جندي في صفوف قوات اللفيف الأجنبي في ساحة "لاكور" وسط مدينة عنابة، تقدم محلات المثلجات نوعا يعرف ب"جزيرة سردينيا" نظرا لشكل البوظة وهي عبارة عن حبة موز تحمل شمسيات على شكل زورق ...في العاصمة وولايات أخرى يتم تقديم نفس المثلجات لكن باسم مختلف، وقد تكون في عنابة نسبة إلى ظاهرة "الحرڤة" التي تشكل جزءا من يوميات العنابيين الذين اختفى عديد من أبنائهم بعد أن قرروا ركوب مغامرة البحر. * بعضهم وهم قلة تمكنوا من الوصول إلى "جزيرة الأحلام"، وآخرون يجهل مصيرهم ويوجدون في عداد المفقودين، وعديد الحراڤة تم ضبطهم وإنقاذهم من "الحوت" وهناك من انتهت أحلامه في قاع البحر ... * لم يكن ممكنا عدم استغلال تواجدنا في مهمة بولاية عنابة وتجاهل هذا الموضوع في ظل تسجيل إحباط محاولات تقريبا يوميا رغم أن زميلي أحمد زوقاري كان من الأوائل الذين أثاروا الملف، لكن شقيقة أحد "الحرڤة" كشفت عن وجه آخر من المأساة عندما تدخلت في دردشتنا حول الموضوع والتعليق على بعض الأخبار المنشورة في الصحف، اقتربت منا "كريمة .ت" التي تنحدر من سيدي سالم وهو حي شعبي يقع غرب ولاية عنابة لتروي أن شقيقها البشير، شاب في الثلاثين من عمره، غادر باتجاه جزيرة سردينيا قبل حوالي 3 أشهر على متن قارب خشبي، وتمكن من الوصول رفقة حوالي عشرين شابا كانوا برفقته من ولايات الطارف، جيجل، عنابة وحتى من العاصمة والبليدة، واستقروا في جزيرة "لامبدوزا" الإيطالية، وأضافت "كان بطالا ولم يجد عملا بسبب البيروقراطية..ياختي الحڤرة ..لم يتحمل فقرر الهجرة"، أقاطعها : لكنه كان مهددا بالموت، هل حاولت الأسرة منعه أو إقناعه بالعدول عن قراره؟ لتجيبني بانفعال "نقنعه بماذا ..هو كان ميت أصلا ..راه راجل ويوجعو قلبو" في إشارة إلى ما يتمتع به أترابه قبل أن تؤكد أن الله كان رحيما به ووصل سالما "واتصل بنا حتى لا نقلق عليه بعد يومين من مغادرته عنابة ..ثم انقطع الاتصال وانقطعت أخباره لمدة حوالي 3 أشهر"، وتنقل عنه شقيقته أنه أبلغها بأنه التقى عديدا من الجزائريين هناك "حراقة" لكن خلال الأسبوع الأول من شهر جويلية الماضي "تلقيت اتصالا منه على هاتفي النقال يخبرني أنه في "مارساي" (مرسيليا) بفرنسا وأنه انخرط في مؤسسة عسكرية.. "قاطعتها محاولة تفسير أنه التحق باللفيف الأجنبي الذي يعني أيضا أنه لن يكون حر نفسه وسيذهب للقتال في العراق، أفغانستان، ويشارك في حروب العالم ...ترددت قليلا قبل أن تجيب "المهم راهو عايش ...وبخير"، تدخل زميلي الذي كان يرافقني معلقا "ما طبيعة الحياة إذا كان الموت يتربصه في ظل تنازله عن هويته ووجوده" لتغادر المكان. * وقادنا نادل بمقهى إلى والد الشاب "ف.س حراڤ" من عنابة أيضا، ويتداول في الشارع العنابي خبر انضمامه إلى الجيش الفرنسي، التقينا والده الذي كشف لنا أنه فعلا تلقى رسالة قام بإرسالها من مرسيليا وأبلغه فيها أنه غادر إيطاليا باتجاه مرسيليا حيث التحق باللفيف الأجنبي وأرفق الرسالة بصورة له وهو يرتدي بدلة عسكرية وأخرى يقوم فيها بتدريب عسكري "قال لي إنه يخلص أكثر من 1000 أورو شهريا وكل شيء خالص والدعوة ملاحة ياسر متهلين فاهم" (باللهجة العنابية) حاولت استدراج العجوز حول موقفه وسألته: هل أنت راض يا الحاج عن هذا الوضع؟ "ليجيب بعد أن أخفى حرجه: قالوا لي الصغار باع روحه ..لكن راهو كبير والله يهديه ...لكن الوسيط الذي نقلنا إليه، قال لنا إنه يتحفظ عن عرض الصور والكشف عن مصير ابنه، وتدخل شاب مسبوق في الحرڤة ليؤكد أن "سليم" وهو من حي سيدي سالم أيضا قد أرسل مكتوبا لأسرته وأبلغها هو أيضا بأنه انخرط في اللفيف الأجنبي لمدة 5 سنوات كاملة "هو حاليا في مرسيليا وعائلته يمكنها رؤيته قبل أن يسألنا: هل يعطوهم الفيزا؟ .. * وقالت مصادر محلية متطابقة، إن حوالي 18 "حراڤا" جزائريا انخرطوا في اللفيف الأجنبي الذي يتمثل في جيش يضم مجندين من مختلف الجنسيات ولا توجد أي شروط للالتحاق بها، ويتمتعون بخيار الاحتفاظ أو التنازل عن جنسيتهم الأصلية ويتحصلون على الجنسية الفرنسية بعد 3 سنوات من الخدمة، ولا تستبعد مصادر، وجود شبكة مختصة في تجنيد "الحراڤة" في اللفيف الأجنبي بإيطاليا على خلفية أن أغلب هؤلاء الشباب حسب مصادر من محيط عائلاتهم لم تكن لديهم أدنى فكرة عن ذلك ولم يكن ذلك عن طريق مواقع الانترنيت، كما أكدت هذه المصادر أنهم لم يرغبوا في وقت سابق بالإلتحاق بالأسلاك الأمنية الجزائرية.