دعّم الدكتور فارح مسرحي من جامعة باتنة المكتبة الجزائرية بإصدار جديد عن المفكر الجزائري الراحل محمد أركون بعنوان "المرجعية الفكرية لمشروع محمد أركون الحداثي"، وهذا تحت إشراف الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، وهو أطروحة دكتوراه ناقشها الباحث سنة 2011، وتحصل بها على شهادة دكتوراه علوم تخصص فلسفة بدرجة مشرف جدا مع تهنئة اللجنة وتوصية بالنشر. وحسب الدكتور فارح مسرحي الذي اشتغل لعدة سنوات في الفكر الأركوني، فقد حاول في هذا البحث التعريف بالمشروع الحداثي الذي نظر له المفكر الراحل محمد أركون، من خلال طرح الإشكالية التي لازمت الفكر العربي الإسلامي في القرنين الأخيرين، وهي إشكالية التراث والحداثة، واشتمل البحث على علاقة وموقف محمد أركون من التراث العربي الإسلامي من خلال بعض النماذج، على غرار المعتزلة وأبو حيان التوحيدي وابن رشد، ثم علاقته بالفكر الغربي من خلال بعض مدارسه وأقطابه، لاسيما الاستشراق وبعض الفلاسفة والمفكرين المعاصرين، أمثال ميشيل فوكو وبيار بورديو وجورج بالانديه، كما تضمن العمل تعريفا بالمشروع الأركوني، أو الإسلاميات التطبيقية كما يسميها أركون من خلال بيان إستراتيجيتها المنهجية وجهازها المفاهيمي وأهدافها ومهامها، وخاض الباحث فارح مسرحي في آفاق هذا المشروع والممكنات الفكرية التي من شأنه أن يمنحها من جهة والعوائق التي تؤجل إمكانية الاستفادة منه، وأكد فارح مسرحي أن الأعمال الكثيرة التي تركها الراحل محمد أركون بحاجة للعديد من البحوث الأكاديمية التحليلية والنقدية والمقارنة، لأنه حسب قوله كتب بغزارة وتنوع في المناهج والمفاهيم والإشكاليات والمواضيع، ولا تزال الكثير من الورشات التي افتتحها بحاجة للشرح والإثراء والتعديل والنقد، ويرى محدثنا أنه بدل الاستمرار في التباين الحاد حول وصفه أو تصنيفه بين التقديس والتدنيس، بين الأسطرة أو الازدراء فهذه المواقف الحدية لن نخدم أي طرف، ويمكن في الوقت نفسه التحول إلى استقراء نصه وبيان غثه من سمينه بكل موضوعية وبراغماتية. من جانب آخر نوه الدكتور فارح مسرحي بجهود الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، من خلال بعث الفكر الفلسفي في الجزائر، وإخراج الفلسفة من الطابع الجامعي الأكاديمي، وجعلها تنفتح على مختلف القضايا التي تهم المجتمع، من خلال تنظيم ندوات وملتقيات فكرية حول موضوعات عديدة، كما كرمت العديد من الشخصيات الوطنية والعالمية، على غرار الدكتور عبد الرحمن بوقاف، والمفكر التونسي فتحي التريكي، والفلسطيني إدوارد سعيد، ومؤخرا الروائية العالمية الراحلة آسيا جبار، كما أسست الجمعية مجلة أكاديمية محكمة تصدر مرتين في السنة.