قال وزير خارجية مالي الأسبق تيبيلي درامي، إن اتفاق الجزائر الموقع عليه الجمعة الماضي في باماكو، يتضمن مشروعا لتقسيم مالي. وكشف الوزير في حوار للصحفية الفرنسية "ليبيراسيون" أن مقترح حكم ذاتي موحد في الأقاليم الشمالية من البلاد سيترتب عليه عواقب خطيرة على مستقبل مالي. وانتقد تيبيلي بشدة ما جاء به الاتفاق المعد من طرف فريق الوساطة برئاسة الجزائر خاصة وأن الوثيقة حسبه تضمنت نظاما مؤسسيا جديدا يعطي صلاحيات واسعة للمناطق الثلاث في أزواد وهي كل من كيدال، تيمبكتو، وغاو، وقد يخلق بروز هذه السلطات صراعات جديدة أغفلها اتفاق السلام والمصالحة. ويعتقد مسؤول الدبلوماسية الأسبق، الذي يرأس حزب النهضة الوطني المالي، أن المشروع الذي قدمته الجزائر بصفتها رئيسة فريق الوساطة الدولية، يحمل خللا قد يدخل مالي في "نظام مؤسسي جديد، وهو نظام المناطق (حاليا هناك ثلاث: غاو، كيدال، تمبكتو) التي تملك صلاحيات واسعة، ويقودها رؤساء سيكون لهم من سلطات أكثر مما ينبغي، مشيرا في ذات الباب أن منصب الرئيس في هذه المناطق، أو الدول كما سماها، وهو الذي أنشئ بموجب اتفاق الجزائر، "لن يعيّن من قبل الجمعية الإقليمية، بل سيتم انتخابه بالاقتراع العام المباشر. وسيكون في آنٍ رئيس الجمعية الإقليمية، ورئيس السلطة التنفيذية الإقليمية، ورئيس إدارة المنطقة /الدولة. وسوف يجمع بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. وهذه سلطة لا يستهان بها"، على حد قول الوزير المالي الأسبق. ويرى تيبيلي درامي أن وثيقة الجزائر لم تناقش أو تشر إلى الاقتصاد الإجرامي في البلاد القائم على مختلف أشكال التهريب. وحذر الوزير من مخاطر هذه الظاهرة إن بقيت دون تأسيس الاتفاق على رؤية مُجددة لأسس إدارة مؤسسات البلاد للحد من مخاطر الانتكاس.
أما فيما يتعلق بالسلطات التي ستنبثق عن نظام اقتراع من دون تصويت نسبي في شمال مالي، فهذا حسب رئيس الدبلوماسية الأسبق في مالي، لا يشجع على المشاركة والتفاوض، فالتركيز سيكون مفرطا لهذه السلطات، ومنه قد يؤول هذا النظام الجديد الذي أشار إليه اتفاق السلام والمصالحة في بنوده، إلى وقوع صراعات جديدة في المنطقة التي تعرف بالتنوع العرقي والطائفي، "وكان يجب على أي اتفاق سلام أن يأخذ كل هذه الأمور في حسبانه"، يضيف الوزير. ويرافع تيبيلي لضرورة العودة للحوار بين الحكومة المالية والحركات المسلحة في الشمال لتحقيق استقرار أمني حقيقي، وأبدى الوزير المالي الأسبق قلقا إزاء التطورات التي ستحدث في المستقبل القريب، مؤكدا أن "مالي أخرى تولد اليوم من المناطق التي تخرج من (الجزائر العاصمة)" في إشارة إلى اللقاءات التي شاركت فيها الحركات المسلحة في أزواد.