كل الطرق في هذا الصيف الاستثنائي الحار تؤدي إلى التبريد، وبين الاجتهاد والعودة إلى تقاليد الأسلاف، تفقد الحرارة بعض درجاتها، أو على الأقل هكذا يتصوّر السكان الطيبون في جنوبالجزائر، إذ يضطر سكان البدو الرحل المنتشرون بالأرياف البعيدة جنوب ولاية البيض، بمنطقة الجليد والخنفوسي والشعالة، إلى بناء الزرائب المصنوعة من مادة الحلفاء وخشب أشجار الرتم والعرعار، لمجابهة الحرّ بعد الارتفاع القياسي في درجات الحرارة الذي تشهده المنطقة خلال هذه الأيام، والذي وصفه البعض بالتاريخي، وهي طريقة تُستعمل حتى في الصحراء الكبرى وشبه الجزيرة العربية.. وحسب السيد "م.بحوص"، فإن بُعد هذه البيوت البدائية عن النسيج العمراني، يقلل من شدة الحر، خصوصا بعد رشها وعلى فترات متباعدة بالماء، حيث تصبح باردة، كأنها تتوفر على مكيف هوائي، ويتجمعون بداخلها بعد أوقات الزوال، أين تشتد درجة الحرارة التي لا تقل عن عتبة 45 درجة مئوية في الكثير من الأحيان طيلة موسم الحر، وأحيانا تناطح الخمسين درجة، وتعتبر عادة بناء الزرائب التي تشبه الأكواخ متواصلة منذ قرون بالصحاري، ولا تزال حاضرة بقوة لدى السكان، حيث تعتبر بالنسبة إليهم المسكن المفضل بالأرياف خلال فصل الصيف، حيث يقضون معظم أوقاتهم الصيفية، لاسيما فترة الصمايم وعنصرة، إذ يسهرون فيها حتى إلى أوقات متأخرة من الليل، يجتمع فيها أفراد العائلة، يرتشفون الشاي خلال سهراتهم التي تتواصل إلى أوقات متأخرة من الليل، بطريقة تقليدية من دون تلفزيون ولا أنترنت. وما تجدر إليه الإشارة، هو أن الزرائب تنجز بمحاذاة كل خيمة، حيث يستقبلون فيها الضيوف، وكثيرا ما يتجمع فيها شيوخ الأرياف لطرح انشغالاتهم، وتبادل أطراف الحديث لحل مشاكلهم وقضاياهم، ولا يزال الكثير من سكان البدو الرحل يعتمدون في نمط حياتهم على وسائل تقليدية بدائية، لاسيما طريقة جلب مياه الشرب، ونقل مرضاهم وتوفير التموين على ظهور الإبل من مسافات طويلة، أما النسوة، فيعتمدن في تحضير الأطباق، خصوصا طهي الطعام على الحطب، ورفع الماء من قاع الآبار بواسطة جره باستعمال الجمال.