لم تعُد إسرائيل تنفي حقيقة قيامها بتقديم العلاج للجرحى السوريين من تنظيم "القاعدة في بلاد الشام" ممثلة في "جبهة النصرة"، إضافة إلى فصائل أخرى "جهادية" تُسّمى في المُعجم الصهيونيّ ب"المعتدلة". يفصّل وزير النفط والغاز بحكومة الإنقاذ الوطني الليبية ما شاء الله الزوي، في هذا الحوار مع "الشروق"، واقع الأزمة الليبية. ويتحدث بشكل من التفصيل عن سوق النفط الذي عانى من هجمات العناصر الإرهابية، ويعرج كذلك على مشاريع سوناطراك المتوقفة في ليبيا.
كيف هو الوضع العام في مجال النفط في ظل الأزمة الأمنية والسياسية التي تعرفها بلادكم؟ لا شك أن الأزمة التي تعيشها ليبيا بدأت مع نهاية عام 2012، ولكي نضع النقاط على الحروف في سنة 2010 كان الإيراد العام من مداخيل النفط الخام ومشتقاته يقدر ب47 مليار دولار، وكان معدل الإنتاج نحو 1 . 2 مليون برميل يوميا. عام 2011 عام مخاض وعام ثورة، وهو حالة استثنائية، لكن عام 2012 كان أكثر الخبراء والمحللين يؤكدون أن ليبيا لن ترجع إلى سابق إنتاجها إلا بعد سنوات طويلة، لكن سنة 2012 كسرت هذا الحاجز ونجح الليبيون في التعافي وبلغ إنتاجها من النفط نحو 1 . 7 مليون برميل يومياً، والدخل العام من النفط قفز إلى 60 مليار دولار، وهو دليل واضح على نجاح ليبيا والليبيين. لكن ما حدث أن دولاً أجنبية كنا نعتبرها صديقة قريبة منا، كونت أجنحة عسكرية وسياسية داخل ليبيا لسرقة الثورة والثروة، ومن ثم كانت بداية عام 2013 إذ أصبح لهذه الأجنحة تأثير سلبي أدى إلى إغلاق الحقول والموانئ، مما أدى إلى انخفاض إنتاج النفط عام 2013، وانخفض الدخل العام من عائدات النفط مرة أخرى حيث بلغ 40 مليار دولار فقط، وسنة 2014 تعتبر الأسوأ على الإطلاق حيث بلغت عائدات الإنتاج 15 مليار دولار فقط. ما قامت به حكومة الإنقاذ الوطني منذ استلامها مقاليد تسيير البلاد منذ سبتمبر 2014، هو أننا حاولنا التنسيق مع المؤسسة الوطنية للنفط في محورين أساسين، المحور الأول هو العمل على استقرار الإنتاج، والمحور الثاني يتمثل في إعادة العمل بالحقول التي لم يتم تشغيلها، وبالتالي زيادة الإنتاج في أسرع وقت ممكن. وخلال شهري أكتوبر ونوفمبر وصل الإنتاج أكثر من مليون برميل، وكان يمكن زيادة الإنتاج إلى أكثر من ذلك أي بنحو 1 . 2 مليون برميل، لكن بسبب انخفاض أسعار النفط الخام، ارتأينا المحافظة على هذا المعدل من الإنتاج. ولكن في شهر ديسمبر، أحداث منطقة الزنتان أدت إلى إغلاق صمامات منطقة الرياينة، إضافة إلى إغلاق حقل الشرارة، وحقل الفيل (ينتج ما بين 300 و350 ألف برميل يوميا)، وانخفض الإنتاج إلى نحو 700 ألف برميل، وخلال شهر يناير 2015 أدت المشاكل في حوض ميناء السدرة إلى إغلاق ميناء السدرة ومن ثم انخفض الإنتاج إلى نحو 350 . 000 برميل فقط. لكن خلال الأشهر القليلة الماضية استطعنا بفضل جهود العاملين في قطاع النفط إعادة تشغيل بعض الحقول وبعض الموانئ، فأصبح الآن معدل الإنتاج ما يقارب 500 . 000 برميل يوميا. كيف تتعاملون- كونكم محكومة غير معترف بها دوليا- مع التطورات الحاصلة داخليا وخارجيا؟ في وزارة النفط والغاز بحكومة الإنقاذ الوطني نؤكد أن هدفنا الأساسي هو تحويل الصراع العسكري والسياسي إلى صراع قانوني وإداري، لذا كنا نرى ونؤكد للعالم أن المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي، وشركة الاستثمار الخارجي، وهي مؤسّسات يعتمد عليها قوت الليبيين، وتحديدا المؤسسة الوطنية للنفط التي تمثل نحو 90 بالمائة من إيرادات الليبيين، ونسعى دائما إلى تحييدها وتكون خارج الصراع والتجاذبات السياسية. ووزارة النفط والمؤسسة الوطنية للنفط تعمل بحيادية تامة ضمن آلية مغلقة، تتم عن طريقة المؤسسة، ثم مصرف ليبيا الخارجي، ثم مصرف ليبيا المركزي. ونؤكد أنه ليس هناك نفوذ أو سلطة لحكومة الإنقاذ الوطني وأن هذه الأموال تصرف في مرتبات الليبيين. فنحن من العاصمة طرابلس نزود مرتبات الليبيين جميعا، حتى إننا ندفع رواتب من يقاتلون مع قوات حفتر، فهم يحصلون على مرتباتهم من حكومة طرابلس، وكذلك نقوم بتوفير المحروقات في كل أرجاء ليبيا بما في ذلك مدينة طبرق نفسها، ونسير الإغاثات الإنسانية لجميع المناطق بليبيا. ونحن- حكومة إنقاذ- نرى الحل في ليبيا يكمن في الحوار، ولا شيء غير الحوار، ونحن ندعمه، ونحاول توفير كل الظروف الملائمة لإنجاحه. ونؤكد أننا سوف نسعى أن نكون جزءا من الحل وليس جزءاً من المشكل، ونقول للعالم إن استقرار ليبيا يكمن في الجلوس إلى طاولة الحوار، ونحن نعاكس ما قاله المدعو حفتر قبل أسبوع على قناة "سكاي نيوز" لا للحوار. إحصائيات رسمية تؤكد أن 58.000 عائلة هجرت من بنغازي، وأصبحت مدينة منكوبة. ما يحدث في بنغازي ترتب على استعمال حفتر لشماعة الإرهاب، وهي دعاية واهية جدا، فهو يقصف الثوار، ويترك مواقع المتشددين، الآن في درنة يقصف مواقع الثوار، ويترك مواقع تابعة ل"داعش". وهو نفس الشيء حصل في سرت فيقصف القوات التي تحارب تنظيم "داعش" ويغض النظر عن عناصر التنظيم. يؤسفنا أن يستعين البرلمان في طبرق بالمصريين والإماراتيين لقصف الليبيين، وهذا أمر مرفوض، ويجب على المصريين والإماراتيين أن يعلموا أنهم يراهنون على حصان خاسر. وهو عبارة عن آلة تدمير. ما هو حجم المنشآت النفطية الواقعة تحت سيطرة حكومة الإنقاذ الوطني، وهل المنشآت الأخرى في منأى عن اعتداءات إرهابية؟ لنقم بالمقارنة في علاقة بما حصل في عين أميناس بالجزائر من هجوم على ذلك الحقل أدى إلى قتل عاملين به من جزائريين وأجانب، لكن ما حدث في ليبيا هو أمرٌ مختلف فهي عبارة عن بقايا النظام السابق، ونطلق عليها داعش معزز 32 (لواء معزز 32 كتيبة تابعة لخميس معمر القذافي)، مدعومين من النظام السابق وتأكيدا على ذلك التصريح الذي أدلى به مؤخرا أحمد قذاف الدم (منسق العلاقات الليبية المصرية في حكم القذافي): "ندعم داعش، ومنتسبو داعش هم أناس جيدون". السؤال: لماذا ظهرت داعش في ليبيا؟ لماذا بالتحديد في منطقة سرت؟ نحن نعرف من وراء سرت، فقادة داعش في منطقة سرت أكثر من بقايا النظام السابق ولديهم رغبة في إفساد ما قامت به ثورة 17 فبراير من إنجازات، وإذا تمعنا في السياسة التي تتبعها في الهجوم على الحقول النفطية نتكلم على حقل المبروك الذي هو 85 بالمائة تابع للمؤسسة الوطنية للنفط و15 بالمائة تابع شركة توتال الفرنسية وقتل فيه نحو 11 شخصاً من حرس المنشآت، وقامت هذه المجموعة بسياسة مغايرة لفكر "داعش" في الجزائر أو في العراق وسوريا، حيث قاموا بتدمير الحقل وتفجيره بعد سرقة محتوياته. وهو فعل مغاير.. لماذا هذا التخريب؟ وإن ما حصل في الحقول النفطية على غرار حقل المبروك وحقل الظهرة والغاني هو استهداف لكل الليبيين واقتصادهم، هي حرب ممنهجة مدعومة من أطراف تابعة للنظام السابق ولدينا أسماء مجموعة من النظام السابق تتزعم هذه المجموعات.
سحبت الجزائرموظفيها من ليبيا نتيجة للوضع الأمني، هل هنالك إمكانية لعودتهم وعودة المشاريع المشتركة هنالك؟ الجزائريون إخوة الليبيين، للجزائر شركاتٌ كثيرة في ليبيا ومشاريع متعددة، والجزائر متقدمة تقدماً كبيراً جدا في مجال النفط: مشاريع، معاهد، معدات استكشاف وحفر، لذا كان أجدر بليبيا التعامل مع الشقيقة والجارة الجزائر، وتحديدا الشراكات مع شركة سوناطراك في عدة مجالات ومشاريع في حوض غدامس. لكن بعض الشركات الآن متخوفة، ونحن نؤكد للجميع أننا نسعى إلى توفير الأمن وعودة الاستقرار، ونؤكد لجميع الشركات الجزائرية حفظ حقوقها وممتلكاتها وحفظ التعاهدات التي تمت بيننا وبينهم. ما هي فرص الاستثمار المتاحة للجزائر في مجال النفط وخاصة لشركة سوناطراك؟ ليبيا دولة كبيرة ولها إمكاناتٌ تجعلها قبلة للعديد من المشاريع التي تحتاج إلى الشريك. وفي عام 2012 تم دخول جميع الشركات العالمية وأنشئت فروع ومشاريع، وليبيا تحتاج إلى أقرب جيرانها، الجزائر. فهي وقفت وقفة جادة لدعم حل الأزمة في ليبيا، ونعلم جميعا أن ما يحدث في ليبيا يُحاك في الخارج. نشكر الحكومة الجزائرية التي كانت من الدول الصادقة لإنجاح الحوار في ليبيا، كانت من الدول الصادقة التي لم ترضخ للأطماع التي وجهت إليها لتقسيم ليبيا، كما نشكر الجزائر لوقوفها على نفس المسافة من جميع الأطراف، ونحن نعلم أن هناك مؤامرة أكبر لنقل الصراع من ليبيا إلى الجزائر، فالجزائر مدرسة ولها باع وخبرة في إدارة الأزمات، نتمنى أن تشارك الجزائر في حل الأزمة في ليبيا كما فعلت في حل أزماتها، أثبتت أن لديها كوادر وخبرات محنكة ونقل تجربتها وخبراتها إلى ليبيا لحل الصراع في ليبيا.