميزان التجاري فائضا بقرابة ملياري دولار، سجل خلال شهرين فقط من السنة الجارية،341 مليون دولار، وهي قيمة ضخمة، في وقت تراجعت فيه صادرات الجزائر من المحروقات، والتي تمثل 94 بالمائة من إجمالي الصادرات بنسبة 31 بالمائة، خلال الفترة الممتدة ما بين يناير إلى فبراير 2015 حيث قدرت 7 . 72 مليار دولار فقط مقابل 10.82 مليار دولار خلال نفس الفترة من السنة الماضية اي بتراجع 3.1 مليار دولار. أزمة البترول والتي اتخذت لمواجهتها الحكومة عدة تدابير منها ترشيد النفقات وترتيب أولوية المشاريع العمومية، موازاة مع اللجوء إلى السوق المالية لتمويل بعض المشاريع، رمت بظلالها كذلك على نسبة الواردات والتي بلغت خلال شهري جانفي وفيفري 8.6 مليار دولار، بعد أن كانت قد بلغت 9.11 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي مسجلة بذلك انخفاضا بأزيد من مليار دولار، وهو التراجع الذي يمثل نسبة 11.5 بالمائة. انعكاسات تراجع أسعار النفط في السوق الدولية، سبق وأن قدم بخصوصها محافظ بنك الجزائر محمد لكصاسي، توضيحات وذهب فيها إلى أن استمرار التدفق الكبير لواردات السلع في مقابل تراجع الصادرات أديا إلى تقلص كبير للفائض التجاري الذي بلغ 0.59 مليار دولار فقط بنهاية 2014، مقابل 9.73 مليار دولار في سنة 2013، وليسجل بذلك أضعف فائض تجاري منذ سنة 1998. كما أن سنة 2014 عرفت انفجارا في فاتورة الواردات أدى إلى إطلاق صفارات الإنذار على أزيد من مستوى، بعد أن بلغت القيمة الإجمالية للصادرات 4.60 مليار دولار مقابل واردات سلع بلغت 59.44 مليار. ويبدو من المعطيات الجديدة أن السياسة الوقائية التي اتخذتها الحكومة لحماية الوضع الاقتصادي الداخلي من انعكاسات تراجع أسعار النفط في السوق الدولية لن تستطيع الصمود لمدة طويلة، فبعد أن كشفت تقارير بنك الجزائر تآكلا في احتياطات الصرف وتراجعها إلى حدود 176 مليار دولار بعد استهلاك نحو 8 مليار دولار منها، جاء الدور على المؤشرات الداخلية والتي كشفت عجزا في الميزان التجاري، وتهديد يترصد ميزان المدفوعات، بعد أن مدت يدها الحكومة لصندوق ضبط الإيرادات مرتين بسبب عدم لجوئها لصياغة قانون مالية تكميلي، في وقت يتجه الجهاز التنفيذي بخطى ثابتة نحو مشروع قانون مالية تكميلي شرع في التحضير له، من المنتظر أن يتضمن العديد من الإجراءات ذات العلاقة بصد خطر أزمة البترول وتحسين وضع التجارة الخارجية على أمل وقف نزيف العملة وتقليص فاتورة الاستيراد.