الأساتذة المضربون يشارفون على الموت../تصوير: يونس.أ ثلاثون يوما من الجوع .. انخفضت أوزانهم ب 60 بالمائة من أجسادهم، منهم أستاذ كان يزن قنطارا و25 كيلوغراما فأصبح وزنه 65 كلغ فقط.. ومنهم 38 امرأة تركن أطفالهن وأزواجهن فيما أسموه "بسلاح الجوع ضد الوزارة" .. ومن الرجال من حاول الانتحار بشرب قارورة "ماء جافيل" كآخر حل بعد ثلاثين يوما قالوا عنها أنها "ثلاثين يوما من صمت الجهات المسؤولة". * * عشرة أيام للبقاء على قيد الحياة.. وتسجيل محاولتي انتحار بالجافيل * * كشف الدكتور هواري قدور رئيس المجلس الوطني للصحة العمومية أن صحة الأساتذة المضربين تدخل حالة حرجة بعد مرور 30 يوما من الإضراب، حيث أن أغلبهم فقد 60 بالمائة من أوزانهم، مؤكدا أن حالات البعض منهم جد حرجة، حيث يتواجد من بين المضربين أكثر من 15 أستاذا بقي لهم على الأكثر 10 أيام للبقاء على قيد الحياة، ومنهم من لم يعد جسده يتحمل "السيروم"، ليصبح هذا الأخير علاجا دون جدوى، كما كشف الدكتور هواري المشرف على معاينة صحة هؤلاء المضربين، أن منهم من أصيب بانخفاض حاد في معدل السكر في الدم، وتستوجب حالته نقلا سريعا وعلاجا مستمرا داخل المستشفى، قائلا "لقد نصحتهم بالتوقف عن الإضراب .. لكن دون جدوى" .. فيما أصبح جل المضربين يعانون من تشنج في العضلات، اضطرابات في الجهاز البولي، وانخفاض حاد في ضغط الدم، حيث أصبحت تتراوح درجاتهم ما بين 4 و6، وهو أمر يقول عنه أنه مؤشر خطير لصحتهم. * * * * تسجيل محاولتي انتحار في صفوف الأساتذة * * كما كشف الدكتور إلى جانب المكلفة بالإعلام، السيدة غزالي، عن دخول بعض الأساتذة في وضعية نفسية جد خطيرة .. تمثلت في إقدام اثنين منهم على محاولتي انتحار بعد إقدامهما على شرب"'ماء جافيل" وبعض المنظفات المنزلية، مما استدعى عناية نفسية فائقة بهؤلاء وإبعاد كل ما يمكن أن يشكل خطرا، حيث أقدم أحد الأساتذة المتعاقدين في تدريس مادة الرياضيات على محاولة انتحار ويوجد حاليا في وضع نفساني جد حرج، استدعى تشديد الحراسة عليه من قبل زملائه، كما أقدمت سيدة تبلغ من العمر 32 سنة على محاولة انتحار .. * * * * إما الإدماج وإما الموت جوعا .. * * وأنت تدخل إلى مقر الأساتذة المتعاقدين عن الطعام، يخيل إليك أنك في بيت يشهد حالة طوارئ ما بعد زلزال أو فيضان .. أفرشة هنا وهناك .. وأوراق مبعثرة وأخرى معلقة، علقت على إحدى الجدران ".. التعاقد إهانة للأستاذ .."، وقسّم المقر إلى أربع غرف، منها غرفتان تم تقسيمهما بين الرجال المضربين والنساء المضربات .. في البداية وجدنا صعوبة في إقناع النسوة بالكلام معنا وأخذ بعض الصور .. قبل أن نتلقى الموافقة .. دخلنا الغرفة كانت ممتلئة عن آخرها، ولا يوجد غير ثلاجة بها الكثير من الماء والسكر .. وهو طعامهم طيلة 30 يوما .. من النساء أم لولدين من الجزائر العاصمة، تركت أطفالها وزوجها قائلة: "ما أقوم به أعتبره مطالبة بأبسط حقوقي .. فأنا تحصلت على شهادة البكالوريا في وقت توقف فيه الكثيرون عن الدراسة تحت تهديد الإرهابيين .. لكني فضلت متابعة الدراسة ودخلت الجامعة .. وفيما بعد يقولون لي .. لا منصب عمل لك .. هذا ظلم!!". تتكلم أستاذة بجانبها .. "أنا لست أما، ولكن لي والد يخاف على مستقبل ابنته بلا عمل .. ". * * من بين 55 مضربا عن الطعام، 38 امرأة أغلبهم عازبات، يرون في حصولهم على عقد عمل دائم بمثابة تأمين ضد متقلبات الحياة، ويرون في الإضراب عن الطعام آخر حل أمام صمت الوزارة، حيث بدأ مسلسل اعتصامهم واحتجاجهم لأكثر من سنة، وفي كل مرة كانت أبواب الوزارة ورئاسة الحكومة موصدة في وجوههم، فلم يبق إلا خيار الإضراب .. خيار صعب ومرهق في فترة صيف ساخن جدا.. * * من جهة أخرى، يوجد الرجال من الأساتذة المضربين وأغلبهم آباء تركوا أطفالهم في وضع مؤلم هو الآخر، حيث عاينت "الشروق اليومي" وضعية البعض منهم أصبح الوقوف على القدمين بالنسبة لهم بمثابة الحركة المستحيلة، حيث لا يقوى على النهوض الكثيرين منهم إلا بمساعدة الطبيب، كما أصبحت زجاجات السيروم بمثابة المقوي الوحيد لساعة أو ساعتين من الزمن، والأخطر من ذلك دخول الكثير من المضربين في حالة من الانهيار العصبي، حتى أنهم فقدوا تحمل رؤية ملامح بعضهم ومنهم الطبيب المعالج الذي قال لنا إنه أصبح يجد صعوبة في الكلام معهم، ولم يخف الطبيب علينا أن وضعية البعض منهم كارثية، مما استدعى مرافقتهم خوفا من الانتحار بعد محاولة واحد منهم الإنتحار لأكثر من ثلاث مرات، مما استدعى إخلاء المكان من كامل المنظفات .. * * سنفطر على السيروم في رمضان .. وإضرابنا لن يتوقف * * كشف الأساتذة المضربون أن فترة مرور 30 يوما من إضرابهم لن تنهكهم على مواصلة الإضراب حتى في شهر رمضان الكريم، قائلين إنهم "سيصومون ويفطرون على السيروم والماء والسكر .. كما أن إضرابهم لن يتوقف إلا بموافقة وزارة التربية الوطنية على إدماجهم وشروطهم التي يعتبرونها مشروعة وقانونية .. وعلى حد قول أحد الأساتذة: "رفضنا الصعود إلى الجبل والحرڤة؛ لأننا لن نؤذي الجزائر .. ولكننا مستعدون للموت جوعا .. لأن عقد العمل حق من حقوقنا".