لا يوجد بلد في العالم غير مهموم بحرب جذب السواح مثل الجزائر، ويشترك المواطن مع المسؤولين على القطاع والدولة عموما في اللامبالاة التي جعلتنا نحتل ذيل الترتيب العالمي. * ولولا بعض الجزائريين الذين يدخلون بجوازات سفر أجنبية لما تزعزع رقم السياحة عن الصفر الذي ارتضيناه لأنفسنا، رغم وجودنا على ضفاف البحر المتوسط، محاطين شمالا وشرقا وغربا بأكبر الدول السياحية في العالم، ففرنسا وإيطاليا واسبانيا وتركيا والدول العربية المتوسطية التي تتواجد ضمن خيرة الدول التي تصنع السياحة في العالم لنا من حضاراتها مجتمعة في فيافينا ومدننا حتى قيل إن المدن الرومانية الأثرية الموجودة في الجزائر أكثر مما هو موجود في روما نفسها.... * وكنا نمني أنفسنا بأن يضع الارهاب أوزاره لبعث السياحة وفتح هذه المتاحف الباهرة أمام العالم، لكننا اكتشفنا أن مشكلتنا مع السياحة أعمق من الأزمة الأمنية، فالسائح ليس في حاجة الى "بودي غارد" يشل أنفاسه وشغفه وليس في حاجة الى مشاريع سياحية كبرى تسجنه بين جدرانها ونحن منازلنا أصلا نفتقدها، بقدر ما هو في حاجة الى قاعدة شعبية تقدم له ثقافتها بتلقائية وتمنحه على الأقل ابتسامة مقابل ما يقدمه هذا السائح من عملة صعبة لا يجنيها اقتصادنا، إلا من آبار حاسي مسعود، ليتأكد عجزنا في كل أنواع الصناعة الثقيلة والخفيفة وحتى التي تعتمد على الابتسامة فقط. * ما الذي يجعل دولة صغيرة مثل قطر، التي لا يزيد عدد سكانها عن ستمائة ألف نسمة، تراهن على تنظيم الألعاب الأولمبية بعد ثماني سنوات؟ وما الذي يجعل المغرب ومصر وحتى تونس وليبيا تطمح في تنظيم مونديال كرة القدم؟ وما الذي يجعلنا ونحن قارة في شكل دولة لا نطمح حتى لتنظيم الدورات الاقليمية الصغرى؟ * الإجابة الصريحة المؤلمة يمكن قراءتها ما بين أسطر ما حدث الأسبوع الماضي، في مدينة شطايبي بعنابة التي يقال إنها أجمل خلجان العالم، عندما هاجم السكان كل السواح من دون استثناء وطردوهم من بلدتهم في عز أوت، وأقسموا بأن من يدخل دارهم، فهو ليس آمن، رغم أن شباب البلدة هم من أهم زبائن زوارق الموت!!