المؤتمر العالمي للنساء البرلمانيات: الجزائر الجديدة المنتصرة وفية لالتزاماتها بتمكين النساء وترقية حقوقهن    برنامج عدل 3: تحميل الملفات عبر المنصة الرقمية غير مرتبط بأجل محدد    الدفع عبر النقال: التحويلات بين الأفراد ترتفع بأكثر من الضعف في 2024    الرابطة المحترفة الأولى "موبيليس": مولودية الجزائر تتعثر أمام اتحاد خنشلة (2-2) وتضيع فرصة تعميق الفارق    كاراتي دو/الرابطة العالمية: الجزائرية سيليا ويكان تحرز الميدالية الذهبية    وزارة الصحة تذكر بضرورة التقيد بالإجراءات المعمول بها في عمليات ختان الأطفال    الدروس المحمدية: إبراز مناقب الشيخ محمد بلقايد ودوره في تربية المريدين    افتتاح ليالي أولاد جلال للفيلم الثوري الجزائري لإحياء عيد النصر    رابطة علماء فلسطين تدين تصاعد انتهاكات الاحتلال الصهيوني في المسجد الأقصى وتدعو لنصرته    الإذاعة الثقافية تنظم ندوة فكرية بمناسبة الذكرى ال 63 لاغتيال الأديب مولود فرعون    براف باق على رأس الهيئة القارية    يوسف بلايلي.. العائد الكبير    تصريح مثير عن صلاح    بنو صهيون يقتلون الصحفيين    دعوة إلى تسهيل حياة ذوي الاحتياجات الخاصة    والي العاصمة يعاين أشغال إعادة تهيئة حديقة وادي السمار    لِرمضان بدون تبذير..    التلفزيون الجزائري ينقل جمعة مسجد باريس    2025 سنة حاسمة للجزائر    غزّة جائعة!    باريس تغرق في شبر من ماضيها الأسود    "التاس" تصدر قرارها النهائي غير القابل للطعن    الملالي: أحلم بالتتويج بلقب مع المنتخب الوطني    توتنهام الانجليزي يدخل سباق ضم ريان آيت نوري    وزير المجاهدين يشرف على إجتماع لمتابعة تحسين وتحديث آليات الإتصال الإداري    تعزيز التعاون الجزائري التونسي في قطاع التضامن    شؤون دينية: تحديد قيمة زكاة الفطر لهذا العام ب150دج    "بريد الجزائر" يلتزم بخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة    أهمية إرساء قيم الاخلاق التجارية الاسلامية    مساع لإنصاف فئة ذوي الهمم    حجز 6 أطنان مواد استهلاكية فاسدة    مديريات لتسيير الصادرات ومرافقة المتعاملين    ملتزمون بدعم آليات التضامن والتكفّل بذوي الهمم    استحداث 5 ثانويات جهوية للرياضيات    أرشيف لأول مرة على التلفزيون الجزائري    الحقن وطب الأسنان لا يفسدان الصيام والمرضع مخيَّرة بين الفداء أو القضاء    الجوية الجزائرية تذكّر بالزامية اختيار رحلة الحج    وقفة إجلال أمام عزيمة ذوي الاحتياجات الخاصة    ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد : الفنان مبارك دخلة يطرب الجمهور بباقة من اغاني المالوف    ديباجة العدد 99 من مجلته الدورية : مجلس الأمة يجدد التزامه بدعم مشروع بناء "الجزائر المنتصرة"    هنأ رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي.. رئيس الجمهورية يهنئ السيدة حدادي بمناسبة تنصيبها ومباشرة مهامها    لمواكبة التحولات الرقمية.. دعوة إلى عصرنة المركز الوطني للسجل التجاري    طاقات متجددة : المشاريع المشتركة محور لقاء بين السيد ياسع وسفير ألمانيا بالجزائر    حج 2025:اختيار رحلة الحج نهائي وغير قابل للتغيير    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48543 شهيدا و111981 جريحا    هكذا تحارب المعصية بالصيام..    المسابقة الوطنية في تجويد القرآن "قارئ تلمسان": تكريم الفائزين بالمراتب الأولى    شرفة يترأس اجتماعاً    حج 2025: اختيار رحلة الحج نهائي وغير قابل للتغيير    دعوة أطراف النزاع إلى اغتنام رمضان لوقف الاقتتال    "الطيارة الصفراء" تمثّل الجزائر    الدكتور بوزيد بومدين يدعو لفتح نقاش علمي تاريخي اجتماعي    إدراج مكتب أعمال دنماركي في القائمة السوداء    حفظ الجوارح في الصوم    تسويق أقلام الأنسولين المحلية قبل نهاية رمضان    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    ديوان الحج والعمرة يحذّر من المعلومات المغلوطة    نزول الوحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعلام أبي لهب وحمّالة الحطب!
نشر في الشروق اليومي يوم 25 - 05 - 2015

لعلّه لم يعد يخفى على أحد مدى الانحسار الذي بات يعرفه دور المحابر والمنابر في صناعة قناعات الأمة وتوجّهاتها، لصالح وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، وكيف أصبحت الميديا المدعّمة بالمؤثّرات المختلفة تعمل عملها في العقول والقلوب، ما جعل صوت الأئمّة والخطباء يبدو خافتا أمام صوت نجوم الصّحافة والإعلام، الذين يتفنّون في استعمال وسائل وأساليب التّأثير، لغرس القناعات التي عُهد إليهم بترويجها.. ووالله لو كان هذا الإعلام ينبض بهموم الأمة وآمالها وآلامها أو على الأقلّ يحترم عقيدتها وثوابتها وخصوصياتها، لهان الأمر، ولكنّه في كثير من الأحيان إعلام موجّه، يتحكم فيه من خلف الستار بارونات السياسة وقارونات الاقتصاد، ويُسخّر لصناعة أفكار تخلد بالأمّة إلى الأرض وتزيح الدّين من سلّم الأولويات.
لقد بُليت الأمة الإسلامية في هذا الزمان بإعلام يتحرك وفق خيارات أصحاب السلطة والمال، الذين لا يهمّهم في أكثر الأحيان أن تحفظ عقيدة الأمة أو تصان ثوابتها، وإنّما همّهم أن يخدّروا العقول ويضرموا نيران الشهوات ويحوّلوا اهتمام الأمة من الدين والعقيدة إلى المآكل والمشارب والمناصب والشّهوات. "وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا".
فمَنِ الذي حوّل كثيرا من شباب هذه الأمة إلى أنصاف وأعشار رجال يلبسون الضيق والمزري من الثياب ويدهنون الشعور ويتمايلون في المشية ويتذللون في الكلام؛ لا همّ لأحدهم إلا ما يلبس وما يأكل ويشرب.؟ أليس هو الإعلام؟
ومن الذي حوّل كثيرا من فتيات المسلمين إلى عارضات أزياء يجبن الشوارع والأرجاء، لا همّ للواحدة منهنّ إلا أن تلفت الأنظار وتحظى بكلمات الإعجاب والإطراء، ويلهثَ خلفها عديمو الرجولة المتشبهون بالنساء؟ أليس هو الإعلام؟
من الذي رفع مكانة المفسدين من المغنّين والممثّلين، ووضع مكانة المصلحين من الأئمة والعلماء والدّعاة، وجرّأ عليهم النّاس فاستحلوا الكذب عليهم والكلام فيهم بما لا يليق بمقامهم؟ أليس هو الإعلام؟
من الذي قلب الموازين في أمة الإسلام؛ فجعل الحقّ باطلا والباطل حقا، والمبطلَ محقا والمحقّ مبطلا، وجعل من المجرمين الوالغين في الدماء العابثين بالأعراض أبطالا ترفع صورهم ويهتف بأسمائهم، وجعل من المظلومين المقهورين شياطين تنسب إليهم بلاوي الأمة كلّها؛ فهُم من تسبّب في سقوط الأندلس وضياع الأقصى، وهم من حبس المطر ومنع الزرع، وهم من ثقب الأوزون وتسبب في الانحباس الحراري!.. أليس هو الإعلام؟ إعلام حمالة الحطب الذي قلب الموازين في أمة الإسلام، وأجلب بخيله ورجله على العقول والقلوب فأفسدها، وجرّعها خمورا ومخدرات يفوق تأثيرها تأثير الخمور والمخدّرات الحسية.
لقد استغلّ هذا الإعلام المتعلمن الحملة العالمية للحرب على الإرهاب، وتمترس خلف دعاوى الحرية الإعلامية، وتبنّى شعارات تجفيف منابع التطرّف، ليعلن حربا لا هوادة فيها، ليس على عناصر التميّز في هذا الدّين فحسب، بل على أصوله ومبادئه وثوابته.
لقد نسي القائمون على هذا الإعلام وهم في غمرة الفرح بالحرية التي أتيحت لهم لمهاجمة الدّين وأهله، أنّ هذه الأمّة وإن كانت تمرض فإنّها لا تموت، وأنّها إن خدعت برهة من الدّهر فإنّها لا تُخدع الدّهر كلّه، وسيأتي اليوم الذي ينقلب فيه على السّحرة سحرهم، ويحيق بالماكرين مكرهم، ويلقون المصير الذي لقيه معلّمهم الأوّل أبو لهب، الذي أرسى دعائم إعلام الكذب والتّدليس والتّلبيس والبهتان، وسعى لطمس نور الحقّ، فأنزل الله عليه لعائنه، وطمس بصيرته، وجعل نهايته عبرة لغيره؛ لقد كاد أبو لهب يموت كمدا عندما بلغه نبأ انتصار المسلمين في بدر، ثمّ أصيب بقرحة "العدسة" التي كان العرب يتشاءمون منها، ومات بها، ولم يستطع أحد من أقاربه أن يقربه ليدفنه حتى تعفَّن في بيته، وعندما اضطرّ أبناؤه لمواراة جيفته، حملوها إلى أعالي مكة، وألقوها من علٍ ورموها بالحجارة حتى وارَوْها.
وهكذا، كما فشل إعلام أبي لهب وحمّالة الحطب في تشويه صورة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم والوقوف في وجه دعوته، فإنّ إعلام الدّجل والتّزوير لن تدوم فرحته طويلا، "وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِين" (آل عمران: 140).
فعلى الدّعاة والمصلحين والعاملين لهذا الدين، ألا يلهيهم عواء الذئاب ونقيق الضفادع عن المضيّ قدما في طريقهم للتمكين لدين الله عزّ وجلّ. عليهم ألا يحزنوا لهذا الكمّ الهائل من الأكاذيب التي تملأ الفضاء، فمصيرها يوما أن تكون هباءً ونسيا منسيا، "إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين" (الحجر: 95 99).
الدعاة إلى الله والمصلحون ينبغي ألا يستنفدوا طاقاتهم في مقارعة هؤلاء المبطلين والانشغال بترّهاتهم، فالغزال أسرع من الضّبع ولا يقع فريسة له إلا إذا أكثر من الالتفات خلفه وهو يشقّ طريقه.. نعم، ينبغي أن يتخصّص بعض المصلحين في الردّ على ترّهات إعلام الكذب وكشف زيفه، ولكنّه لا ينبغي أبدا أن تنشغل الأمّة كلّها بهذا فينسى القطار وجهته ويتأخّر عن موعده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.