صبر المجموعة الدولية على الاضطرابات في الشمال لن يدوم طويلا ذكر الوزير المالي السابق للشؤون الخارجية، تييبيلي درامي، في حوار مطول مع صحيفة "لبيراسيون" الفرنسية ، إنه يشعر بالقلق إزاء العواقب التي قد تترتب على حكم ذاتي مكثف في الشمال، المدرج في اتفاق الجزائر الذي وقع يوم الجمعة في باماكو. ويرى رئيس الديبلوماسية المالية السابق أن "التوقيع على اتفاق سلام بروتوكولي للغاية جرى بحضور جمعية من رؤساء الدول والحكومات في أفريقيا، ولكن في غياب واسع للتمرد الذي يمثل الطوارق الأغلبية فيه، والذين يدعون إلى مزيد من النقاش". وتابع " لقد أفرِغ حفل التوقيع إلى حد كبير من مضمونه مع الانسحاب المتوقع للتمرد. إلا أن الاتفاق، مع ذلك، تم توقيعه بالأحرف الأولى يوم الخميس في الجزائر، بعد شهرين ونصف من الضغوط والتسويف. وعن الخلل الذي يحتويه اتفاق الجزائر قال تييبيلي درامي "هذا الاتفاق يُدخلنا، من دون علمنا، في نظام مؤسسي جديد، وهو نظام المناطق- الدول (حاليا هناك ثلاثة: غاو، كيدال، تمبكتو) التي تملك صلاحيات واسعة، ويقودها رؤساء سيكون لهم من السلطات أكثر مما كان فرانز جوزيف شتراوس، الوزير الرئيس لبافاريا، في ألمانيا الغربية، على الرغم من أنها فدرالية". وأضاف تييبيلي درامي "الرئيس المفرط في هذه المناطق -الدول، وهو المنصب الذي أنشئ بموجب اتفاق الجزائر، لن يعيّن من قبل الجمعية الإقليمية، بل سيتم انتخابه بالاقتراع العام المباشر. وسيكون في آنٍ رئيس الجمعية الإقليمية، ورئيس السلطة التنفيذية الإقليمية، ورئيس إدارة المنطقة-الدولة. وسيجمع بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. وهذه سلطة لا يستهان بها". وعن الأسباب الجذرية ل "تفكيكية" البلاد التي لم تناقَش أو لم يشر إليها الاتفاق قال تييبيلي درامي"إن الاقتصاد الإجرامي في البلاد قائم على مختلف أشكال التهريب، بما في ذلك تهريب المخدرات، وغرغرينا الفساد، وعدم وجود حيوية المؤسسات وسلطات مضادة. كان لا بد من استخلاص الدروس من انهيار الدولة، ورسم الخطوط العريضة لمالي جديد على أساس رؤية مُجددة لأسس إدارتها للحد من مخاطر الانتكاس". وعن عوامل تأخر أكثر الأطراف المتعارضة في توقيع الاتفاق فيما الصلاحيات التي ستحصل عليها تَعِدُها بحكم ذاتي واسع قال تييبيلي درامي "أعتقد أنهم يريدون جني ما وسعهم من مكاسب، وجميع المزايا المترتبة عن مالي ضعيفة، وغيرها من مكساب الهزيمة المؤلمة لماي 2014عندما تحولت زيارة رئيس الوزراء، موسى مارا، إلى كيدال، إلى أعمال شغب دامية". وأشار إلى أنه "من خلال تجاهل أو التظاهر بالتجاهل أنهم ملزمون بتوقيعاتهم في جوان 2013 على اتفاق واغادوغو فهم يعترفون بسلامة الإقليم، ووحدته الوطنية، وبالشكل العلماني والجمهوري للدولة. وعن مخاطر هذه السلطات التي ستنبثق من الاقتراع العام قال تييبيلي درامي "في بلد يعيش في أزمة عميقة، في شمال مالي المتميز بالاستقطاب العرقي والطائفي، فإن نظاما اقتراع من دون تصويت نسبي لا يشجع على المشاركة والتفاوض، لأن تركيزا مفرطا للسلطات يحتوي على بذور إحباطات جديدة وصراعات جديدة كان يجب أن يضعها أي اتفاق سلام في حسبانه". وحول ما قالته البعثات الدولية والجهات المانحة في شأن تباطأ العملية التي استنفدتها قال "إن مجموعات الشمال والسلطات والماليين يجب أن يعلموا بأن صبر العالم ليس صبرا بلا حدود، إذ يجب اتخاذ الإجراء المناسبة للتعبئة الدولية لصالحنا".