التفجير الأخير بالبويرة "الشروق" كانت سبّاقة في الالتحاق بمكاني التفجيرين، رغم حدوثهما في وقت مبكر، حيث تمّ تسجيل خسائر كبيرة في البنايات المجاورة لنزل الصوفى بعد نقل الضحايا والجرحى وكذا إجلاء ضحايا العملية الانتحارية الثانية عند مدخل القطاع العسكري والذي تسبّب في أضرار بليغة في البنايات المجاورة وكانت للشروق دردشة مع الناجين من موت حقيقي. * لن أنسى هذا اليوم أبدا.. * * في الوقت الذي ترجانا أن لا نذكر اسمه بالكامل، راح يسرد لنا كيف أنه نجا بأعجوبة من التفجير الذي كان يبعد عنه بأمتار قليلة في انتظار الحافلة الثانية، حيث تفاجأ بدوي هائل مسّ الحافلة الأولى، مما جعله يردّد أسماء زملائه الذين ألف الذهاب معهم يوميا، ليضيف بأنه لم يتمالك نفسه وهو يشاهد الحافلة وقد أتت عليها النيران من كل جانب، خاصة في المؤخرة، مما جعله يوقن بأن أصحابه قد فارقوا الحياة لا محالة. وبنبرة تحمل كثيرا من الألم ودموعا أذرفها حسرة على ما أصاب رفقاءه متسائلا عن خلفية استهدافهم وهم العمال البسطاء! * * سائق الحافلة * "قدّر الله ماشاء فعل" ونجوت من الموت بأعجوبة * صرّح للشروق بأنه جد مصدوم، رغم أنه لم يرغب في التكلم معنا في البداية، وبعد إلحاح منّا قال: "قدّر الله ماشاء فعل"، كنت على وشك الإقلاع، فإذا بانفجار كبير يحدث في مؤخرة الحافلة وظننت في أول وهلة أني ميّت لا محالة، ومن شدّة الهول وقوة الانفجار لم أتذكر سوى صيحات زملائي الذين كان عديد منهم قد فارق الحياة ولم أستفق إلا وأنا في المستشفى. * * مصطفى 32 سنة: * نحن عمال بسطاء.. لماذا استهدفنا؟ * كنت أنتظر الحافلة عادة بحي ليكوتيك، وفي هذا اليوم، انتقلت إلى حي الصوفى وبعد أن جلست داخل الحافلة، دقائق بعدها وقعت الكارثة ولازالت في ذاكرتي صيحات إخواني الجرحى الذين فارقوا الحياة والذين كانوا يجلسون في المقاعد الخلفية. * عائلات الضحايا وصدمة الفراق * انتقلنا إلى مصلحة حفظ الجثث وكم كانت الصدمة كبيرة لدى العائلات التي فقدت فلذات أكبادها، حيث كان التدافع كبيرا عند مدخلها للتعرّف على أبنائهم، خاصة عقب سماع خبر الانفجار، عائلة غربي التي فقدت ابنها يقول مقران عم الفقيد كمال: "خدعة كبيرة أتت على زملائنا وأقاربنا وهذا قبل حلول شهر رمضان؛ هذا ليس عملا إنسانيا وقدّر الله ما شاء فعل". آخرون بكوا كثيرا ولم يستطيعوا تحمّل الصدمة. * صديق وزميل عمل للضحايا قال للشروق: "حسبنا الله ونعم الوكيل والله يتولى أمر هؤلاء المجرمين". * * تصريحات وزيري المجاهدين والصحة عند تفقدهما الجرحى بمستشفى البويرة * * اعتبر وزير الصحة السعيد بركات، الذي زار المصابين، العملية الإرهابية بالعمل الجبان، وأكد "سنكون لهؤلاء المجرمين بالمرصاد". وقد أوصى بضرورة التكفل بكل الضحايا، في الوقت الذي اعتبر فيه شريف عباس وزير المجاهدين بأن العملية الإجرامية تزامنت وذكرى 20 أوت وهذا دليل بأن الذين كانوا وراء التفجيرين هم أعداء الجزائر. * * 40 إلى 50 شخصا مصدوما * * أكد، الأربعاء، الدكتور علام، المختص في الطب العيادي أنه يوجد أكثر من 40 إلى 50 شخصا هم تحت الصدمة النفسية، خاصة من بين الجرحى الذين عايشوا الحدث عن قرب، والتكفل بهم يبقى متواصلا، ويتطلب أياما، وهذا من أجل التفريغ النفسي الموجود لديهم في انتظار الكشف عن عمق الأزمات النفسية إن وجدت.